البشير يعلن الإفراج عن المعتقلين السياسيين ويؤكد رفع حالة الطوارئ بعد توقيع «الدستور» مع إبقائها في دارفور والشرق

الخرطوم تحتفل بالذكرى الـ16 للإنقاذ

TT

اعلن الرئيس السوداني عمر البشير امس في احتفال جماهيري بمناسبة الذكرى 16 لقيام حكومته عبر انقلاب عسكري في 30 يونيو 1989، اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، بينهم الدكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي المعارض. وحدد البشير التاسع من يوليو (تموز) المقبل موعدا لتوقيع الدستور الانتقالي، ورفع حالة الطوارئ في البلاد مع ابقائها في دارفور والشرق. وبعد لحظات من خروجه فتح الترابي النار على حكومة الرئيس عمر البشير من كل الاتجاهات، ووصفها بانها «ما زالت استبدادية»، واتهم عناصرها بـ«الفساد»، وتشكك في جملة قراراتها المتعلقة بالحريات والعمل السياسي في البلاد، بعد لحظات من الافراج عنه من معتقله الذي امضى فيه 15 شهرا بشكل متصل.

وبدا الترابي حيويا وعلى نشاطه المعهود، وقال في تصريحات صحافية امام المركز العام لحزبه في مدينة الرياض بالخرطوم انه غير مطمئن على الاوضاع «في ظل وجود حكم البشير»، وسيفرج مع الترابي اكثر من 60 من عناصر حزبه اعتقلتهم السلطات في وقت سابق.

وفي الساحة الخضراء ردد انصار البشير الاناشيد الوطنية وهتفوا بشعارات الانقاذ. وشهد البشير عرضا عسكريا كبيرا، ومنح اوسمة لعدد من المؤسسات والشخصيات.

وقدم البشير في خطاب مكتوب سردا مسهبا لإنجازات حكومته في التعليم والصحة والاقتصاد والطاقة، ورحب بعهد السلام والديمقراطية في بلاده، وحيا الشركاء الجدد في الحكومة المرتقبة في الحركة الشعبية والتجمع السوداني المعارض، وقال «سعادتنا لن تكتمل حتى يهنأ الجميع بالامن والسلام»، ومضى «نتطلع الى ممارسة سياسية اكثر نضوجا في المستقبل».

وحيا البشير كلا من جون قرنق رئيس الحركة الشــعبية، ومحمد عثمان الميرغني رئيس التجمع «لحرصهم على تحقيق السلام والوئام».

وانتهز الفرصة ووجه الدعوة للقوى السياسية كافة الى التـوافق على مصالح البلاد الكبرى، وقال يجب «ألا تعزل قــوى سياسية نفســـها عن الاجماع الوطني مع اتاحة مــشروعية الاخــتلاف في العمل». وجدد التأكيد على ان تشكيلة رئاسة الجمهورية الجديدة ستؤدي القسم في التاسع من يوليو المقبل بحضور ضيوف من دول الجوار والعالم، وابان «لن تكتمل سعادتنا حتى نشهد مفاوضات ابوجا والشرق تعزز السلام ليهنأ الجميع بالامن والسلام». وتعهد البشير بـ«تخفيضات حاسمة» في رسوم وضرائب المغتربين، وادخال ائمة المساجد وطلاب الخلاوى تحت مظلة التأمين الصحي، ومجانية علاج امراض القلب والكلى والسرطان، وارتفاع الصادرات البترولية الى 600 الف برميل في الربع الاول من العام المقبل، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، واستمرار تمكين المرأة، وتمويل الابداع الرياضي.

وفور الافراج عنه توجه الترابي مباشرة الى دار حزبه في مدينة الرياض، حيث كانت تنتظره جماهير عريضة هتفت له الى حد البكاء فرحة بخروجه، متوعدة حكومة الرئيس البشير. واعتبر الترابي الدستور الانتقالي تحت الاعداد الان «لم يعط الحريات» و«لا يعني شيئا» بالنسبة له، وفي مشهد نادر تعانق الترابي والصادق المهدى رئيس حزب الامة المعارض امام دار الشعبي حيث زاره الاخير بعد لحظات من الافراج عنه. ووصف الترابي الحكومة بانها ما زالت استبدادية، وقال «لا استطيع ان اطمئن على الفساد وهو موجود»، ومضى «هم الذين يتهمون وهم الذين يحققون وهم الذين يحاكمون، ويبرئون»، ولم يستبعد الترابي ان يعاد الى المعتقل مرة اخرى، وان يعاد قانون الطوارئ مرة اخرى بعد رفعه. وقال ان الصحافة مروضة ومراقبة كلها «لا تدخل ولا تخرج الا بإذن من الامن صراحة وليست مستترة، لذلك لا رقابة على الاداء العام». واضاف موجها حديثه الى عناصر الحكومة «ربنا يتوب عليهم ويطهروا انفسهم من الفساد»، ووصف الحركة الشعبية بانها «تحولت من معارضة الى الحكومة»، وحول النسب الموضوعة للمشاركة في الحكم حسب اتفاق السلام، قال الترابي «هذه النسب قسمتنا الى شمال وجنوب ونحن لسنا شمال وجنوب». وقال الترابي ان التحالفات بين حزبه والقوى المعارضة الاخرى الغرض منها «تثبيت الحياة العامة في البلاد لتسود الحرية والديمقراطية»، وقال «لسنا ضد احد»، وقال الترابي في تصريحاته حول خروجه من المعتقل «لا يحسبن احدا ان الفرحة قد غمرتني، ان الفرحة لا تتم الا اذا فتحت الحريات لكل الشعب الذي من اجله نعتقل»، ومضى «هذا يسر عارض بعد عسر متطاول.. ولا اطمئن، فقد يرتدون علينا مرة اخرى».

من ناحيته قال الصادق المهدي الذي زار الترابي فور الافراج عنه «نقول للترابي ان شاء الله نعمل للسلام العادل والتحول الديمقراطي الحقيقي، وسنسير الى هذا الدرب ليسعد الشعب السوداني».