ناشطات كويتيات: شعرنا بالمفاجأة بعد إقرار قانون الحقوق السياسية للمرأة ونعيش «حرب جرائد»

أكدن لـ «الشرق الاوسط» أن الخطوة الأولى في طريق نضال الـ 40 عاما بدأت الآن

TT

الشعور الاول كان المفاجأة ثم تلته الفرحة، ثم تبعه الشعور بالأزمة، هكذا وصفت بعض الناشطات الكويتيات المراحل التي مررن بها منذ الاعلان عن منح النساء الكويتيات حقوقهن السياسية، واوضحن ان الخطوة التاريخية ليست في الحقيقة «غير بداية طريق» النضال الذي بدأ قبل نحو اربعين عاما. وفي ندوة استضافتها «الشرق الاوسط» اول من امس مع وفد كويتي ضم مها البرجس مديرة ادارة السكرتارية العامة في ديوان ولي العهد، ومنى العياف مديرة الاعلام في الصندوق الكويتي للتنمية، وهيلة المكيمي استاذة العلوم السياسية في جامعة الكويت، وخولة العتيقي موجهة اولى بوزارة التربية الكويتية، اعرب الحاضرون عن اعتقادهم بأن حصول الكويتيات على حق التصويت والترشح يمكن ان يعزز وجود الاسلاميين في مجلس الامة (البرلمان) بسبب وجود الاسلاميين في الشارع وقدراتهم التنظيمية، غير انهم اشاروا الى ان هذا السيناريو لم يكن ليكون مبررا او حجة ضد منح الكويتيات حقوقهن السياسية. كما اشار الحاضرون الى ان التوعية والتثقيف السياسي هما الطريقة المثلى لمواجهة الضغوط التي سيمارسها المتشددون في البرلمان ضد الليبراليين. وكان الوفد الكويتي قد زار «الشرق الاوسط» ضمن نشاطاته التي قام بها في بريطانيا والتي شملت لقاءات في البرلمان البريطاني ولقاء مع شيري بلير زوجة رئيس الوزراء البريطاني. واستقبل الوفد رئيس تحرير «الشرق الاوسط» طارق الحميد. وشارك في الندوة خالد الطراح مدير المركز الاعلامي الكويتي في لندن وعدد من اسرة تحرير «الشرق الاوسط». وحول عنصر المفاجأة في اقرار القانون قالت منى العياف انه بالرغم من النضال الطويل للمرأة الكويتية لنيل حقوقها السياسية، الا انه عندما تم اقرار القانون كانت مفاجأة للكويتيات اللواتي لم يتوقعن، رغم طول نضالهن، ان يتم اقرار القانون بعد اشهر قليلة من المعركة بين القوى المحافظة في البرلمان والحكومة التي دعمت القانون ووقفت وراءه، موضحة انه الان وبعد هذه الخطوة، تم تعيين اول وزيرة كويتية، ويفترض ان توحد الجماعات والمنظمات النسائية في الكويت صفوفها من اجل استثمار هذه الخطوة. وبعدها اعربت هيلة المكيمي عن اعتقادها بأن الفترة المقبلة ستشهد زيادة قبضة المتشددين بهدف تفريغ القانون من محتواه، مشيرة الى ان الاسلاميين داخل مجلس الامة الكويتي بدأوا في التشدد في طرح بعض القضايا. ومن بينها اقتراح لفصل الطلبة والطالبات في التعليم الجامعى، بالرغم من عدم تفضيل الحكومة لهذا الفصل. وأضافت «نحن بحاجة لخلق ثقافة سلام في المنطقة بعد هجمات سبتمبر، وخلق ثقافة السلام هذه تقوم على عدم الفصل بين الرجال والنساء، فالحواجز يجب ان تقل، واشعر الان ان المجتمع بدأ يعود لحالته الطبيعية بعد القانون». وبدورها قالت خولة العتيقي «البعض كان يقول للنساء انكن حققتن ما سعيتن له خلال الاربعين عاما الماضية، والان ليس لديكن اي عمل اخر. وانا اقول، اولا نحن فرحنا، ثم صدمنا، ثم وصلنا لمرحلة ازمة، فلدينا نحو العام ونصف العام على الانتخابات. والان نفكر في البرامج التي سنقدمها، وكيف سنخاطب الجمهور، وكيف سيكون شكل حملاتنا الانتخابية. في الكويت نحن لدينا خيام وذبائح وعزائم عشاء في الحملات الرجالية. لكننا لا نستطيع ان نفعل هذا، ولا نستطيع ان نذهب الى المنازل لكسب دعم الناخبين. لكن اهم خطوة هي اقناع الناخبات بالتسجيل». وحول تأثير القانون على المشهد السياسي في الكويت، اوضحت مها البرجس انه سيكون هناك تأثير سلبي وآخر ايجابي. موضحة «الجماعات الاسلامية ستحاول التأثير ضد القانون. فهم منظمون، لديهم تمويل وتأثير على الشارع الكويتي خاصة في المناطق القبيلة، كما يمكن ان يرشحوا نساء محافظات. ايضا سيحاول الليبراليون التأثير للاستفادة القصوى من القانون، وبالتالي سيتغير الحوار داخل المجلس، ليصبح افضل مما كان عليه الحال خلال المناقشات حول القانون حيث كان الحوار منحدرا». وبدورها لفتت د. هيلة الى ان الليبراليين كانوا يحذرون من ان اقرار القانون سيؤدي الى تقوية التيارات التي تعمل ضد المرأة. وتابعت «هناك كلام حول ان بعض الرجال قد يتزوج اكثر من امرأة من اجل تأمين اصوات اكثر. وهذا سبَّب ضغطا على المجتمع النسائي في البلاد. لكننا نعرف اننا يجب ان نكون مستعدين لهذا السيناريو». وبالرغم من هذه التوقعات المتشائمة، الا ان البعض حذر من التأثيرات السلبية للاستقطاب بين التيارات السياسية في الكويت. فاوضحت خولة العتيقي انها تحارب على جبهتين: «الاولى هي جبهة الاسلاميين الذين احبهم واعزهم، والثانية هي الجبهة التي اقف فيها ضد بعض الاسلاميين الذين يعارضون الحق السياسي للمرأة . فنحن جميعا مجتمع مسلم، ليبراليين وغير ليبراليين». وتابعت ان منح المرأة حقوقها السياسية سيكون في البداية لصالح المتشددين والاسلاميين «لان التعاطف الشعبي معهم اكبر. لذا كان كثير من الليبراليين يعارضون منح الحق السياسي للنساء من منطلق ان هذا سيعزز سطوة الاسلاميين في البرلمان. وهذا تخوف، وربما اكثر من مجرد تخوف. لكن هل نحرم المرأة من حقوقها بسبب هذه المخاوف. لا احد يعتقد هذا. ما اخذناه خطوة كان يجب ان تأتي، وستظل الديمقراطية لها جناحان. جناح سيئ وجناح جيد، وسيكون هناك وعي». لكن، وعلى الرغم من كل المخاوف المتوقعة على المدى القصير، اكد خالد الطراح ان الخطوة تفتح للكويت فرصة تاريخية لاعادة بناء ثقافتها الديمقراطية. وقال «يجب ان نعترف بأن الديمقراطية الكويتية رغم كل الانجازات التي سجلتها، الا ان فيها مساؤى كثيرة سجلها الرجال بممارساتهم.. راينا في السنوات الاخيرة ممارسات ليست في صالح الوطن. هناك شطط كثير يحدث من ممثلي الشعب، باسم الشعب، وترتكب أخطاء فادحة بحق المصالح الوطنية. نحن بحاجة الى حملة تثقيف سواء للنائب او للناخب. يجب ان نعزز مبدأ المواطنة، وليس المرأة والرجل، ومن يتفوق على من. فالعمل السياسي ليس واجهة اجتماعية او ترفا وانما مسؤولية تتقدم فيها المصالح الوطنية على الشخصية. هذه المبادئ ما زالت غائبة». وبدورها ذكرت منى العياف ان «المشكلة في قضية الثقافة هي ان مناهج التعليم لا تساعد على التغيير، ففي حين ان الديمقراطية هي ممارسة بالاساس، الا ان مناهج التعليم لا تساعد على ممارسات ديمقراطية حقيقية. موضحة انه يتم حتى الان تصوير الرجل في مناهج الدرس على انه كل شيء، وهو الذي يتحمل وحده المسؤولية، والمعبر عن كل القضايا. وهذا لا بد ان يتغير».

وحول ما اذا كانت النساء الكويتيات قد شكلن بالفعل خطط عمل وبرامج انتخابية لاقناع الكويتيات بالتصويت لهن؟ قالت خولة العتيقي «هناك قضايا تجمع اصوات النساء حول برامج المرشحات النساء. والاولى هي قضية سكن المرأة المطلقة التي تضطر الى مغادرة منزل مطلقها عندما يكبر اولادها ويستقلون بحياتهم. ولان نسبة الطلاق للأسف عالية في المجتمع توجد مشكلة بالنسبة للنساء المطلقات في الستين من اعمارهن. ايضا النساء غير المتزوجات، لا يحق لهن التملك من الحكومة او الرعاية السكنية الحكومية. فليست كل النساء ثريات بما يكفي لشراء مساكن خاصة. ايضا موضوع العلاوات المخصصة للطفل، والتي يأخذها الرجل. وهناك ايضا الامية القانونية التي تعاني منها الكثير من النساء. فالمطلقات لا يذهبن الى المحاكم لاخذ حقوقهن، بل يعتمدن على مساعدات اسرهن لانهن لا يعرفن المسائل القانونية. هذه المشاكل وغيرها لا يتكلم عنها النواب الرجال. وعندما نطرحها ستجذب لنا اصوات النساء، اضافة الى مشاكل ابناء الكويتيات المتزوجات من اجانب الذين يعاملون مثل الاجانب تقريبا. وحول امكانيات اختراق الاسلاميين لانهم ليسوا كتلة صماء موحدة، اذ يتنوعون بين المتشددين والمعتدلين الذين لا يعارضون الحقوق السياسية للمرأة مثل حزب الامة الاسلامي الذي دعم منح المرأة حقوقها السياسية، قالت خولة العتيقي «ان الكلام حول محافظين، واختراقات، وتراجع، يجعلنا كأننا اعداء، بالرغم من اننا جميعا جزء من المجتمع. وموقفنا المتشدد يعزز تشدد الطرف الاخر. نحن في مجتمع واحد نعمل على صالحه من وجهات نظر مختلفة. نحن نهاجم بعضنا بشكل كبير حتى ان بعض الصحف الكويتية الان تكتب على مقالات الرأي (يمين) و(يسار)، للاشارة الى ان هذه هي مقالات اليمينيين من الاسلاميين وهذه هي مقالات الليبراليين. لكن هذا كله حراك اجتماعي، فبعد سنوات لن يكون اسمهم ليبراليين او اسلاميين، بل ربما اسماء اخرى». وتابعت «نحن في مجتمع واحد، وهم موجودون، سواء كانوا قبليين او اسلاميين او ليبراليين. فالمطلوب لغة حوار راق بيننا وبينهم. اذا كنا صادقين في دعاوى الاصلاح والمصلحة. نحن نتحارب في الصحف والفضائيات ومجلس الامة. نحن ليس لدينا حرب شوارع بل حرب صحف». واخيرا شدد الحاضرون على ان المراة ليست قضية دينية او قضية ليبراليين او اسلاميين، بل هي قضية مجتمع، مشيرين الى انه لا احد يعتقد بان النساء سيفزن من اول دورة، او حتى الثانية او الثالثة. وكما قالت مها البرجس فان النساء في بريطانيا عندما حصلن على حقوقهن السياسية لم يفزن من اول دورة «فالامر اخذ بعض الوقت. والامر ذاته معنا، خاصة اننا فوجئنا ولا بد من ترتيب اوراقنا». ايضا شدد الحاضرون على انه ليس من الضروري ان تختار الناخبات النساء نساء مثلهن، بل لا بد من اختيار الانسب والاصلح للقيام بالعمل. كما اكدوا على انه بالرغم من التأثيرات الايجابية للنموذج الكويتي إلا ان كل مجتمع عليه ان يطور النموذج الخاص به. فكل نموذج سيطور نفسه بحسب احتياجات المجتمع.