محكمة بريطانية تدين «القاعدة» بالتورط في خطف خمسة أطفال ليبيين

إدانة الإرهابي بقال غيابيا والحكم ضد الطبيب البيطري أبو شامة في 28 يوليو

TT

أدانت محكمة نوريتش للتاج بنورفولك في بريطانيا شبكة «القاعدة» ممثلة في ابرز قياديها الجزائري جمال بقال39 عاما، الذي كان يقيم في ليستر، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات في فرنسا مارس (آذار) الماضي، ويواصل العقوبة في سجن هناك لارتباطه مع «القاعدة». وبيغال ورد اسمه كواحد من عصابة تضم سبعة أشخاص استأجرهم الليبي عز الدين جورنازي لخطف أبنائه وبناته الخمسة قبل خمس سنوات من مدينة نورفولك البريطانية عائدا بهم إلى ليبيا من حضن أمهم التي منحها القضاء البريطاني حق رعايتهم حتى بلوغ سن الرشد. وضمن المتهمين في القضية ايضا الطبيب البيطري مصطفى ابو شامة، 38 عاما، وزوجته وداد احمد، 45 عاما، اللذان كانا يعيشان في مانشستر قبل تورطهما في الجريمة. واتهمت المحكمة ايضا دافيد كورتيليه الذي يقضي عقوبة السجن اربع سنوات في فرنسا بعد ادانته بشبهة الارتباط بمنظمات إرهابية. وكان بقال يعيش في ليستر عام 1990، حيث اتهم في خلية تابعة لـ «القاعدة» كانت تقدم الدعم اللوجستي لـ«القاعدة». وفي تلك الفترة كان بقال احد الاصدقاء المقربين من الليبي عز الدين جورنازي قبل انفصالهما عام 1999. وساهم بقال بحجز بطاقات السفر للاطفال المختطفين على عبارة غادرت ميناء دوفر باتجاه الاراضي الفرنسية، وحافلة صغيرة لنقلهم باتجاه اسبانيا ثم المغرب. وأكدت محكمة نوريتش ان ابو شامة بعد ادانته بخمس تهم امس من المتوقع ان يواجه عددا كبيرا من سنوات السجن. ومن المقرر صدور حكم السجن ضد ابو شامة يوم 28 الشهر الجاري. واعترف ابو شامة في المحكمة بالحصول على الف استرليني مقابل دوره كوالد للاطفال الليبيين خلال رحلة الاختطاف. وكشف ان جمال بقال حذره بشدة من الاعتراف بدوره في عملية الاختطاف. وذكر ممثل الادعاء أن احد اعضاء مجموعة الخاطفين السبعة وهو الطبيب البيطري مصطفى الذي يعول ثمانية اطفال كان ادعى أنه هو والد الأبناء وقدم جواز سفر مزورا لسلطات الحدود خلال عبور المجموعة الخاطفة مع الأطفال في طريقهم إلى ليبيا عبر فرنسا وإسبانيا ثم عبر البحر الأبيض المتوسط».

وبرأت المحكمة وداد احمد زوجة ابو شامة التي ساعدت زوجها في اختطاف الاطفال الخمسة وابعادهم الى خارج بريطانيا، بزعم انها كانت تنفذ تعاليم الدين في طاعة زوجها. يشار إلى أن اثنين من المشاركين في عملية الخطف مثلا أمام محكمة نوريتش، وهما مصطفى ابو شامة وزوجته وداد أحمد وهما يعيشان في إحدى ضواحي مدينة مانشيستر، أما الخمسة غير الحاضرين فهم : حبيب بوديب، وجمال بيغال وعمر بن حامد، وكارول بن حامد، ودفيد كورتيلر.

وتعود وقائع القضية الى خمسة اعوام مضت عندما استأجر الليبي عز الدين جورنازي المطلوب من اجهزة الأمن البريطانية، عصابة من سبعة اشخاص لخطف أبنائه وبناته الخمسة كانت تتراوح اعمارهم ما بين الثانية والحادية عشرة من العمر في يونيو /حزيران 2000 عقب حصوله على الطلاق من زوجته التي كانت تعيش في ليستر في رحلة عبرت عدة بلدان اوروبية قبل الوصول الى الشمال الافريقي. وكان القضاء البريطاني منح السيدة انيتا جورنازي حق رعاية اطفاله الخمسة حتى بلوغ سن الرشد بعد حصولها على الطلاق من زوجها. وكانت الشرطة البريطانية بدأت التحقيقات في القضية يوم 10 يونيو (حزيران) عام 2000، عندما اختفى اطفالها الخمسة الذين اخذهم والدهم في رحلة قصيرة، وهم رميثة 11 عاما وصفية 9 اعوام وعلي 7 اعوام وحمزة 4 اعوام 4وعائشة، عامان، عند الاختطاف عام 2000 . وناشدت السيدة انيتا، 36 عاما، الزوجة السابقة للمواطن الليبي جورنازي امام قاعة المحكمة الجنائية امس الزعيم الليبي معمر القذافي التدخل لانقاذ حياة اولادها الخمسة بارجاعهم لها». وقالت السيدة انيتا: «ان كبرى بناتها تبلغ الآن من العمر 17 عاما، أما أصغر أولادها فيبلغ من العمر الآن 11 عاما، وكان يبلغ من العمر عامين عند اختطافه ويتحدث الان العربية. وقالت انها شعرت بالخيانة لتلك المؤامرة لمدة خمس سنوات لاختطاف اطفالها، ولكنها تشعر الان بالغدر اكثر من رجل وضعت فيه ثقتها لمدة 11 عاما من الزواج. من جهته قال مفتش الشرطة ايان فوكس الذي قاد فريق التحقيق انه كان يشعر بمعاناة الام ومحنة حرمانها من اطفاله الخمسة. وقال ممثل الادعاء فارمر إن «القضية تتعلق بأبناء خطفوا من أمهم منذ خمس سنوات ولم ترهم منذ 10 يونيو العام 2000 ولا تعرف عن مصيرهم شيئا، ونحن أمام جريمة مثيرة للاشمئزاز تماما، حيث اختطفوا من أمهم خلافا لما كان قرره القضاء في وقت سابق». وأضاف: «أن الأبناء الخمسة لا يزالون قيد الارتهان من جانب والدهم ولم يعودوا لأمهم، حيث كان والدهم خطط لفعلته في شكل معقد ومثير التفاصيل».

وبعد عام كامل من اختطاف الاطفال الليبيين اعتقل قيادي «القاعدة» بقال في دبي حيث كشف في التحقيقات التي أجرته معه عن خلية ليستر الارهابية. وكانت محكمة فرنسية قضت في وقت سابق بالسجن 10 أعوام على جمال بقال وهو فرنسي من أصل جزائري لإدانته بالتخطيط لتفجير السفارة الأميركية في العاصمة باريس العام 2001، كما قضت على 5 آخرين من شركائه بالسجن لمدد تفاوتت بين عام و9 أعوام، كانوا متورطين معه. وعند القبض على بقال في دبي، في طريق عودته من أفغانستان الى فرنسا، قامت الشرطة الفرنسية في سبتمبر/أيلول 2001 بحملة دهم في أوساط الأصوليين وخصوصا الشبكة التي شكلها جمال بقال. لكن ابرز معاونيه كمال داودي نجح في الإفلات من ذلك وهرب الى بريطانيا وتحديدا الى مدينة ليستر حيث كان لبقال منزل، وهناك استعان بالأصوليين في بريطانيا للتخفي، غير أن الشرطة البريطانية قبضت عليه وسلمته الى فرنسا ونقلت الى أجهزة الأمن الفرنسية الدلائل التي عثرت عليها في جهاز الكومبيوتر الخاص به وسجل اتصالاته على الأراضي البريطانية. ويشتبه المحققون الفرنسيون في ان بقال الذي كان مقيما في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان حيث معسكرات التدريب التابعة لتنظيم «القاعدة»، تلقى الأمر من مسؤول عمليات «القاعدة )ابو زبيدة( (معتقل حالياً لدى الأميركيين ( بتشكيل مجموعة ارهابية في فرنسا لارتكاب اعتداء على السفارة الاميركية في باريس خلال عام 2002 . وحصل المحققون على معلوماتهم من مذكرات اجهزة الاستخبارات الفرنسية والاستجوابات التي أخضعتها الشرطة لبقال في الإمارات، الا ان بقال طعن في كل الاتهامات الموجهة اليه ويؤكد انه تعرض للتعذيب خلال استجوابه في دبي. واعترف بقال في بيان مكتوب ارسل الى محكمة نورفولك البريطانية تلي نيابة عنه في مدينة نوريتش البريطانية، بدوره في عملية الخطف، لكنه قال «كنت أعتقد أنهم ذاهبون إلى مدينة ديزني لألعاب الأطفال في فرنسا».

وكان ممثل الادعاء العام جون فارمر أبلغ المحكمة أن اثنين من المطلوبين مسجونان حاليا في سجن فرنسي، حيث ألقي القبض على كورتيلر في جريمة لا علاقة لها بالخطف حين وصول المجموعة إلى مدينة كاليه الفرنسية، أما الثاني فهو جمال بقال الجزائري الجنسية، الذي قال الادعاء العام إنه محتال ومجرم حيث اعتقل حين كان يسافر بجواز سفر بريطاني مزور.