إيران: الاصلاحيون يتهمون مؤسسات الدولة بتزوير الانتخابات ويطالبون خامنئي بالتحقيق

احمدى نجاد «مفاجأة» الانتخابات يخوض جولة اعادة مع رفسنجاني

TT

فى مفاجأة غير متوقعة، تمكن محافظ طهران المتشدد محمود احمدي نجاد مع الرئيس الايرانى السابق على اكبر هاشمي رفسنجاني من الحصول على اكبر عدد من الاصوات في النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة الايرانية، وبالتالى سيخوضان جولة اعادة هى الاولى في تاريخ الجمهورية الايرانية منذ 1979. وفيما كان متوقعا ان ينال رفسنجانى عددا من الاصوات تمكنه من خوض جولة اعادة، جاءت نتيجة احمدى نجاد، الذي يعتبر اكثر المرشحين تشددا مفاجأة الى حد كبير الامر الذي دعا المرشح الاصلاحى رئيس البرلمان السابق مهدى كروبى الى اتهام مجلس صيانة الدستور بتزوير النتائج لصالح نجاد، داعيا المرشد الاعلى اية الله على خأمنئى الى فتح تحقيق فورى. وفى اول رد فعل له على النتائج اظهر نجاد ارائه المحافظة، مؤكدا معارضته اقامة اى علاقات مع الولايات المتحدة الاميركية في الظروف الراهنة. وقالت وزارة الداخلية الايرانية امس بعد فرز غالبية الاصوات ان رفسنجاني حصل على 20.8 في المائة من الاصوات التي ادلي بها وعددها 28.85 مليون صوت تمثل 62 في المائة من العدد الاجمالي للناخبين المؤهلين، بينما حصل احمدي نجاد على 19.3 في المائة. وقال مصدر مطلع طلب عدم الكشف عن اسمه ان النتائج لا تشمل الاصوات التي ادلى بها الناخبون الايرانيون في الخارج، لكنه اضاف انها ليس من المتوقع ان تؤثر النتائج المتبقية على مراكز متصدري قائمة المرشحين في الانتخابات. ونظرا لعدم حصول اي من المرشحين السبعة على نسبة 50 في المائة على الاقل من الاصوات فسيخوض رفسنجاني واحمدي نجاد جولة اعادة يوم الجمعة الموافق 24 يونيو (حزيران).

غير ان احباط المرشحين الاصلاحيين من النتيجة كان كبيرا، خاصا مصطفى معين ابرز المرشحين الاصلاحيين، ورئيس مجلس الشورى الايراني السابق الاصلاحى مهدي كروبي المرشح ايضا في الانتخابات. واتهم كروبى المحافظين المتشددين الداعمين لمنافسه محمود احمدي نجاد «بتزوير» العملية الانتخابية في ايران. وقال رجل الدين المعتدل للصحافيين امس «حصلت تدخلات غريبة. وحصل نقل اموال». واضاف «يمكنهم ان يلاحقوني امام القضاء، الا انني سأعطي كل اسماء الاشخاص الموجودين في السلطة لادافع عن نفسي«. واعلن انه سيطلب من المرشد الاعلى علي خأمنئي ان يأمر بفتح تحقيق حول مجلس صيانة الدستور، الهيئة المحافظة المشرفة على الانتخابات، ووزارة الداخلية المكلفة تنظيم الانتخابات، والحرس الثورى (الباسدران) والميليشيات الاسلامية (الباسيج). واضاف «كان في امكان مجلس صيانة الدستور ان يعين السيد احمدي نجاد من دون انتخاب بالنسبة الي هذه الانتخابات مزورة».

ومن غير المتوقع ان يؤدى خوض نجاد الجولة الثانية الى طمأنة الولايات المتحدة، فقد اعلن نجاد انه يعارض اقامة علاقات بين ايران والولايات المتحدة في ظل الظروف القائمة. وقال خلال مؤتمر صحافي عقده امس اثر الاعلان عن تأهله الى الدورة الثانية، ان «الجمهورية الايرانية مستعدة لتطوير علاقات مع غير المعادين لها. اذا نظرتم الى مواقف الرئيس الاميركي حول انتخاباتنا، ستفهمون ما اعنيه«. واضاف ان «الجمهورية الايرانية مستعدة لاقامة علاقات مع العالم اجمع. الا ان هذا يجب ان يندرج في اطار مصلحتنا الوطنية«. وشكك الرئيس الاميركي جورج بوش الخميس عشية الدورة الاولى من الانتخابات الايرانية، في ديمقراطية هذه الانتخابات. وردا على سؤال عن الاتهامات التي وجهها المرشح مهدي كروبي الذي حل ثالثا حول «تزوير» الانتخابات، قال احمدي نجاد «انه حر في التعليق كما يرغب. الذين لا يختارهم الشعب خلال عملية انتخابية يميلون دائما الى التشكي». وردا على سؤال لصحافيين اجانب حول الموقف الذي سيعتمده في حال اصبح رئيسا ازاء الليبرالية الاجتماعية التي ارساها الرئيس محمد خاتمي، قال «في نظأمنا، تصل الحرية الى ابعد مما يمكنكم تصوره». واكد هذا الضابط السابق في حراس الثورة، الجيش العقائدي للنظام، انه لم يكن يوما عنصرا في الاستخبارات الايرانية. ونفى وجود اي رغبة لدى الجمهورية الاسلامية للتزود بالسلاح النووي. وقال «لا نحتاج الى ذلك. فهذا لا يتلاءم مع ثقافتنا ولا مع معتقداتنا الاسلامية». واضاف «سنواصل المفاوضات من اجل الدفاع عن حقوق شعبنا» الايراني، في اشارة الى المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي حول الملف النووي الايراني. وبدأ احمدي نجاد مؤتمره الصحافي بتلاوة آيات من القرآن. وقد استقبله انصاره بهتافات «احمدي نجاد انهض من اجل محاربة الفقر والفساد والتمييز» و«وصلت روح رجائي«، في اشارة الى ثاني رئيس للجمهورية الاسلامية محمد علي رجائي الذي اغتيل في 1981.

وهذه هي المرة الاولى منذ الثورة الايرانية في عام 1979 التي لا تسفر فيها الانتخابات عن فائز في الجولة الاولى. وقال نائب وزير الداخلية محمود ميرلوحي للصحافيين «كانت الانتخابات غير متوقعة تماما ولا يمكن لاحد ان يتكهن بالنتيجة النهائية». وبعد حملة انتخابات نشطة على النمط الغربي واعلانات في التلفزيون واجتماعات صاخبة في الشوارع قالت وزارة الداخلية انه أقبل على التصويت نحو 32 مليون ناخب يمثلون 69 في المائة من الناخبين المؤهلين. وقد ذكرت مصادر قريبة من وزارة الداخلية امس ان حوالى 68% من الناخبين الايرانيين ادلوا بأصواتهم الجمعة في الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية، موضحة ان هذا الرقم اعلى بكثير من الرقم الذي سجل في 2001، فأطاح كل التوقعات التي كانت تتحدث عن نسبة امتناع كبيرة عن التصويت. واضافت هذه المصادر التي لم تشأ الكشف عن هويتها، ان 32 مليون ايراني تفوق اعمارهم الخامسة عشرة من اصل 46 مليون مسجل، توجهوا الى اقلام الاقتراع.

وقد هنأ اية الله خأمنئي الايرانيين على الاقبال الكبير على التصويت الذي فسره على انه دحض للانتقادات الاميركية بأن الانتخابات غير نزيهة بسبب القيود التي فرضت على الترشيح. وقال «بمشاركتكم الحكيمة في الانتخابات أعلنتم مرة اخرى ارادتكم القوية لكي تكونوا مستقلين وللدفاع عن القيم الاسلامية والتحلي بديمقراطية اسلامية».

وقال ان الناخبين الايرانيين وجهوا ردا مدويا الى الرئيس الاميركي جورج بوش. وتابع «انتم، الامة الواعية، انتم الشباب المتحمس والملتزم، انتم النساء والرجال الاوفياء، رددتم على خطاب بوش بفضل وجودكم الملحمي وضميركم«. واضاف في كلمة تليت عبر التلفزيون الايراني الرسمي امس «في خطابه المليء بالمواقف المسبقة، وصف الرئيس الذي لحق به العار والذي وصل الى السلطة بفضل مال شركات صهيونية ساعدته لكي يدافع عن مصالحها غير الشرعية، انتخاباتكم بانها غير عادلة وغير صحيحة«. ووصف جورج بوش بانه «مجرم ابو غريب وغوانتانامو«. وكان الرئيس الاميركي قال الخميس ان «ايران يحكمها رجال يقمعون الحرية في بلدهم وينشرون الارهاب في العالم. السلطة بأيدي قلة غير منتخبة تستأثر بها من خلال عملية انتخابية تتجاهل القواعد الاساسية للديمقراطية». وجاء في رسالة المرشد الاعلى «بحضوركم القوي والكثيف والمجيد احبطتم مرة اخرى مؤامرة عدوكم». واضاف ان «مشاركتكم الحية والمندفعة في الانتخابات اثبتت مرة اخرى ان الديمقراطية الاسلامية تشكل جزءا من المؤسسات كما اساسات هذه الامة، كما الجذور. وان هذه الشجرة، بحيويتها، اذلت كل الرياح المعاكسة». واشار الى ان تصويت الايرانيين هو قبل كل شيء «مؤشر التزام بالجمهورية الاسلامية وبالاستقلال الوطني والدستور«. غير ان صحيفة «شرق» الايرانية المؤيدة للاصلاح رفضت الافكار التي اشارت الى ان الاقبال الكبير على التصويت جاء بمثابة رد على واشنطن أو علامة على ان اساليب الحملة الانتخابية هي التي اجتذبت الناخبين. ومن ناحيته، قال الرئيس الايراني الاصلاحى محمد خاتمي للصحافيين ان الانتخابات كانت «صحية تماما»، والنتيجة لن تخرج الاصلاحات التي بدأها خلال توليه السلطة لمدة ثماني سنوات عن مسارها. وقال «الاصلاحات تخص الشعب ولا علاقة لها بالرئيس التالي». واضاف «وهذا يعني ان الديمقراطية لم تعد سلعة مستوردة وانما هوية ايرانية أصلي».