بري يتجه لرئاسة رابعة للبرلمان اللبناني متجاهلا معارضة الأميركيين والفرنسيين له

TT

بدأت ولاية المجلس النيابي اللبناني الجديد، وانتهت معها ولاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، المرشح الابرز لولاية رابعة في رئاسة البرلمان رغم المعارضة «الاميركية والفرنسية» لاعادة انتخابه، كما يقول تصريحاً قريبون من بري وتلميحاً النائب وليد جنبلاط.

انتخابات رئاسة المجلس ستجري الثلاثاء المقبل. وحتى ذلك الحين سيداوم رئيس السن ادمون نعيم في مكتب رئيس مجلس النواب في خطوة لافتة لا سابق لها. ذلك ان اكبر اعضاء مجلس النواب سناً يرأس الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس المجلس فقط دون اي صلاحيات اخرى، علماً انه اذا لم يحضر الى جلسة الانتخاب، يترأسها اكبر الحاضرين سناً وفقاً للنظام الداخلي لمجلس النواب. وقد بررت مصادر بري حضوره بانه نوع من «تكريم» لنعيم من قبل الرئيس بري وبطلب منه.

ويتربع بري على سدة الرئاسة البرلمانية منذ العام 1992، بعيد انتخابه نائباً لأول مرة. وقد عزز دعائم زعامته البرلمانية مستنداً الى قاعدة تمثيل شيعية واسعة، حيث كان ينتخب بأصوات تفوق المائتي الف صوت في كل مرة (بسبب ضم دائرتي الجنوب). واستطاع ان يصل الى رئاسة اتحاد البرلمانات العربية.

وقد تعرضت ادارة بري للجلسات لانتقاد واسع من اطراف المعارضة المسيحية، على خلفية عدم اقرار قانون جديد للانتخابات والإبقاء على قانون العام 2000 ساري المفعول. وطرح هؤلاء اشكالية «حق رئيس المجلس في عدم ادراج القوانين على جدول اعمال الجلسات»، فكان رد بري ان سمح لأحد النواب المعارضين بالاطلاع على مضمون مكالمة هاتفية من النائبة نايلة معوض (ابرز المطالبين بالقانون الجديد) تناشده ابقاء القانون القديم (للعام 2000) ما احدث انقساماً في صفوف المعارضين انفسهم. كما اثار الامر اعتراض العماد ميشال عون الذي اتهم بري بالدخول في صفقة مع تيار الرئيس الراحل رفيق الحريري والنائب وليد جنبلاط تتضمن ابقاء قانون الـ 2000. وقد اعلن عون صراحة معارضته اعادة انتخاب بري قائلاً ان اعضاء كتلته سيضعون «اوراقاً بيضاء» في صندوق الاقتراع.

وتردد ايضاً ان التحالف الرباعي الذي ضم «تيار المستقبل» وجنبلاط وبري و«حزب الله» توافق على ترشيح بري للرئاسة، لكن سعد الدين الحريري تمهل في اعلان موقفه لدى تعليقه على نتائج الانتخابات بانتظار «المشاورات مع الحلفاء».

اما جنبلاط فأعلن صراحة تأييده ترشيح بري للرئاسة، وقال في حديث ادلى به اخيراً ان لا معنى لأي مقارنة بين المطالبة بإقالة رئيس الجمهورية اميل لحود والمطالبة بعدم تجديد ولاية بري لأن الاول «مددت ولايته خلافاً للدستور والاستاذ بري جرى استفتاء شعبي حوله عبر الانتخابات النيابية». ساخراً من «النغمة الغربية المعروفة والتي تقول: ازيلوا بري نزيل لحود وبالتالي لا نزيل احداً فيصطادونا واحداً واحداً». مشيراً الى انه يعارض موقف حليفيه نايلة معوض وسمير فرنجية الرافضين لاعادة انتخاب بري.

ورئاسة المجلس النيابي، وفقاً للتوزيع الطائفي للسلطة في لبنان، هي من نصيب احد نواب الطائفة الشيعية وعددهم 28 نائباً ينضوي 24 منهم تحت لواء حركة «امل» التي يرأسها بري و«حزب الله» المتحالف معه، ما يعني ان المنافس الوحيد لبري قد يكون واحداً من اربعة هم: النائب عباس هاشم المنتخب على لائحة العماد ميشال عون وبأصوات انصاره في منطقة كسروان حيث الغالبية المسيحية. والنائبان غازي اليوسف وباسم السبع من تيار الرئيس الراحل رفيق الحريري، وقد رشح السبع بري للرئاسة قبيل اجراء الانتخابات. اما النائب الرابع فهو الرئيس السابق لمجلس النواب والرئيس السابق لحركة «امل» حسين الحسيني (خَلَفه بري في الرئاستين).

حتى الآن يبدو لواء الرئاسة معقوداً لبري، لكن اشارات قد تكون «مقلقة» لبري صدرت من اكثر من مكان، فالحسيني اعلن اول من امس ترشيحاً خجولاً لرئاسة المجلس، عبر بيان اصدره ولم يقل فيه صراحة انه مرشح، لكنه ابدى فيه عدم رضاه عن ادارة بري للمجلس بقوله: «هل نحن في صدد تكرار الخيبات في ممارسة نظامنا البرلماني؟»، معتبراً ان المطلوب من رئاسة المجلس دستورياً ادارة اعمال المجلس بنزاهة وكفاءة، لا التحكم بعمله او تعطيله، مهما تكن النصوص القانونية او الدستورية التي تمنح الصلاحيات او تحددها. وان المطلوب منها وطنياً الاسهام في اندراج اللبنانيين جميعاً في مسيرة بناء الدولة. وهذا لا يكون بالخلط بين المنصب الدستوري والزعامة الطائفية، رغم العرف في توزيع الرئاسات». وقال: «ان رئيس مجلس النواب هو رئيس مجلس نواب كل لبنان وليس الزعيم الاوحد لطائفة» في اشارة ضمنية الى رفضه ترشيح بري الذي ترشحه الغالبية الساحقة من نواب طائفته. ودعا الحسيني «من يرغب من النواب بترشيح نفسه مبيناً.. التزامه اجتناب الاخطاء التي وقعت في الممارسات السابقة».» اما «حزب الله»، حليف بري الاوثق حالياً، فقد اصدر اشارة غريبة بكلام لرئيس كتلته النيابية محمد رعد قال فيه ان الحزب يدعم «حتى اللحظة» رئاسة بري. وعندما سئل لماذا قال «حتى اللحظة» اجاب: «لان الامور تتقلب بسرعة فائقة في البلد وكل لحظة تطرأ تحولات». لكن كتلة حزب الله اعلنت امس، بعد اجتماعها برئاسة حسن نصر الله، عن قرار بدعم ترشيح بري. وتجتمع اليوم كتلة بري لإعلان ترشيحه رسمياً لولاية جديدة، بعدما امتنع هو عن التصريح برغبته بولاية جديدة حتى الآن.

يذكر ان ولاية رئيس المجلس هي اربع سنوات، ولم يرد في الدستور او النظام الداخلي ما يمنع انتخاب الرئيس لأكثر من ولاية مهما تكرر الانتخاب. غير ان الدستور يجيز للنواب لمرة واحدة بعد عامين من انتخاب رئيسه ونائب رئيسه وفي اول جلسة يعقدها ان ينزع الثقة من رئيسه او نائبه بأكثرية الثلثين من مجموع اعضائه بناء على عريضة يوقعها عشرة نواب على الاقل وقد اتسم وجود رؤساء المجالس بالثبات منذ العام 1970. اذ ترأس الرئيس كامل الاسعد المجلس منذ ذلك التاريخ حتى العام 1984. فيما ترأس الرئيس الحسيني المجلس بعده حتى العام 1992. ولا يزال بري في الرئاسة منذ ذلك الحين.