ميقاتي «مستعد» لترؤس الحكومة اللبنانية الجديدة ويحمل قانون الانتخاب مسؤولية «التوزيعات الطائفية»

قال إنه لمس تفهماً دولياً حول موضوع سلاح «حزب الله»

TT

اعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي استعداده لترؤس الحكومة الجديدة التي ستشكل بعد انتهاء الانتخابات «اذا كان في المرحلة المقبلة مقومات النجاح والانجاز». وامل ميقاتي ان تعود الامور الى طبيعتها سريعاً في ظل التعبئة التي لم يشهد لبنان لها مثيلاً، معتبراً ان الكلام الطائفي الذي يقال فيها «احد الاسلحة الانتخابية»، متوقعاً ان لا يكون هناك «ارجحية مطلقة لأي كتلة في المجلس النيابي الجديد»، ومحملاً قانون الانتخابات الحالي مسؤولية «تكوين مجلس نيابي على اساس توزيعات طائفية».

واكد ميقاتي ان اجتماع باريس الذي شارك فيه أخيرا سفراء دول اجنبية في لبنان ومسؤولين في الصناديق الدولية «لم يخرج باتجاه لفرض حل او اصلاح على لبنان»، مشدداً على انه لمس خلال زيارته الى الامم المتحدة «تفهماً لوجهة نظر لبنان من موضوع المقاومة»، معتبراً ان الموضوع «يحتاج الى متابعة وحوار» ورأى انه على اللبنانيين ان يقوموا بحوار وطني جامع حول موضوع «حزب الله» وسلاحه.

وقال ميقاتي في حديث لاذاعة «صوت لبنان» امس تعليقاً على اجواء الانتخابات في شمال لبنان: «ان المشكلة بدأت مع قانون الانتخاب الجائر وغير العادل، وبالتالي فإن كل ما سينتج عن هذا القانون سيكون في السياق ذاته. ورغم ان الدائرة الثانية في منطقة الشمال متساوية من حيث عدد الاصوات بين مختلف الطوائف، فإن التعبئة القائمة لم يشهد لبنان لها مثيلاً في تاريخه، ولكن نأمل ان تعود الامور الى وتيرتها الطبيعية سريعاً». معتبراً «ان التحالفات القائمة في الشمال هي بين اطياف مسيحية واسلامية، والكلام الطائفي الذي يقال هو احد الاسلحة الانتخابية، ولكننا واثقون ان الامور ستعود سريعاً الى طبيعتها وسنعود بعد الانتخابات الى الخطاب الوطني الجامع».

وتمنى ميقاتي على المرشحين جميعاً «ان يحولوا الشعارات التي طرحوها خلال المعركة افعالاً ملموسة اثناء عملهم النيابي»، ودعا الجميع الى «عدم التلهي بالقشور الماضية، وبالانتقائية في طرح الملفات، ولننظر جميعاً الى لبنان المستقبل لنبنيه معاً بأمانة وصدق. وانا واثق بأن كل الناس هي التي ستنبذ الفاسدين والمرتكبين من تلقاء نفسها».

وعن تأثير معركة الشمال على شكل الكتل في المجلس النيابي، قال ميقاتي: «مهما كانت نتائج معركة الشمال، فلن يكون هناك، في رأيي، كتلة واحدة داخل المجلس النيابي، بل كتل متحالفة مع بعضها البعض. ان نتائج معركة الشمال يمكنها ان تحسن وضع الكتل النيابية ولكنها لن تعطي ارجحية مطلقة لأي كان». واستبعد ميقاتي استمرار التحالفات القائمة بعد الانتخابات. وقال: «اذا عدنا الى التاريخ الانتخابي، نلاحظ ان ليس هناك تحالفات مطلقة، بل معالم تحالفات ووعي بضرورة التفات كل طرف الى الآخر والسعي للتفاهم معه على قواسم مشتركة». واعرب عن اعتقاده ان «المجلس سيكون موزعاً بين ست كتل هي: كتلة حركة «امل» وكتلة «حزب الله» وكتلة «النضال الوطني» (التي يرأسها النائب وليد جنبلاط) وكتلة «تيار المستقبل» وكتلة تيار العماد ميشال عون والمستقلون». ورأى ان «القانون الانتخابي الحالي يؤدي الى تكوين مجلس نيابي على اساس توزيعات طائفية، ولذلك كنا تقدمنا في السابق بمشروع انتخابي يعتمد الدمج بين النظامين الاكثري والنسبي ويؤدي الى الخروج من الطائفية»، مشدداً على انه «لا يمكن الانطلاق بوضع قانون انتخابي جديد من دون اعتماد قانون للاحزاب، لكي تجرى الانتخابات على اساس البرامج السياسية لكل حزب».

وعما اعلنه رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ديتليف ميليس اول من امس، قال: «ان ميليس عرض للوقائع المتوافرة بنتيجة التحقيق، وحاول وضع الرأي العام في صورة تحقيقاته وهو سيكمل عمله لفترة ثلاثة اشهر قابلة للتجديد ثلاثة اشهر اخرى. واننا نأمل الاسراع في التحقيق لكشف الحقيقة، ومستعدون لاعطائه كل الدعم اللازم للقيام بعمله». ورداً على سؤال عما توصل اليه التحقيق في اغتيال الصحافي سمير قصير، قال ميقاتي ايضاً: «ان التحقيق في هذا الملف متقدم جداً، ويتم التوسع فيه لكشف كل المعطيات. وانا واثق اننا سنصل الى معرفة متقدمة لكشف الحقيقة».

وحدد ميقاتي اولويات عمل المجلس النيابي الجديد «وفي مقدمها وضع قانون جديد للانتخابات وقانون الاحزاب وقانون اللامركزية الادارية واطلاق ورشة المعالجة الاقتصادية، المالية والاجتماعية الشاملة، لان الهوامش قد ضاقت امامنا ولم يعد هناك اي مجال الا الاسراع في ورشة النهوض الشامل والمعالجة السريعة والجذرية». وعما تبلغه من نتائج اجتماع باريس الذي ضم عدداً من السفراء والمسؤولين في الصناديق الدولية، قال: «ان ما فهمته من اجواء المجتمعين ان لا اتجاه لفرض اي حل او اصلاح على لبنان، وان التوجه هو ان يأتي الاصلاح والحل من اللبنانيين من خلال فريق عمل يتمتع بالمناقبية والصدقية، في مقابل استعداد الدول المانحة تقديم اي مساعدة يطلبها لبنان». وقال: «اجتماع باريس كان مدماكاً اساسياً لمؤتمر الدول المانحة الذي نأمل عقده في الخريف المقبل». وعن علاقته مع رئيس الجمهورية العماد اميل لحود خلال فترة توليه رئاسة مجلس الوزراء، قال: «ان هذه الفترة شهدت تعاوناً مثمراً بيني وبين فخامة الرئيس، رغم بعض التباينات التي لم تتخذ ابداً الطابع الشخصي، بل كانت منطلقة من المصلحة اللبنانية وحدها. هذه التباينات لم تخرج ابداً عن الطابع الدستوري والقانوني، وقد حققنا بتفاهمنا وتفهمنا لبعضنا البعض انجازات كبيرة».

ورداً على سؤال عما اذا كانت الضغوط الدولية ستتواصل بهدف استكمال تطبيق القرار 1559، قال ميقاتي: «ان لبنان ايد القرار 1559، وبالتالي فهو مؤيد للشرعية الدولية وليس ضدها. واعتقد انه بالاقناع والحوار يمكن ان نصل الى تفسير البنود الاخرى من القرار، ولا سيما ما يتعلق منها بالمقاومة، التي نعتبرها شرعية، ومعترفا بها في تفاهم ابريل (نيسان) 1996، وليس ميليشيا». واضاف: «خلال زيارتي الى الامم المتحدة لمست تفهماً لوجهة النظر اللبنانية، ولكن هذا الموضوع يحتاج بالتأكيد الى متابعة وحوار. ونحن كلبنانيين خيارنا ان نقوم بحوار وطني جامع حول موضوع «حزب الله» وسلاحه، لكي يأتي الحل خلاصة تفاهم لبناني وتفهم من قبل المجتمع الدولي».

ورفض ميقاتي تعديل اتفاق الطائف، معتبراً انه «يجب تنفيذ اتفاق الطائف كاملاً قبل البحث في تعديله» معتبراً انه «من منطلق الحرص الوطني على جميع اللبنانيين، ليس من مصلحة احد فتح باب التعديل او التغيير».

وعن طرح اسمه لرئاسة الحكومة الجديدة، قال ميقاتي: «ليس مطلبي ان اسعى لأي مركز او مقام، بل هدفي هو الانجاز لمصلحة الوطن. واذا كانت المرحلة المقبلة فيها مقومات النجاح والانجاز فلن اتردد في تحمل المسؤولية، ولكن اذا لم تكن هناك رؤية شاملة للانجاز، فلن اقبل بالتأكيد». مشدداً على انه طوال تحمله المسؤولية (رئاسة الحكومة) لم يفعل الا ما يرضي ضميره واخلاقه ووطنيته، وقال: «طموحي كان وسيبقى خدمة وطني والمساهمة في نجاحه. انني مستمع دائم الى كل الآراء والتوجهات، ولكنني في النهاية عندما يكون هناك قرار لا انطلق الا مما يرضي ضميري ومصلحة وطني».