نزاع الصحراء يتصدر زيارة رئيس وزراء المغرب لمدريد

موراتينوس ينصف الرباط ويشيد بسماحها دخول صحافيين إسبان لأقاليمها الجنوبية

TT

اكتست زيارة العمل التي قام بها أمس الى إسبانيا، إدريس جطو، رئيس وزراء المغرب، أهمية خاصة بالنظر الى السياق السياسي الذي تمت في أجوائه، والمترتبة في الأساس عن التطورات التي يعرفها نزاع الصحراء، والدور التوفيقي الذي تقوم به الحكومة الإسبانية من اجل إقناع الأطراف المعنية بجدوى حل سياسي تفاوضي.

وكانت زيارة جطو التي دامت 8 ساعات، قد اتفق عليها في وقت سابق لتحديد جدول أعمال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين والتي ستعقد دورتها المقبلة يوم 29 سبتمبر (أيلول) المقبل حيث يرأسها من الجانبين رئيسا الوزراء، جطو وخوسي لويس ثاباتيرو.

ورافق رئيس وزراء المغرب خلال زيارة العمل الى مدريد، الطيب الفاسي الفهري، الوزير المنتدب في الخارجية، لارتباط رئيس الدبلوماسية المغربية محمد بن عيسى بالتزام خارج بلاده، مما يشير الى أن جطو أثار مع محاوريه الإسبان وخاصة رئيس الوزراء، موضوع الصحراء، على خلفية التداعيات الأخيرة التي هيمنت على النزاع والناتجة في جزء منها عن أحداث الشغب التي اندلعت على أيدي مراهقين وعاطلين عن العمل في بعض المدن الصحراوية، تحرك على أثرها اللوبي الإسباني الضاغط لصالح جبهة البوليساريو، فحاول لأربع مرات متتالية إيفاد فرق تضم بعض البرلمانيين وناشطين جمعويين مجندين للدفاع عن أطروحة جبهة البوليساريو الانفصالية، وهي الخطوات التي تعاملت معها السلطات المغربية بحزم، رافضة دخول الناشطين المشاغبين الإسبان، الى المحافظات المغربية الجنوبية، وخصت في نفس الوقت الصحافة الإسبانية بمعاملة منطقية حيث سمحت لها بدخول مدينة العيون ومعاينة الأحداث والاتصال بالناس، علما أن جزءا من الصحافة الإسبانية الزائرة لا يؤيد سياسات المغرب، سواء بخصوص قضية الصحراء أو غيرها. ولوحظ في سياق التفاعلات الإعلامية لنزاع الصحراء، أن الحكومة الإسبانية رغم تعرضها لضغوط وحملات صحافية من جانب اللوبي المساند للبوليساريو في إسبانيا، المدعوم بالثقل السياسي والمالي والمعنوي للحزب الشعبي المعارض، إلا أن مدريد لم تتخل عن المبادئ الكبرى لسياستها حيال النزاع، فمازالت تعتقد بإمكانية تسوية سلمية يوجد مفتاحها بيد الجزائر والمغرب. وترى إسبانيا في ذلك انعكاسا ايجابيا على منطقة المغرب العربي برمتها، وعلى التعاون الأورو ـ متوسطي، خاصة ان مدريد تعلق اهمية سياسية كبرى على قمة برشلونة المقبلة التي ستجمع في مناسبة الذكرى العاشرة لانطلاق المسلسل الذي يحمل اسم عاصمة كاتالونيا التي انطلق منها ذات يوم مكتشف أميركا، كريستوفر كولومبس.

الى ذلك، سارع ميغيل أنخيل موراتينوس، وزير خارجية إسبانيا، الى ما يشبه الدفاع عن الموقف المغربي حينما قال «يجب ان نكون منصفين ونعترف بأن السلطات المغربية سمحت لجميع وسائل الإعلام الدولية بالدخول الى الصحراء والقيام بعملها بكل حرية»، مضيفا أن مواطني بلده شاهدوا صورا لأحداث العيون، مما يعني ان الصحراء لم تكن مغلقة.

وكان موراتينوس يرد على الحملة التي يقودها مؤيدو البوليساريو في إسبانيا واتهامهم الحكومة الاشتراكية بأنها تخلت عمن يسمونهم «الشعب الصحراوي».

وأثرت تلك الحملة حتى في أوساط الحزب الاشتراكي العمالي، لذلك سجلت مواقف هنا وهناك تلوم حكومة بلادها لأنها كانت متسامحة مع المغرب، عندما لم تحتج بقوة على رفضه دخول الناشطين الإسبان المؤيدين للبوليساريو الى اراضيه، ولذلك بدأ تعبير «الشرعية الدولية» يتسلل الى خطب بعض المسؤولين أو السياسيين الإسبان بينهم وزير الخارجية نفسه، علما ان ذلك التعبير مطاط ويحمل تأويلات عدة، لكن الوزير الإسباني ما فتئ يؤكد على ضرورة إيجاد حل نهائي لنزاع الصحراء وفق أسس الحوار والتفاوض.

هذا، وأشارت وكالة الأنباء المغربية في معرض تعليقها على زيارة جطو لمدريد، الى ان البلدين مرتاحان للانطلاقة الجيدة التي ميزت علاقاتهما خلال السنة الجارية وتمثلت في ترسيخ عرى التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمن والعدل ومكافحة الهجرة السرية.

وأبرزت الوكالة المغربية ان الرباط تعول على اسبانيا لمساعدتها في انجاز الاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شرع فيها المغرب، وكذا الآفاق الاستثمارية بالنسبة للمقاولين الاسبان بالمغرب، اضافة الى مكافحة الارهاب والهجرة السرية.

وبخصوص الارهاب، أثنى رئيس وزراء اسبانيا، على تعاون المغرب ومساعدته في اجراء التحريات في الأحداث الارهابية التي تعرضت لها مدريد في مارس (آذار) 2004، وقال أمس في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المغربي: «لقد اتضحت للمحققين طبيعة الهجومات الإرهابية على بلده»، موضحا ان الامر يتعلق باعتداءات قامت بها مجموعات اسلامية متطرفة، ذات ارتباط بالشبكة العالمية لتنظيم «القاعدة».

وعلى صعيد آخر، اجرى موراتينوس، محادثات في عاصمة مالطا، مع نظيره الجزائري محمد البجاوي، على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة 5+5 حيث عبرا عن ضرورة انخراط الامم المتحدة وبسرعة في مسلسل نزاع الصحراء لايجاد حل له، وأكدا ان ممثلي بلديهما في نيويورك سيطلبان مجددا من الأمين العام، كوفي أنان، إيفاد مبعوث خاص عنه مكلف ملف الصحراء.