مؤتمر الدوحة للأديان: شخصيات دينية مسيحية ترى أن أميركا أعادت مسيرة الحوار الديني إلى مربعها الأول

غياب شيخ الأزهر والبابا شنودة

TT

شدد أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على أهمية أن يخرج المتحاورون في مؤتمر الدوحة الثالث لحوار الأديان من العموميات إلى البحث في العمق وفي القضايا التفصيلية، وذلك في سبيل تكوين وعي معرفي لدى كل طرف عن الآخر. وأكد لدى افتتاحه أمس لفعاليات المؤتمر ضرورة تجسيد سبل التعاون المشترك من أجل حل الصراعات المزمنة التي ينطوي على تسويتها تحقيق السلام. وحدد الشيخ حمد في كلمته الافتتاحية مسارات حث على الأخذ بها ومنها تطوير المعرفة المتبادلة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، مشيرا إلى أهمية ترجمة المراجع الأساسية للديانات الثلاث إلى اللغة العربية واللغات الأجنبية المهمة، أما المسار الآخر الذي دعا إليه الأمير فهو «التركيز في الحوار على الموضوعات الاجتماعية والثقافية لتحقيق التعاون الذي ننشده»، ورأى أن كل حوار ذي طبيعة دينية يتسم بحساسية خاصة وأن العقبة السيكولوجية التي لها علاقة مباشرة بالموروث الثقافي هي «إحدى العقبات الأساسية التي ينبغي علينا تجاوزها من أجل أن يعطي حوارنا ثماره».

ولفت أمير قطر إلى أن «المنطق الاستشراقي الذي ساد في السابق ركز على ابراز ما بين الشرق والغرب من تناقضات في سياق من التفكير العنصري والمتعصب ضد كل ما هو ليس غربيا ليجسد تلك المواقف التي تحتاج إلى إعادة نظر». وتحدث برنارد كانوفيتش ممثل المؤسسات اليهودية في فرنسا عن أهمية إجراء حوار مثمر من أجل الأجيال المقبلة بين المسلمين والمسيحيين واليهود، منوها بالتقاليد الفرنسية وتجربة التعايش في فرنسا. أما الجانب المسيحي فتحدث عنه رئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط للكاثوليك النائب البطريكي للأقباط الكاثوليك الأب يوحنا ثابت قلته الذي ركز في كلمته على الحالة الروحية في عالم المعاصر، وشدد على أنه ليس أمام البشرية إلا درب للتعايش والبناء والسلام، مؤكدا أن البشرية متعددة الأديان والتراث والقيم، مذكرا أن هناك دولا استطاعت أن تتعايش فيها الأديان من دون أن تحدث حساسيات ومن هذه الدول فرنسا.

من جهته دعا موريس برومان من مركز الحوار الاسلامي المسيحي في فرنسا الى أن يركز المؤمنون من كل الأديان على العوامل المشتركة في سبيل التعزيز الإنساني وتكون مبنية على الاحترام المتبادل وحق الآخر في الاختلاف وان تشدد هذه المجالات في التعاون على خدمة البشر واحترام كرامة الإنسان والعمل على صيانتها من خلال وقوف من سماهم المؤمنين أمام التحديات ومنها تشريعات قتل الإنسان مثل الإجهاض أو الإماتة الرحيمة وغيرهما. وشدد برومان على أن يقتدي البشر بالفعل الإلهي وان يكون الالتزام بالأشياء التي دعا إليها الخالق في الكتب المقدسة حيال التعامل الإنساني مع بقية الناس، مشيرا إلى أن الله لم يحدد في كتبه من هم الناس لكنه جعلها مطلقة لكي يحصل الجميع على الأسس البشرية المشتركة. وختم بالقول إن الحوار الإسلامي المسيحي يجب أن ينظر إليه على اعتباره أساسا للحياة اليومية في مختلف البلدان، مبينا أن التعارف بين الأديان مهم حتى لا يكون هناك جهل من كلا الطرفين بالآخر.وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال برومان إن الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة الأميركية من خلال احتلال العراق أثرت على مسيرة الحوار الديني في العالم إضافة إلى أنها أرجعتها إلى الوراء كثيرا. وأكد برومان أن الأوروبيين وخصوصا الفاتيكان أدرك من فترة مبكرة من القرن الماضي أن هناك ضرورة لتجاوز أخطاء الماضي والبدء في صفحة جديدة من الحوار مع العالم الإسلامي، حيث بدأت مفاهيم في الاختفاء مثل الحروب الصليبية والجهاد والكراهية المتبادلة، لكن ما يحدث الآن في العراق أعاد مسيرة الحوار إلى المربع الأول حيث بدأت هذه المصطلحات في العودة مجددا إلى الساحة الدينية.

وفي إطار الجلسة الأولى بين الحاخام رولاندو مالتون من مجمع بني جيشورين في نيويورك في الولايات المتحدة ذكر أن الديانات السماوية جميعها تدعو إلى التسامح وان ديانات مثل الإسلام أثبتت ذلك من خلال التسامح الديني الذي يجده غير المسلمين في العالم الإسلامي، وأوضح أن هناك يهودا حول العالم هم ضد قمع الحريات ومع العيش الإنساني، مبينا أن كثيرا من الأشياء التي تثار ضد اليهود بسبب أفعال المتطرفين منهم، لكنه أكد أن كل دين فيه جماعات متطرفة لكن الواجب ألا يعمم ذلك، وبين أن الديانات تدعو إلى العدالة والسلام الحقيقيين.

من جهته تناول الدكتور علي محيي الدين القرة داغي رئيس قسم الفقه والأصول في كلية الشريعة في جامعة قطر وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في كلمته في الافتتاح عن الجانب الإسلامي القرآن الكريم وهو كتاب حوار وأن الإسلام يشدد على الحوار والدعوة بالتي هي أحسن، كما وجه انتقادات شديدة إلى الاحتلال في فلسطين والعراق، وقال إن الإسلام يرفض الإرهاب، لكنه أكد المقاومة المشروعة للمحتل في كل الأديان. وأضاف أن العنف والإرهاب موجودان لدى فئة قليلة من جميع أهل الأديان، وأن ما يحدث في العالم الإسلامي يعود إلى الظلم والكبت والاستبداد والاحتلال، وقال إن المسلمين يتعرضون للاحتلال من الغرب مرات عدة وأن أرض فلسطين المحتلة تعاني من الظلم والاضطهاد منذ أكثر من نصف قرن كما تعرض شعب فلسطين مسلمين ومسيحيين للتهجير والإيذاء والإذلال ولا يزالون. من جهة أخرى، حمل أستاذ الفلسفة والحضارة الإسلامية في جامعة محمد الخامس في الرباط الدكتور عبد المجيد الصغير المنظمات الكنسية في العالم مسؤولية إعاقة الحوار الإسلامي والمسيحي لأنها، كما يرى، تجاهلت مقررات الفاتيكان. وأضاف في مشاركته أمس في الجلسة الأولى من جلسات مؤتمر حوار الأديان في الدوحة أن الاجتماع الذي عقدته المؤسسات المسيحية في كولورادو في الولايات المتحدة في 1978 والتوصيات التي خرجت بها كانت وراء انتكاسة الحوار الإسلامي المسيحي.

تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر الدوحة الثالث يغيب عنه عدد من الرموز الدينية المهمة في العالم الإسلامي، حيث أن شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي لم يحضر إضافة إلى الشيخ يوسف القرضاوي الذي تشير مصادر قطرية إلى أنه حاليا خارج البلاد في حين يغيب من الجانب المسيحي البابا شنودة بابا الاقباط إلى جانب شخصيات يهودية اسرائيلية، حيث لفت القائمون على تنظيم المؤتمر أن الهدف من المؤتمر التحاور بين الأديان، وأن عددا من الشخصيات الدينية اليهودية في إسرائيل يغلب عليها التعصب.