إسرائيل «تقصف» اللبنانيين بمنشورات تتهم «حزب الله» بالمغامرة بمستقبلهم وتهدد بإعادة «سنوات الفزع»

فرنسا تدعو لأخذ تهديدات تل أبيب بـ«جدية»

TT

هددت إسرائيل اللبنانيين بالعودة الى «سنوات الفزع» في حال كرر «حزب الله» هجماته على مواقعها في مزارع شبعا المحتلة التي يطالب لبنان إسرائيل بالانسحاب منها. وقد نفذت الطائرات الإسرائيلية فجر أمس غارات وهمية فوق مناطق الجنوب اللبناني وضاحية بيروت الجنوبية، ملقية مناشير تحمِّل الحكومة اللبنانية مسؤولية «كل عمل عدائي ينطلق من أراضيها ضد إسرائيل». وفيما اعتبرت وزارة الخارجية اللبنانية و«حزب الله» أن هذه المناشير خرق لسيادة لبنان، دعا السفير الفرنسي في بيروت برنار إيمييه الى اخذ التهديدات الإسرائيلية «بكثير من الحذر والجدية».

وأتت العملية الإسرائيلية، وهي الأولى في نوعها منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، رداً على مكمن نصبه «حزب الله» أول من أمس لدورية إسرائيلية قال إنها تخطت الحدود باتجاه الأراضي اللبنانية مما أدى الى مقتل جندي إسرائيلي وجرح 4 آخرين، إذ قامت الطائرات الإسرائيلية بإلقاء مظلات تحمل أجهزة نثرت المناشير فوق مناطق شاسعة من ضاحية بيروت الجنوبية والمدن الجنوبية الكبرى، صيدا وصور والنبطية. ووجهت المناشير الى «الشعب اللبناني وحكومته» وحملت توقيع «دولة إسرائيل» وجاء فيها: «عاد حزب الله المعروف بخدمته لمصالح أجنبية، ونفذ أعمالا إرهابية داخل أراضي دولة إسرائيل كي يجرها الى ردة فعل، الأمر الذي يخدم وجوده الإرهابي. هذه الأعمال عديمة المسؤولية قد تجر وراءها الهدم والخراب، وتعيد لبنان الى سنوات الفزع بعد أن ظهر أمل في هدوء وازدهار لبنان جديد. أيها اللبنانيون حكومة ومواطنين، لا تسمحوا لحزب الله بأن يغامر بمستقبل لبنان ويدفع الوضع باتجاه التصعيد الذي سيمس بالشعب اللبناني بعد أن اختار طريق الاستقرار والازدهار. ترى دولة إسرائيل في الحكومة اللبنانية الطرف المسؤول عن كل عمل عدائي ينطلق من أراضيها اللبنانية ضد إسرائيل. وتأمل منها أن تعمل بشكل فوري على فرض سيادتها في الجنوب وعلى منع حزب الله من دفع المنطقة باتجاه التصعيد العسكري الخطر».

واعتبر «حزب الله » في بيان اصدره ان القاء المناشير «يمثل انتهاكاً صارخاً لسيادة لبنان واستقراره فضلاً عن استفزازه لمشاعر اللبنانيين عبر وسائل مكشوفة تستهدف التحريض ضد مقاومتهم». ورأى «ان هذه الخطوة العدائية تكشف مجدداً استمرار الاحتلال بعدوانه تجاه لبنان، وبالتالي فإن ما يريده العدو من خلق حالة ضغط نفسي ومعنوي على الشعب اللبناني لن يدفع باللبنانيين الا الى مزيد من التضامن الداخلي والتمسك بخيار المقاومة الرادعة للاحتلال عن اي مغامرة تجاه لبنان كما لن يؤول الا الى الثبات على منطق المواجهة للاحتلال المستمر في مزارع شبعا اللبنانية».

وحمّل وزير الخارجية والمغتربين، محمود حمود، إسرائيل مسؤولية التصعيد الذي حصل أول من أمس في الجنوب، وقال أمس: «إن وزارة الخارجية والمغتربين أبلغت مجلس الأمن الدولي تفاصيل الاعتداءات التي وقعت»، معتبراً أن المناشير التي ألقتها إسرائيل «خرق لسيادة لبنان وسلامة أرضه وسمائه».

وكان الوزير حمود قد استقبل السفير الفرنسي، برنار إيمييه، الذي قال إنه عبر للوزير حمود عن «إدانتنا للعنف الذي حصل وعن أسفنا للضحايا جراء هذه المواجهة»، داعياً الأطراف المعنية الى «ضبط النفس والى الاحترام الصارم للخط الأزرق، ونذكِّر بتمسكنا بتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي الملائمة ذات الصلة بلبنان وبالتأكيد على القرار 1559 الذي ينص على أن تمارس السلطات اللبنانية سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية». وتمنى أن «تعود الحالة الى طبيعتها وألا يقع أي شيء يمس بالاستقرار في الجنوب والحفاظ على الهدوء في المنطقة الحدودية». وندد إيمييه بإلقاء المناشير «بواسطة طائرات إسرائيلية خرقت المجال الجوي اللبناني». كما ندد بـ«أي خرق للخط الأزرق»، داعياً الى «أخذ كل هذه التهديدات بكثير من الحذر والجدية». وحض الجانبين على «التزام الهدوء ووجوب تحاشي الاستفزازات. وعلينا العمل معاً من اجل الحفاظ ومتابعة الوضع المستقر».

أما السفير الأميركي، جيفري فيلتمان، فأعرب عن «قلق» بلاده العميق جراء التصعيد في الجنوب. ودعا بعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أمس، جميع الأطراف الى «بذل أقصى الجهود لضبط النفس واحتواء الموقف في الجنوب».

وأمس أعلنت إسرائيل أن اشتباكات وقعت في مزارع شبعا المحتلة بين قواتها ورجال المقاومة، غير أن مصدراً مسؤولاً في «حزب الله» نفى أن تكون هناك اشتباكات، مؤكداً أن «ما حصل هو قيام موقع الرمتا الإسرائيلي في المزارع المحتلة بعملية تمشيط».

وكانت القوات الإسرائيلية قد كثفت طوال ليل أول من أمس تحركاتها المؤللة على طول الخطوط المحاذية للخط الأزرق وعبر مواقعها الممتدة على طول الحدود مع لبنان في القطاعين الغربي والأوسط.

وخصوصاً موقع «البياض» الذي شهد دوريات منقولة آليا في اتجاه بوابة رامية، بعد العمليات العسكرية المكثفة التي سجلت في عدد من نقاط المواجهة في القطاع الشرقي كما في المنطقة الواقعة عند الأطراف الجنوبية لبلدة رميش في قضاء بنت جبيل، حيث استهدفت المنطقة بقذيفتين من دبابة «ميركافا».

ولم يغب الطيران الحربي الإسرائيلي عن سماء المنطقة طوال الليل الفائت. واستمر في طلعاته الاستكشافية حتى فجر أمس. واتخذت القوة الدولية العاملة في الجنوب إجراءات أمنية وسيرت دوريات مؤللة وأقفلت بوابات المراكز الرئيسية.

ومساء أمس أغارت طائرة إسرائيلية على مناطق لبنانية متاخمة للخط الأزرق الفاصل بين الاراضي اللبنانية والاسرائيلية. وافادت مصادر أمنية في جنوب لبنان ان طائرة مروحية اسرائيلية اطلقت صاروخين جو ـ أرض على الحقول المحيطة بموقع الرمتا في منطقة مزارع شبعا المحتلة، في وقت حلقت طائرة استطلاع اسرائيلية من دون طيار في أجواء القرى اللبنانية الحدودية.