الخارجية الأميركية تتحدث عن ثلاثة مواقع إنترنتية أصولية تنشر معلومات مضللة حول الحرب في العراق

TT

دخلت الخارجية الاميركية امس على خط الحرب الاعلامية المضادة، بالحديث عن ثلاثة مواقع اسلامية على الإنترنت اتهمتها بأنها تشن على اميركا حملة مضللة. وبث موقع الخارجية الاميركي باللغة العربية امس، صفحة جديدة تحمل عنوان «الاعلام غير الدقيق»، جاء في مقدمتها أن «الإعلام غير الدقيق، سواء كان مضللا عن غير قصد أو بصورة مقصودة خبيثة، إنما يوجد الريبة ويحرك المشاعر السلبية ويقوض مصداقية الصحافي. وهدف هذه الصفحة الجديدة هو تصحيح الادعاءات الخاطئة في وسائل الإعلام حول الولايات المتحدة، وتحديد هذه المصادر، ومساعدة القراء على إصدار الأحكام الدقيقة على الأحداث الدولية المهمة». وتحدثت الخارجية الاميركية عن ثلاثة مواقع تعتبر قبلة للاصوليين للحصول على معلوماتهم الخاصة، في ما يتعلق بالحرب الدائرة في العراق وهي مفكرة الإسلام، والصوت العربي الحر، والجهاد الحقيقي.

واعتبرت الخارجية الاميركية أن مصدر معظم المعلومات المضللة هو «مفكرة الإسلام»، وهو موقع على الإنترنت باللغة العربية مؤيد لـ«القاعدة» وللمتمردين العراقيين.

وقد حاولت المواقع الثلاثة، بحسب بيان الخارجية الاميركية إطلاق بعض الروايات المضللة، التي اندثرت في مُعظمها من دون أن تترك أي تأثير يُذكر، إلاّ أن بعضها انتشر على نطاق واسع.

واضافت الخارجية في صفحتها الجديدة عن «الاعلام غير الدقيق»: «ربما كان موقع مُفكّرة الإسلام، أكبر مصدر على الإنترنت «للأخبار» غير الموثوقة حول العراق. مثلاً، في 27 مارس (آذار) 2005، زعم «نبأ» في مفكرة الإسلام ترجمه إلى الإنجليزية محرر موقع «الصوت العربي الحر»، أن أكثر من 88 جندياً أميركياً قتلوا في ذلك اليوم». والحقيقة أنه لم يُقتل أي جندي. ففي فترة الأيام العشرة الواقعة بين 20 و29 مارس 2005، ادعى الموقع أنه تم قتل أكثر من 334 جندياً أميركياً. أما الرقم الحقيقي فكان ثمانية. وكانت«الشرق الأوسط» قد أرسلت اكثر من رسالة إلكترونية الى المشرف على موقع «مفكرة الاسلام» بخصوص التقرير الاميركي الجديد، لكنها لم تتلق أي رد. إلا ان أصوليين في لندن، وصفوا التقرير الاميركي بـ«المتحامل» على المواقع الاسلامية.

وقال اسلامي مصري، ان موقع «مفكرة الاسلام» خسر أكثر من مراسل على أرض العراق.

وتحدثت الخارجية الاميركية أيضا عن محمد أبو نصر، الذي يترجم مقالات الاصوليين، وقالت عنه انه مُحرّر موقع «الصوت العربي الحر» على الإنترنت، ومترجم تقارير «مفكرة الإسلام» إلى الإنجليزية. وتدّل محتويات موقعه على الإنترنت بوضوح على أن محمد أبو نصر شيوعي. فقد نشر، مثلاً، على موقع الإنترنت، خطاباً غير مشهور عائد لسنة 1935 لخالد بكداش، الزعيم السابق للحزب الشيوعي السوري، لأنه يعتقد أن الخطاب له «تداعيات معاصرة» مهمة.

ويترجم أبو نصر بإخلاص أخبار «مفكرة الإسلام» العديدة إلى الإنجليزية يومياً وينشرها على موقعه على الإنترنت، على أساس أنها «تقارير صادرة عن المقاومة العراقية». وتُنشر هذه الأخبار أيضاً على مواقع أخرى على الإنترنت من ضمنها «الجهاد الحقيقي». وبث موقع «الصوت العربي الحر»، مقالات منها «المعركة على جبهة المصطلحات في الصراع العربي ـ الصهيوني»، و«من هم المؤرخون المراجعون»، و«لماذا يجب أن تعنينا المحرقة اليهودية»، و«من المستفيد من الهجمات على مساجد الشيعة في العراق؟»، و«الإعلام المقاوم: رؤية جديدة»، و«القنابل البشرية في ميزان الحق العام». وكشفت الخارجية الاميركية في تقريرها مثالا على المعلومات المضللة، عندما نشر موقع «مفكرة الإسلام» في 18 ديسمبر (كانون الاول) 2004، تقريرا يدّعي أن رسالة من سجينة في أبو غريب تُدعى فاطمة، كانت سبب هجوم على السجن. وقد ادعت فاطمة في الرسالة، التي يبدو أنها من دون شك مُفبركة، أنها اغتُصبت مراراً وتكراراً هي و13 فتاة أخرى.

واكد موقع الخارجية الاميركي، انه لأساس من الصحة إطلاقاً للاتهامات الواردة في الرسالة، ويبدو أن فاطمة نفسها لم يكن لها وجود أبداً. فقد كانت في سجن أبو غريب ست إناث فقط تم اعتقالهن فيه مؤقتاً في تواريخ مختلفة، بين يوليو (تموز) وأواسط ديسمبر 2004، من بينهن اثنتان نقلتا لتلقي العلاج في المرفق الطبي. ولم يَدم توقيف أي منهن أكثر من 10 أيام. كما لم يتم الاعتداء جنسياً على أي منهن.

وعلى الرغم من أن مزاعم «رسالة فاطمة» كانت ملفقة ولا أساس لها من الصحة، فإن الطبيعة المثيرة والشائنة للتهم ضمنت إعادة نشر الرسالة على نطاق واسع على مواقع الإنترنت وتداولها بواسطة البريد الإلكتروني. ونشرها موقع «الجهاد الحقيقي» في 24 ديسمبر 2004.

وفي 7 يناير (كانون الثاني) 2005، زعم موقع «مفكرة الإسلام» أن فاطمة قتلت خلال هجوم تعرض له سجن أبو غريب ذاك اليوم. وكان هذا الزعم ملائماً، إذ عنى أنه لم يعد بالإمكان سؤالها عن الرسالة التي من المفترض أنها كتبتها، إلا أنه لم يكن هناك أي هجوم على سجن أبو غريب في 7 يناير، تماماً كما لم يكن هناك أي وجود حقيقي لفاطمة نفسها.

وحول موقع «الجهاد الحقيقي» الاصولي الذي دأب على بث بيانات «القاعدة » وبن لادن، واخرها دراسة عن استراتيجية «القاعدة » حتى عام 2020، ويبث جميع مواده بالانجليزية، قالت الخارجية الاميركية: «موقع الجهاد الحقيقي تملكه وتنشره امرأة كندية، اعتنقت الإسلام في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)».

واضافت ان لموقع الجهاد الحقيقي سِجلا حافلا بنشر المزاعم التي لا يمكن التعويل على صحتها إطلاقا. ففي 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، مثلاً، نشر الموقع تقريراً يقول فيه إن هجوماً شُنّ في 21 نوفمبر على قاعدة أميركية في مدينة بلد في العراق، أدى إلى مقتل 270 من أفراد القوات المسلحة الأميركية. والحقيقة هي أنه لم يٌقتل أي فرد من القوات المسلحة الأميركية في ذلك اليوم.

وكثيراً ما ينوه موقع «الجهاد الحقيقي» بتقارير موقع «مفكرة الإسلام»، ويشيد بدقتها، مثلما فعل في 19 ديسمبر 2004. لكنه بعد ذلك بشهرين، كشف عن بعض التحفظات حول دقة تقارير «مفكرة الإسلام». ففي 23 فبراير (شباط) 2005، نشر محتوى رسالة أرسلها إلى «مفكرة الإسلام» يقول فيها «إننا ندرك تماماً أن هناك الآن عداءً عائلياً بدأ يختمر، وأن «مفكرة الإسلام» تعرض حالياً لهجوم من جانب العديد من مواقع الأنباء العربية ومواقع المجاهدين... لقد أصبحت أصوات منتقديكم أكثر ارتفاعاً. وجمعت مواقع «مفكرة الإسلام»، ومحمد أبو نصر، و«الجهاد الحقيقي» قواها لنشر الرواية الكاذبة القائلة إن القوات الأميركية استخدمت غاز الخردل في الفلوجة بالعراق. هذه المعلومات المضللة كررتها لاحقاً وكالة الأنباء الرسمية الكوبية برنسا لاتينا، وكذلك الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز. وذهب موقع «الجهاد الحقيقي» إلى حد طرح عدة تساؤلات علناً حول «مفكرة الإسلام»، من بينها «ما سبب كون أعداد الإصابات الأميركية التي تصرح بها مجموعات المجاهدين إلى مواقع الأخبار الأخرى أقل بكثير من الأعداد التي تنقلها مفكرة الإسلام»؟

من جهته قال أبو مبارك مسؤول موقع «مفكرة الإسلام» في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، حيث يقيم في الرياض: «نحن نقدم من العراق عملا صحافيا مهنيا من الدرجة الأولى، وفي الأساس نحترم أنفسنا ونحترم قراءنا، ونعتمد بصفة أساسية على المعلومة، من جهة المكان وجهة الوصف. وكشف عن مقتل 11 مراسلا لمفكرة الاسلام، خلال الحرب الدائرة في العراق. وقال إن لديهم 33 مراسلا في العراق في الوقت الحاضر، يتركزون في معظم المدن الكبرى. وأشار إلى أن صدقية موقعهم الخبرية، ربما غاظت الأميركيين. وأوضح أن موقعهم يبث من سيرف رئيسي في كندا، أما بالنسبة للتمويل، فهو ذاتي، لأنهم يعتمدون على الإعلانات على الموقع بصفة أساسية. فيما أن مسؤولا آخر من الموقع قال لـ«الشرق الأوسط»، ماذا ينتظر من أميركا أن تقول عن مفكرة الاسلام»، وأغلق الجوال متعللا بنفاذ الشاحن.