اختتام المؤتمر الشرق أوسطي ـ الآسيوي بالتأكيد على «القواعد الذهبية» لمستقبل الحوار

نائب وزير الخارجية الفلسطيني: نريد الاستفادة من تجربة سنغافورة

TT

قال داتو جوزيف سالانغ، وهو نائب وزير الخارجية الماليزي ورئيس وفد بلاده الى مؤتمر «الحوار الشرق أوسطي ـ الآسيوي» (آميد) الذي اختتم اعماله مساء امس في سنغافورة، ان الملتقى نجح في بث الامل باقامة علاقات اقوى بين المنطقتين. وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ان «الباب بات مفتوحا، ولم نعد نسترق النظر الى بعضنا البعض عبر النافذة بل اصبح بوسعنا الدخول من الباب الواسع ماضين على طريق فهم كل منا للآخر بصورة افضل».

وتصدر الاعراب عن الرغبة بمتابعة الحوار التوصيات الختامية التي اشتملت على الاعلان عن ان الدورة الثانية للمؤتمر غير المسبوق ستعقد في مصر بعد عامين، فيما ستستضيف المملكة العربية السعودية الدورة الرابعة في 2011.

ولدى تقديمه الملاحظات الختامية، استشهد البروفسور السنغافوري تومي كوه، رئيس المؤتمر، في معرض محاولته لرسم صورة مستقبل الحوار بـ«القواعد الذهبية» التي اشتملت عليها ورقة الدكتور كمال ابو المجد، استاذ القانون في جامعة القاهرة، وتحدد القواعد الاربع المتعلقة بوجوب استماع كل جانب لرأي الآخر بدلا من السعي الى اقناعه بوجهة نظره، والاقرار بأن «الخلافات ستكون دائما موجودة بين الثقافات المختلفة»، وعدم تخيل أي كان انه «يحتكر الحكمة لوحده» لأن لكل ثقافة مواطن قوتها وتميزها، وادراك ان «الحوار لا يرمي بطبيعته الى اثبات خطأ الآخر بل الى العثور والتركيز على الارضية المشتركة». وأعرب كوه عن تأييده لدعوة ابو المجد بأن يتجاوز «آميد» العموميات ويسعى الى اتخاذ «اعمال ملموسة لتحسين علاقات الافراد (من المنطقتين) بعضهم ببعض، والاعمال والتجارة والروابط الاخرى بين آسيا والشرق الأوسط».

وشدد رئيس المؤتمر في كلمته الختامية على وضوح المبررات التي من شأنها ان تدفع المنطقتين الى مزيد من التعاون، خصوصا انهما تواجهان جملة من التحديات المشتركة. فاضافة الى «تحديات العولمة»، ثمة هم يشغل ابناء الشرق الاوسط وآسيا على حد سواء وهو يتعلق بكيفية «رفع مستوى مواطنينا الحياتي من خلال خلق فرص التعليم والعمل والنمو الثقافي والروحي». كما ان كلا منهما يحاول العثور على الصيغة الناجعة لوضع نظام سياسي يستجيب لحاجات شعوبهما من دون ان يتناقض مع الخصوصيات التاريخية والثقافية لدول المنطقتين.

واستعرض البروفسور كوه ابرز النقاط الواردة في عدد من الكلمات الرئيسية التي اشتملت على رسالة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس الوفد السعودي الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير، و«الوزير الرفيع المستوى» في الحكومة السنغافورية غوه تشوك تون. كما توقع عند مداخلة قدمها وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله، مسلطا الضوء على العلاقات التاريخية العريقة بين الشرق الأوسط وآسيا والتشابه الكبير بينهما، مما يوفر فرصة كبيرة لتحقيق حوار بناء وتعميق الروابط التي تجمعها.

أما وزير التنمية الجزائري، عبد الحميد تمار، الذي قاد وفد بلاده الى المؤتمر، فلفت في مداخلته الى ان الجزائر ليست على «خريطة تصورات» رجال الأعمال الآسيويين البارزين الذين لم يحاولوا مد جسور التعاون معها. واعتبر ان قلة من رجال الاعمال الآسيويين يدركون ان الجزائر تتمتع باقتصاد قوي وانها انتقلت اخيرا من مرحلة الاقتصاد الذي يدار مركزيا الى اقتصاد السوق. كما ان هؤلاء في رأيه يجهلون غالبا تطبيق الجزائر لبرنامج خصخصة واسع شمل مشاريعها الاستثمارية المتعلقة بالبنية التحتية. وسلط الضوء على اهمية شمال افريقيا كقوة اقتصادية كبيرة تضم اثنتين من الدول الرئيسية المصدرة للنفط والغاز (الجزائر وليبيا)، فيما تزدهر الزراعة والسياحة في بعض دولها الأخرى كتونس والمغرب.

ومن ناحيته شدد امس وزير الخارجية التايلاندي، كانتاثي سوفامونفخون، الذي تغيب عن جلسات اليوم الاول (الثلاثاء) لأسباب اضطرارية، على رغبة بلاده في تعزيز علاقاتها مع الشرق الاوسط. وتطرق الوزير الذي تشهد بلاده «تمردا» اسلاميا في جزئها الجنوبي، الى التمييز على اساس ديني و«التشويه» الذي يتعرض له الاسلام على يد فئات متشددة، وقال «ان صوت الاسلام الحقيقي هو صوت الاعتدال». وأكد ان بلاده تعارض بشدة «التمييز القائم على اساس ثقافي او ديني هو عرقي، ونحن نحاول احلال السلام والامن من جديد في المناطق الجنوبية، وذلك عن طريق الحوار والتسامح». ودعا «آميد» الى الافادة من «التعددية الثقافية» التي تتميز بها المنطقتان، معتبرا ان هذا الاختلاف والتمايز من شأنه ان يكون اداة فعالة تغني الآسيويين والشرق اوسطيين.

من جهته اثنى نائب وزير الخارجية الفلسطيني، عبد الله عبد الله، الذي ترأس وفد بلاده الى مؤتمر «الحوار الشرق أوسطي ـ الآسيوي» في سنغافورة، على الملتقى، مشددا على اهميته كاجتماع واسع «لم يكن فيه سيد ومسود». وقال في لقاء مع «الشرق الأوسط» عقب الجلسة الختامية مساء امس، ان ممثلي فلسطين عوملوا بحفاوة جاءت «اكبر مما كان متوقعا»، لا سيما ان الدولة المضيفة معروفة بقربها من اسرائيل. وذكر انه اجرى اتصالات ناجحة مع مسؤولين كبار بغرض التماس المساعدة لتعلم تجربة الجزيرة الصغيرة حجما والماردة اقتصاديا. واعتبر ان امكانيات سنغافورة الطبيعية والبشرية لا تختلف كثيرا عما تتمتع به غزة، سوى ان الاخيرة تخضع لاحتلال يسلبها حريتها وقدرتها على الانطلاق الى الامام.

يشار الى ان اللجنة الفرعية التي ناقشت مسائل الاصلاحات السياسية في آسيا والشرق الاوسط نوهت في توصياتها النهائية بجهود السلطة الوطنية الفلسطينية لجهة التزام النهج الديمقراطي رغم خضوع شعبها للاحتلال. وجاء في التقرير النهائي لهذه اللجنة ان الشعب الفلسطيني يمثل حالة مميزة باعتباره يتمتع بالديمقراطية مع انه فاقد لاستقلاله.

وقال عبد الله إن أهمية المؤتمر تنبع من نقطتين أساسيتين، الأولى انه يمثل نقلة جديدة غير مسبوقة بالنسبة للعرب، والأخرى انه تم في مناخ سادته المساواة بين الأطراف كلها.

وأوضح أن اللقاء جاء «بمبادرة من سنغافورة التي كانت علاقاتها بالعالم العربي (أخيرا) اقل متانة مما ينبغي». وأضاف «وأرادت هذه المبادرة أن تدرس الأوضاع التي تهم العالم العربي بمجملها، ولا يمكن فصل قضية فلسطين عن هذه المسائل».

وفي معرض شرحه لأسباب ارتياحه لنتائج المؤتمر، قال عبد الله ان السلطة الوطنية راغبة في الاستفادة من تجارب الآخرين الذين سبقوها الى إنجاز عربة البناء الاقتصادي. وأوضح «على سبيل المثال، سنغافورة ذات المساحة الجغرافية المحدودة والمصادر الطبيعية التي تكاد تكون صفرا، تعتبر رائدة تتصدر الدول النامية والمتقدمة». وأضاف «غزة لا تختلف كثيرا من حيث ضيق المساحة وتوفر العقول والخبرات البشرية، لكنها بحاجة الى حرية والى دراسة تجربة هذه الدولة للاستفادة منها».