بري رئيساً للبرلمان اللبناني للمرة الرابعة والمعارضة المسيحية صوَّتت بـ «ورقة بيضاء»

نال 90 صوتاً من 128 وتعهد تنفيذ اتفاق الطائف وإطلاق جعجع

TT

بدأت امس مرحلة جديدة في لبنان مع بدء المجلس النيابي الجديد اعماله بانتخاب الرئيس نبيه بري لولاية رابعة له، تمهيداً لتسلم المعارضة السلطة عبر الحكومة الجديدة التي ستبدأ الاستشارات لاختيار رئيسها غداً الخميس. ونال الرئيس بري اصوات 90 نائباً من اصل 128 نائباً، بعدما دعمته الكتل الرئيسية الكبرى المتمثلة بكتلة سعد الحريري وكتلة النائب وليد جنبلاط وكتلة «حزب الله»، بالاضافة الى كتلته النيابية. فيما صوّت 37 نائباً من نواب الكتل المسيحية الكبرى (كتلة العماد ميشال عون و«القوات اللبنانية» و«لقاء قرنة شهوان») بأوراق بيضاء.

وقد انعقد مجلس النواب امس لاول مرة منذ انتخابه بكامل اعضائه، فحضر النائب سعد الحريري الذي احتل مقعد والده الشهيد رفيق الحريري، والنائب ميشال عون العائد من المنفى بعد 15 سنة وستريدا جعجع زوجة قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع الموجود في سجن وزارة الدفاع بانتظار اول جلسة تشريعية للمجلس لاصدار قانون العفو عنه.

وترأس اكبر اعضاء المجلس النيابي سناً الدكتور ادمون نعيم (87 سنة) الجلسة يعاونه اصغر الاعضاء سناً. وقد القى نعيم كلمة لفت فيها النواب الى «موضوعات هامة اثيرت اخيراً في المجال العام»، متحدثاً عن قناعته بأن «التحقيقات والملاحقة التي قررها مجلس الأمن لكشف مصممي الجريمة (اغتيال الحريري) ومنفذيها ستصل في النهاية الى كشف هؤلاء، تماماً كما وصلت اليه التحقيقات والمحاكمات في جناية تفجير طائرة لوكربي مهما طالت اعمال التحقيق والمحاكمة. وسيعاقب المجرمون تطبيقاً للقانون اللبناني اياً تكن المحاكم التي ستنظر في القضية»، مشدداً على «ضرورة اقتراح قانون جديد للانتخابات النيابية» و«ضرورة اصدار قانون عفو عن الدكتور سمير جعجع لان قضيته سياسية وطنية بامتياز» قائلاً: «لا يعقل، بعدما رفعت الوصاية عن لبنان ان يستمر الاعتقال». كما طالب بـ «عدم الجمع بين النيابة والوزارة» وبضرورة اعادة فتح محطة «ام. تي. في» التلفزيونية المقفلة بقرار قضائي. وكان اول المقترعين النائب ابراهيم كنعان (وفقاً للترتيب الابجدي) وآخرهم النائب يوسف خليل، ليتبين بعد فرز الاصوات ان بري نال 90 صوتاً مقابل 37 ورقة بيضاء وورقة واحدة حملت اسم النائب باسم السبع (تيار الحريري).

بعدها تسلم بري الرئاسة من نعيم والقى كلمة امل فيها ان يتمكن النواب «من الوفاء بالتزاماتهم التي قطعوها خلال الانتخابات النيابية». وبعدما ذكّر بالانجازات التي حققها المجلس السابق، اعلن ان المجلس الحالي «يحمل الامانة من المجلس السابق، ويتخذ صفة الادعاء تجاه جريمة كبرى ارتكبت بحق الوطن هي اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والزميل باسل فليحان، ومحاولة اغتيال الصديق النائب مروان حمادة. وسيواصل متابعة هذه القضية بتكليف محامين نواب لمتابعتها حتى كشف النقاب عن المحرضين والمخططين والمنفذين والمتواطئين والمقصرين والاقتصاص منهم». فعلا التصفيق الشديد داخل القاعة.

واكد بري في كلمته ان المجلس النيابي «مسؤول تماماً عن وضع اتفاق الطائف بكامل بنوده موضع التطبيق». وقال: «لا بد ان نكون مستعدين من اجل تجديد دور مجلس النواب في عملية الحوار والوفاق الوطني وتعزيز دور المجلس كضامن لدولة القانون، والى اعتماد مقاربة مبنية على حقوق الانسان في العمل البرلماني، والى تعزيز التعاون البرلماني الدولي لمجلس النواب. وبالتالي وبأسرع وقت ممكن وأستطيع القول منذ الآن وقبل نهاية الشهر المقبل، اي قبل نهاية شهر يوليو (تموز)، اصدار قانون عفو في اول جلسة تشريعية عن الدكتور سمير جعجع وعن موقوفي عنجر والضنية».

وكشف بري انه طلب من دوائر المجلس قبل 3 اشهر «وضع خطة لبلوغ هذه الاهداف تقوم على تحويل مجلس النواب الى خلية عمل مكثف تعمل مع كل القوى الحية من احزاب ومؤسسات رأي عام ثقافية واعلامية ونقابات، لفتح حوار واسع لصياغة اقتراحات تؤسس لمشاريع او لاقتراحات قوانين في جميع المسائل المنصوص عليها في اتفاق الطائف، وخصوصاً قانون الانتخابات وقانون الاحزاب وقانون اللامركزية الادارية وقانون التعليم للجميع وبرنامج واحد للتاريخ في لبنان والجامعة اللبنانية والانماء المتوازن، ووضع دراسات عن مقاربة الغاء الطائفية السياسية وانشاء مجلس الشيوخ واستقلالية القضاء وتنظيم الاعلام وقانون الجنسية، وتطوير قدرات المجلس على مراقبة اعمال الحكومة ومساءلتها»، معلناً عن «جلسات محاسبة اسبوعية للحكومة لمدة ساعة على غرار ما يحصل للعديد من الدول بالاضافة الى ما نص عليه النظام الداخلي».

بعدها استكمل المجلس عملية انتخاب هيئة مكتبه، فانتخب النائب فريد مكاري (تيار المستقبل) نائباً للرئيس بغالبية 99 صوتاً مقابل 26 ورقة بيضاء وورقة حملت اسم انطوان سعد، كما فاز النائبان ايمن شقير (كتلة جنبلاط) وجواد بولس كأميني سر والنواب ميشال موسى (كتلة بري) وسيرج طورسركيسيان (تيار الحريري) ومحمد كبارة (التكتل الطرابلسي) كمفوضين.

وفي ختام الجلسة طلب النائب جبران تويني الكلام بالنظام مطالباً بـ «التنويه بنتائج الانتخابات لانها الاولى التي تجرى بعد الانسحاب السوريَ»، فقاطعه بري مطالباً اياه بالسكوت «لأن هذا الكلام ليس بالنظام» وقال: «نحن نحرص على العلاقة المميزة مع سورية».

وبعد الجلسة اعلن النائب ميشال عون انه سيتعاون مع الرئيس بري «على اساس البرنامج الذي لديه، خصوصاً ان لدينا برنامجنا وسنناقش كل المواضيع»، معلناً ان مشاركة تياره بالحكومة «مرتبطة بالاتصالات والمشاورات التي سنجريها مع الاطراف. وهناك الوقت الكافي للاتصالات»، واصفاً كلمة بري بـ «الممتازة». لكنه قال: «تبقى العبرة بالتنفيذ».

واعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط «ان كلمة الرئيس بري في الجلسة تعبر عن توجهات الكتل الرئيسية وخصوصاً لجهة تطبيق اتفاق الطائف» مشيراً الى «ان المجلس الجديد يعبّر عن ارادة اللبنانيين».

وكان النائب جورج عدوان عقد قبل الجلسة مؤتمراً صحافياً في مكتبه، لاعلان قرار «القوات اللبنانية» التصويت بورقة بيضاء في انتخابات رئاسة المجلس النيابي «تعبيراً عن الرأي العام الذي تمثله القوات»، لكنه قال ان العلاقة مع بري ستكون «منفتحة جداً وتبنى على المواقف والطريقة التي ستدار بها الامور». وقال: «هناك مبادرة ايجابية تتمثل بالبرنامج الذي وضعه الرئيس بري في حال نجاحه، ونحن كقوات لبنانية سنتعامل مع المواقف والآراء، وانطلاقاً من ذلك نؤكد انفتاحنا على اي شيء بناء وخصوصاً عملية الاصلاح وامكان تطبيق البرامج المطروحة»، رافضاً اعتبار «موقف القوات ضد الطائفة الشيعية في ظل الالتفاف الشيعي حول الرئيس بري». وقال: «لقد حققت القوات اللبنانية انجازاً كبيراً لا يتجسد بعدد النواب الذين انتخبوا من الكتلة بل بمدى انطلاق القوات اللبنانية ارادياً لاحياء العيش المشترك المتوازن وفتح صفحة جديدة تقوم على المصالحة مع كل اللبنانيين. ويشكل الشيعة فئة واسعة وفعالة واساسية في بناء الوطن، وانطلاقاً من ذلك ومن سياسة القوات سنتعاطى بكل انفتاح مع هذه الطائفة».