المغرب يلغي زيارة رئيس الحكومة الجزائرية له.. ويعتبرها غير مواتية

TT

اعتبر المغرب الزيارة التي كان رئيس الحكومة الجزائرية احمد او يحيى يعتزم القيام بها ابتداء من 21 من الشهر الجاري، على رأس وفد وزاري، غير مواتية. وقال بيان اصدرته وزارة الخارجية المغربية امس ان «المواقف المعبر عنها خلال الاسابيع الاخيرة من طرف السلطات الجزائرية تتعارض بشكل واضح مع اهداف التطبيع الثنائي والتقارب بين الشعبين الشقيقين وإحياء عملية بناء اتحاد المغرب العربي». واشار بيان وزارة الخارجية المغربية الى ان مواقف الحكومة الجزائرية تتعارض مع الالتزامات الثنائية التي تم التعهد بها على اعلى مستوى والقاضية بالعمل على تطوير العلاقات الثنائية والمغاربية مع ترك مسألة البحث عن حل سياسي ونهائي للنزاع حول قضية الصحراء المغربية للامم المتحدة.

وترك البيان امر زيارة او يحيى للمغرب معلقاً الى حين صدور موقف جزائري منسجم وتوضيح النوايا الحقيقية، الحالية والمستقبلية، فيما يتعلق بعلاقات الجزائر مع المغرب والبناء المغاربي.

ويشير اعلان وزارة الخارجية المغربية بوضوح الى استمرار التوتر في العلاقات بين الرباط والجزائر جراء مواقف هذه الاخيرة المتكررة من نزاع الصحراء والمنحازة كلية الى اطروحة الانفصال التي ترفعها جبهة البوليساريو، والتي بلغت اقصى مداها من خلال الرسالة التي بعثها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى محمد عبد العزيز، امين عام جبهة البوليساريو، قبيل القمة المغاربية الاخيرة في طرابلس، الامر الذي دفع العاهل المغربي الملك محمد السادس الى الغاء مشاركته في القمة، خاصة انه، كما يوضح بيان وزارة الخارجية المغربية، كان قد تم الاتفاق مع الرئيس بوتفليقة اثناء القمة العربية على فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين تأخذ بعين الاعتبار مصالحهما الكبرى المشتركة.

لكن توالي صدور مؤشرات عن الجزائر، نظر اليها المغاربة بعين الريبة، وقللوا في نفس الوقت من تأثيرها السلبي، ذلك ان الرئيس بوتفليقة اسند وزارة الخارجية الى محمد البجاوي، الذي يتذكر المغاربة مواقفه المتشددة في محكمة لاهاي الدولية خلال مرافعاته دفاعا عن لا مغربية الاقاليم الصحراوية التي كانت تحتلها اسبانيا الى غاية 1975، ثم خروجها منها بناء على اتفاق مدريد المبرم بين المغرب وموريتانيا واسبانيا، وهو الاتفاق الذي اثار غضب الرئيس هواري بومدين، الذي اوفد في ذلك الحين الى مدريد اقرب مساعديه للاحتجاج لدى الدولة الاسبانية التي كانت مشغولة باحتضار الجنرال فرانسيسكو فرانكو.

تجدر الاشارة الى ان او يحيى كان سيصل المغرب يوم 21 من الشهر الجاري على رأس وفد حكومي يضم على الخصوص محمد البجاوي، وزير الخارجية، الذي كان سيزور المغرب لاول مرة بصفته الجديدة، كما كان مقررا ان يرافق او يحيى وزير الداخلية، يزيد زرهوني، الذي يعرفه المسؤولون المغاربة جيدا، اذ سبق له ان اجتمع بهم مرارا خلال الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين.

ويأسف المغاربة حكومة واحزابا وشعبا للمواقف الجزائرية المتحمسة والمنحازة لجبهة البوليساريو، ويستغربون كيف تخلت جارتهم الشرقية عن حماسها الثوري المفرط للقضايا التي كانت تتبناها في السابق، ولم تبق على ثوريتها إلا بخصوص الصحراء. ويقارن المغاربة كل ذلك بمواقف بلادهم وسياستها حيال الجزائر، التي لم تغامر باستغلال الاوضاع الصعبة التي مرت بها جارتهم خلال عقد التسعينيات، حيث اتسمت سياسة الجوار بالابتعاد عن الحرائق التي ظلت مشتعلة بالجزائر.

ويرى ملاحظون ان الغاء زيارة او يحيى من الجانب المغربي هو بمثابة الموت الرحيم لاتحاد المغرب العربي، ويأتي هذا الالغاء عقب اجراء المغرب مشاورات مع الدول المغاربية الثلاث: ليبيا وتونس وموريتانيا، حيث حمل محمد بن عيسى، وزير الخارجية المغربي، رسائل من العاهل المغربي الى قادة تلك الدول، لم يكشف النقاب عن طبيعتها، باستثناء ما اشارت اليه وسائل الاعلام الرسمية، من كون الرسائل الملكية تتعلق بمستقبل اتحاد المغرب العربي وسبل تفعيله.

ولوحظ في هذا السياق ان بن عيسى استثنى الجزائر من جولته المغاربية، وفسر ذلك في حينه بانه ما دام سيستقبل بعد ايام نظيره الجزائري محمد البجاوي في الرباط فلا توجد ضرورة في سفره الى الجزائر. وعلى الرغم من كون العلاقات المغربية ـ الجزائرية ليست بالصورة المبتغاة وذلك منذ عقود، ومرت بفترات توتر عالية، فانها المرة الاولى التي تعلن فيها الرباط صراحة عن رغبتها في عدم استقبال مسؤول بمستوى رئيس الحكومة في الجزائر.

ويتزامن التطور الجديد والمفاجئ في علاقات البلدين مع الحملة التي يقودها المغرب داخليا وخارجيا لحشد المدافعين عن حقوقه التاريخية في محافظاته الجنوبية، كما انه نقل المواجهة مع جبهة البوليساريو الى الخارج باشراك المجتمع المدني والجاليات المغربية المقيمة ببعض البلدان الاوروبية.