جدل في الجزائر حول مكان «البارا» أثارته محاكمته غيابيا

TT

يحتدم في الجزائر جدل سياسي وقضائي حول مصير قيادي «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، عماري صايفي (المدعو عبد الرزاق البارا) الذي حكم عليه القضاء يوم السبت الماضي غيايبا بالسجن مدى الحياة، رغم أنه معتقل لدى الأمن منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2004. وادت محاكمة البارا غيابيا الى بروز تكهنات، في الوسط الاعلامي، ان المظلي السابق في القوات الخاصة الجزائرية، قد سلم الى الاميركيين، على خلفية اتصالاته السابقة مع ايمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة».

وكانت القناة الفرنسية الثانية قد بثت شريطا عن البارا عندما كان محتجزاً لدى حركة تشادية متمردة، وقال مسؤول في هذه الحركة ان البارا ضبط وهو يتحدث هاتفيا مع الظواهري من مكان اعتقاله، كما قال انه اكتشف في مفكرة هاتف الثريا الذي كان يستعمله الأصولي الجزائري، أرقام هواتف أصوليين في باكستان وأفغانستان، مشيرا إلى أنهم ينتمون لتنظيم أسامة بن لادن.

لكن مصادر على صلة بالملف اكدت لـ «الشرق الأوسط» ان البارا لا يزال معتقلا لدى الأمن الجزائري الذي يجري معه سلسلة تحقيقات، حول اغتيال عسكريين عندما كان قائدا للجماعة السلفية في منطقة شرق الجزائر وتورطه في حادثة الاختطاف الشهيرة لمحمد بديار، عضو مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) عام 2001، وفي حادثة احتجاز 32 سائحا أوروبيا، غالبيتهم ألمان، لمدة خمسة أشهر في الصحراء الجزائرية عام 2003. ومعروف أن المحكمة الفيدرالية الألمانية، كانت قد أصدرت مذكرة دولية للقبض على البارا في سبتمبر (أيلول) 2003. وكانت محكمة جنايات العاصمة قد ادانت البارا السبت الماضي، بتهمة «قيادة منظمة مسلحة إرهابية تعمل على بث الرعب ونشر جو من انعدام الأمن في أوساط المواطنين»، وهي تهمة يعاقب عليها قانون العقوبات بالإعدام، لكن الجزائر أوقفت تنفيذ هذا الحكم منذ 1993.

وحاول وزير الداخلية يزيد زرهوني الرد على استفسارات من يثيرون الجدل حول إدانة البارا غيابيا، بقوله للإذاعة الحكومية: «بعض التحقيقات تجرى ولم تنته بعد، وهو (البارا) لم يكن حاضرا شخصيا أثناء المحاكمة، لكن ذلك لم يعرقل إجراءات النظام القضائي».

واستفسرت «الشرق الأوسط» من عميد قضاة الجزائر حول مفارقة محاكمة البارا وهو معتقل، فقال ان «القاضي الذي فصل في قضيته يعلم أنه معتقل، لكنه تعامل مع ما هو مدون في قرار الإحالة على غرفة الاتهام، الذي ينص على أن المتهم صايفي موجود في حالة فرار. ولم يكن باستطاعة القاضي أن يأمر بإحضاره لأن المتهم لم يخضع للتحقيق، قبل المحاكمة وإن فعل يكون قد خرق الإجراءات القضائية المعمول بها».