الصومال يحتفل بالذكرى الـ45 لاستقلاله وسط انفلات أمني وفوضى سياسية

قراصنة يطلبون نصف مليون دولار أميركي لإطلاق سفينة تحمل شحنة من الأرز لضحايا تسونامي

TT

احتفل الصوماليون أمس بالذكرى الخامسة والأربعين لحصولهم على الاستقلال، لكن من دون أن يتمكنوا من حسم الخلافات العميقة التي تكاد تعصف بعملية المصالحة الوطنية الهشة بسبب استمرار الخلاف حول مكان عودة السلطة الانتقالية التي تمخضت عنها المفاوضات المضنية والشاقة التي استضافتها العاصمة الكينية نيروبي على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وتغيب الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف الموجود حاليا في اليمن، عن الاحتفال المحدود الذي أقامه رئيس الوزراء علي محمد جيدي أول من أمس في مدينة جوهر (90 كلم شمال غربي مقديشو)، حيث جدد تعهده أمام نحو ثلاثة آلاف مواطن احتشدوا في الملعب القديم للمدينة الصغيرة، بالمضي في خطته الرامية إلى إعادة فرض القانون والنظام اللذين غابا عن حياة الصوماليين منذ سقوط نظام حكم رئيسهم المخلوع محمد سياد بري عام 1991.

ولفت جيدي إلى أن حكومته هي «حكومة مصالحة»، مشيراً إلى أن لديه خطة متعددة المراحل لإعادة توطين اللاجئين الصوماليين الفارين منذ عقود في عدد من دول الجوار الجغرافي، لكنه لم يحدد موعدا زمنيا للبدء في تنفيذ هذه الخطة الطموحة.

وناشد جيدي المجتمع الدولي والدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بتقديم المزيد من المساعدات لتمكين حكومته من القيام بواجباتها حرصا على بقاء ما وصفه بالفرصة الأخيرة لإحلال السلام والاستقرار في الصومال.

وكان جيدي صرح لـ«الشرق الأوسط» أنه بصدد اتخاذ قرارات مهمة تتعلق بطرد عدد من أعضاء حكومته الذين لم يستجيبوا لنداءاته الأخيرة والمتكررة بمغادرة مقديشو والانضمام إليه في جوهر، مشيرا إلى أنه لن يسمح بوجود من وصفهم بالمخربين والراغبين في تعطيل مسيرة حكومته لاستعادة الأمن والسلام المفقودين في الصومال.

ومن المقرر أن تعقد الحكومة الانتقالية اجتماعا موسعا في وقت لاحق اليوم في ذكرى الاحتفال بالعيد الوطني الصومالى، حيث من المتوقع أن يفقد كل من محمد قنيري أفرح وزير الأمن والمخابرات وعثمان حسن علي عاتو وزير الأشغال العامة وموسى سودي يلحو وزير التجارة حقائبهم الوزارية مع تعيين بدلاء لهم من نفس القبيلة التي ينتمون إليها. وتقول مصادر صومالية مسؤولة إن سبب انهيار المفاوضات بين الرئيس الانتقالي وشريف حسن شيخ آدم رئيس البرلمان هو أن الأخير طلب أن يحصل التيار المساند له داخل البرلمان والحكومة على منصب رئيس الوزراء واستبعاد علي محمد جيدي الذي يشغله حاليا منذ ديسمبر (كانون الاول) الماضي.

وأوضحت المصادر أن رئيس البرلمان الصومالي اعتبر أنه بما أن هناك جناحين داخل الحكومة أحدهما يمثله الرئيس الصومالي والثاني يمثله هو شخصيا ولديهما خلافات حول مكان عودة الحكومة ونشر قوات حفظ سلام أفريقية في الصومال، فان من حق التيار المؤيد له أن يحظى بمنصب رئيس الحكومة الانتقالية الصومالية.

وأبلغ مقربون من آدم «الشرق الأوسط» أنه سيسعى إلى إقناع أعضاء البرلمان بعقد جلسة خاصة وعاجلة في مقديشو خلال الأسبوعين المقبلين للإطاحة بالرئيس الانتقالي واتهامه بانتهاك الدستور وتجاوز صلاحياته الدستورية والقانونية وللرد على إصرار الحكومة على تجاهل معارضته لانتقالها إلى مدينتي جوهر وبيداوة في الوقت الراهن.

من جهة أخرى، قالت مصادر صومالية إن اتصالات مكثفة تجري حاليا لحث عدد من قادة العشائر والميليشيات المسلحة على التدخل لإنهاء أزمة احتجاز قراصنة مجهولين لسفينة شحن كانت تنقل 850 طنا من الأرز المقدم هدية من اليابان وألمانيا لمساعدة ضحايا الزلزال البحري تسونامي واعتقلوا طاقمها البالغ عدده عشرة أفراد. وأوضحت المصادر أن المفاوضات جارية مع الخاطفين الذين طلبوا ما يعادل نصف مليون دولار أميركي مقابل الإفراج عن شحنة السفينة وطاقمها المخطوف المكون من قائدها الذي يحمل جنسية سري لانكا بالإضافة إلى مهندس تنزاني وثمانية من البحارة الكينيين.

وكان برنامج الغذاء العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، قد أعلن قبل يومين عن اختفاء السفينة ام اف سيملو في مدينة هوبايو على بعد 300 كيلومتر شمال غربي ساحل العاصمة الصومالية مقديشو.

ويعتقد أن خطف السفن للمساومة على الإفراج عنها بات أحد المداخيل الأساسية التي يعتمد عليها قادة كثير من الميليشيات المسلحة التي ينتشر عناصرها في مختلف شوارع مقديشو وبالقرب من سواحلها في غياب حكومة مركزية تتمتع بحماية أمنية كافية.