نداء عراقي إلى المجتمع الدولي لمساعدته على غرار ما فعل مع ألمانيا بعد الحرب الثانية

رايس دعت في مؤتمر بروكسل جيران العراق «وخصوصا سورية» إلى تأمين حدودها

TT

وجه العراق امس نداء الى المجتمع الدولي لمساعدته امنيا وسياسيا واقتصاديا على غرار ما حصل لالمانيا بعد الحرب العالمية الثانية من اجل اعادة اعماره ومكافحة التمرد الذي وصفه رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري بأنه «صراع ارادات بين الخير والشر»، فيما شددت الولايات المتحدة على ضرورة ان يؤمن جيران العراق «وخاصة سورية» حدودهم مع العراق لمنع دخول المقاتلين اليه.

وفي كلمة خلال افتتاح المؤتمر الدولي حول العراق الذي بدأ في العاصمة البلجيكية، بروكسل، امس قال الجعفري ان «الحكومة العراقية تناشدكم ان تدعموا العملية الامنية والسياسية والاقتصادية في العراق». واوضح ان «تجربة التعامل مع المانيا بعد الحرب العالمية الثانية وفق مشروع مارشال وما أدر على الشعب الالماني من الدعم ادى الى دفع المانيا باتجاه الاستقرار والامن».

وحث الجعفري الدول المانحة على «تقديم اكبر قدر ممكن من المساعدات لدعم الخدمات والمساهمة في البناء والالتزام بتعهداتها حيال العراق ومراعاة الاولويات من منظور عراقي لغرض معالجة المشاكل الضاغطة على الشعب». واضاف «نريد ان نحقق الاستقلال الاقتصادي والسياسي، وان نزيد كفاءة قوات الأمن من دون ان نتحول الى دولة أمنية».

وقال رئيس الوزراء العراقي «نأمل ان يكون وجود القوات المتعددة الجنسيات في العراق مؤقتا، وان تتولى قواتنا الخاصة المهام التي تقع على عاتقها بعد التأكد من ان الدول التي يتسلل منها الارهابيون تتحمل جديا مسؤولياتها وتضمن امن حدودها». واضاف «نريد ان تحترم سيادة العراق ونريد ايضا احترام سيادة الدول المجاورة». وتابع الجعفري «ذلك هو قاعدة سياستنا الخارجية: ان يكون العراق عامل استقرار وليس مصدر تهديدات». واعلن ان حكومته «ملتزمة ببناء عراق مستقر سياسيا واقتصاديا ودستوريا، عراق يحترم حقوق الانسان». ودعا الجعفري الى ادانة الارهاب، وقال «يجب ان تتكاتف جهودنا لمواجهة الارهاب، وان تتجاوز الإدانة مستوى الخطب الى تحديد الآليات وتعبئة كل الإمكانات لكي نصون حقوق الانسان في كل مكان». كما دعا الى «تحقيق حضور ثابت ومستقر للبنك الدولي والمفوضية الاوروبية للتواصل مع الوزارات باعتبارها تنفيذية وتجنب البيروقراطية وتطوير برامج التدريب للأيدي العراقية لرفع كفاءتها في القوات المسلحة والكوادر المدنية».

واكد المسؤول العراقي ضرورة ان تفتح دول العالم «سفاراتها في بغداد وتكرار الزيارات التي شهدتها الايام الماضية وارسال الوفود الى بغداد للاطلاع على ما يجري بدل الاستماع عن بعد».

من ناحيتها، حثت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس كافة الدول على تقديم الدعم المادي الذي وعدت به لبغداد وطالبت جيران العراق، وخاصة سورية، بتأمين حدودها مع العراق. كما حثت الحكومة العراقية على تعزيز الأمن وفتح نظامها السياسي والاقتصادي. وقالت «لقد اتفقنا على العمل معا لبناء شراكة دولية مع العراق (...) ان الشعب العراقي الشجاع يطلب منا الوقوف معه، وهو يستحق دعمنا الكامل». وقالت «جميع الدول يجب ان تقدم الدعم المالي الذي تعهدت به بالفعل لحكومة العراق». إلا انها اضافت انه تترتب على العراق «التزامات»، واوضحت «لتعزيز الفوائد المالية للمساعدات الى الحد الاقصى يتعين على الحكومة العراقية ان تواصل تحسين الأمن وتحرير اقتصادها وفتح المجال السياسي لكل اعضاء المجتمع العراقي الذين يرفضون العنف»; من بينها «الاستفادة بأكبر قدر ممكن من المساعدات، كما على الحكومة العراقية مواصلة تحسين الأمن وتحرير الاقتصاد وفتح الساحة السياسية أمام كافة أطياف المجتمع العراقي التي ترفض العنف». وقالت «ان على جيران العراق، وعلى الاخص سورية، تأمين حدودها من هؤلاء الذين يسعون الى تدمير تقدم العراق».

من ناحيته، دعا الاتحاد الاوروبي الى «دور محوري» للأمم المتحدة في العراق. وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن الذي تتولى بلاده الرئاسة حاليا ان الاتحاد يريد «دورا محوريا حقيقيا» للامم المتحدة في العراق، واضاف «ندعو الى تعزيز مسؤوليات منظمة الامم المتحدة». واوضح ان «شرعية الامم المتحدة وانحيازها وخبرتها اسباب تبرر ضرورة ان تلعب هذه المنظمة دورا محوريا» في العراق. ودعا الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان قادة العالم الى ترجمة اقوالهم بالافعال وذلك بالمساعدة على اعادة اعمار العراق، مؤكدا ان عليهم تطمين العراقيين بانهم «لن يخذلوهم». وفي كلمته امام المؤتمر، حيا انان «شجاعة وصلابة» شعب العراق وقادته الذين قال ان عليهم ان يضعوا خلافاتهم جانبا لبناء مستقبل مشترك.

وقال انان ان الشعب العراقي «يتطلع الى هذا المؤتمر على انه مؤشر واضح بان المجتمع الدولي سيكون الرفيق الاكيد والمخلص على الطريق الصعب الذي امامه». وتابع «بكلماتنا، والأهم من ذلك، بافعالنا، يجب ان نطمئنهم اننا لن نخذلهم». ودعا انان مختلف الاطياف الاجتماعية والدينية العراقية الى دعم الدستور الذي يجري العمل على صياغته، وقال «اننا معجبون بشجاعة وصمود (الشعب العراقي) في سعيه لاعادة بناء البلاد».

غير انه قال «ان التسوية والمصالحة وليس العنف هي سبل التقدم الى الأمام. وعلى العراقيين ان يجدوا في انفسهم السبيل للتواصل ومعالجة القضايا التي ربما يختلفون عليها». وقال دبلوماسيون ان الاعلان الختامي للمؤتمر سيدعو العراق ودول المنطقة الى اقامة او تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع العراق، وخصوصا «التعاون بينها» في مجال مراقبة الحدود لمكافحة النشاطات الارهابية. وهذا النداء موجه ضمنا الى سورية، خصوصا، والتي تتهمها الولايات المتحدة والعراق باستمرار بتسهيل دخول مقاتلين اجانب الى العراق. ويحث البيان الختامي العراق وجيرانه على التعاون بشأن جبهة الأمن ويدعو جميع الدول الى اعادة العلاقات الدبلوماسية أو تعزيزها مع بغداد. كما يحث كبار دائني العراق على تقديم تخفيف سخي لديون بغداد، ويتعهد بدعم جهود العراق للانضمام الى منظمات مثل منظمة التجارة العالمية.

ويعقد المؤتمر برعاية الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وبمشاركة مسؤولين من 85 حكومة ومنظمة اقليمية ودولية، بينها دول جوار العراق.