موسوعة «الجهاد الكبرى» على موقع وزارة العدل الأميركية ونصوصها يحفظها سجناء «القاعدة» في غوانتانامو

TT

«اذا اعتقلت خلال الحرب مع الصليبيين، فلا تكشف اية معلومات أمنية تتعلق بزملائك، ولا تقل للمحققين عن اسمك الحقيقي، وازعم عند المحاكمة انك تعرضت للتعذيب وانهم اجبروك على الكلام تحت الضغوط». هذا ما جاء في موسوعة صادرة عن تنظيم «القاعدة» بعنوان «دراسات عسكرية في الجهاد ضد الطواغيت»، ويعتقد مسؤولون اميركيون ان اسرى «القاعدة» وطالبان في غوانتانامو يحفظون غالبية اجزائها.

تعرف الموسوعة عند المحققين الاميركيين باسم «وثائق مانشستر» وبين الاصوليين باسم «موسوعة الجهاد الكبرى»، وقد وضعتها وزارة العدل الاميركية على موقعها على شبكة الإنترنت الشهر الجاري بعد ان ترجمتها المباحث الاميركية.

تتكون الموسوعة من 18 فصلا، وقد عثرت عليها شرطة مكافحة الارهاب البريطانية في منزل اصولي ليبي متهم في قضية تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998. وكان القيادي الاصولي ابوانس الليبي اللاجئ السياسي في بريطانيا قد هرب الى افغانستان قبل مداهمة منزله في مدينة مانشستر (وسط انجلترا) عام 1998.

وقال موقع وزارة العدل الاميركية ان «موسوعة الدراسات العسكرية الجهادية» عثر عليها في كومبيوتر ابوانس الليبي الذي يعرف ايضا باسم انس السباعي ونزيه عبد الحميد الرغي، وهو من مواليد طرابلس في مارس (آذار) 1964. وتتطرق الموسوعة الى تفاصيل عن استخدام المتفجرات وتصنيع السموم واستخدامها وتعذيب الضحايا، ويتطرق الفصل الاخير منها بكيفية تعامل عناصر «القاعدة» مع المحققين عند اسرهم.

ويركز الفصل السابع عشر على تحذير مقاتلي «القاعدة» من اعطاء اية معلومات ثمينة للمحققين. وقال الجنرال جاي هود رئيس لجنة القوات المشتركة في غوانتانامو لمجموعة من المحللين العسكريين ان معظم سجناء «القاعدة» غير متعاونين، وبعضهم لم ينطق بكلمة واحدة خلال ثلاث سنوات من الاحتجاز، وبعضهم قدم اسماء مزيفة ورفض ان يكشف عن اسمه الحقيقي. ويزعم مسؤولون اميركيون ان بعض سجناء «القاعدة» في غوانتانامو على دراية بتقنيات التحقيقات والكذب والاصرار على استخدام كنية او هوية بديلة بدلا من الاسم الحقيقي.

وتشرح موسوعة «الجهاد الكبرى» او «وثائق مانشستر» المكونة من 180 صفحة: «لافراد التنظيم الاساليب العسكرية المختلفة إضافة الى المحاذير الأمنية التي يتطلب عليهم اتباعها من اجل القيام بعملياتهم بدقة وامان». ويقول الباب الاول مثلاُ: «ان المتفجرات تمثل السلاح الاكثر اماناً، لانها تمكن المقاتل من الفرار من العدو وتجنبه الاعتقال، كما انها تلقي في نفس العدو الفزع والخوف».

وفي جزء بعنوان «الاغتيالات عن طريق التسميم والسلاح الابيض» تشرح الموسوعة «طرق القتل باستخدام السكاكين والحبال والمواد غير الحادة بل حتى عن طريق رش السوائل الكيماوية».

اما الدرس العاشر، فيشرح عن طريق رسومات قليلة كيفية جمع المعلومات حول هدف محدد لاغتياله، مثل اسمه وعمره وعنوانه وعمله والطريق التي يسلكها وكيفية قضاء وقت فراغه والدكاكين التي يتردد عليها والاهم من كل ذلك طبعاً «طرق التسلل الى بيته».

وتتعرض الموسوعة في موضع آخر الى «الارشادات حول ضرب وقتل الرهائن بالسكاكين والآلات الحادة»، وتشير الى ان بعض علماء الدين قد اجازوا تعذيب الرهائن، خاصة اولئك الذين يحجبون المعلومات والاخبار والاسرار عن شعوبهم. ومن المعلومات المهمة التي تتضمنها الموسوعة، دعوة «الاخوة المتزوجين إلى عدم التحدث مع الزوجات حول الانشطة الجهادية». ويورد الدليل 11 صفة مثالية في المؤهلين للمشاركة في العمليات الخاصة، مثل الرشاقة والحنكة والذكاء وهدوء الشخصية.

وقال اصوليون في لندن لـ«الشرق الأوسط» ان هذه الموسوعة مستخلصة من موسوعة اخرى للاصوليين موجودة على شبكة الإنترنت كتبها المقاتلون العرب ايام جهادهم ضد السوفيات في افغانستان، وقدم فيها المجاهدون خلاصة تجربتهم وخبرتهم الطويلة في ميادين القتال وقد بلغت عشرة المجلدات.

وتشمل «موسوعة الجهاد للعمليات العسكرية» الموجودة على موقع وزارة العدل الاميركية كيفية التغلب على العدو في حرب العصابات، واستخدام الاسلحة البيولوجية لاثارة الرعب في صفوف الخصم، وتصنيع القنابل المحلية، بادوات بسيطة يمكن شراؤها من المتاجر. واعتمد مؤلفو الموسوعة على 10 سنوات من الحرب ضد السوفيات في افغانستان. وقد اهدى المؤلفون الموسوعة الى ابوعبد الله اسامة بن لادن، وعبد الله عزام المؤسس الاول لمكتب «الخدمات» النواة الاولى لـ«القاعدة» في بيشاور (قتل في انفجار سيارة مفخخة في منتصف الثمانينات).

ويقول معد باب «الأمن والاستخبارات»: «ان الجماعة التي لا تقوم بدراسة أمنية لكل افرادها مرة كل ستة اشهر من الناحية الاجتماعية والفكرية والأمنية محكوم عليها بالفشل والفناء». ويستشهد بكثير من الآيات على ادلة جواز اعمال المخابرات في الكتاب والسنة من واقع قصة النبي سليمان. ويضيف ان المخابرات ضرورة حيوية للتخطيط والقتال، حيث يجب على القيادة الحصول على اكبر قدر من المعلومات عن العدو من حيث اسلحته وقدراته واوضاع حركاته ونياته حتى يكون التخطيط سليماً.

ووضع معد باب «الأمن والاستخبارات» 27 شرطا يجب ان تتوفر في رجل المخابرات وفق المنظور الاصولي، ابرزها القدرة على التمييز بين الحقيقة والخيال وبين الضروري وغير الضروري من المعلومات، والطاعة العمياء للقائد، وتفادي كشف نفسه للناس بانه رجل أمن، وشدة الملاحظة لكل ما تقع عليه عيناه من المتغيرات.

وتنصح الموسوعة رجال «القاعدة» بـ «التخلص من الروتين اليومي اثناء ممارسة النشاط السري في ارض العدو كتغيير مواعيد الدخول والخروج او التعود على الجلوس في مطعم او مقهى معين في وقت محدد، وعدم التكلم بصوت مرتفع، والتذكر بان الصوت المرتفع لرجل الأمن بمثابة عورة له، والابتعاد عن الاماكن التي يوجد بها الأمن المضاد، ومراعاة مبدأ المعرفة على قدر الحاجة، وعدم كتابة اسماء حقيقية في المفكرة، ومحاولة استخدام التشفير في المفكرة، حتى لا تضر في حال وقعت في ايدي الأمن المضاد».

وتتضمن الموسوعة قليلا من التعاليم الدينية بالنسبة لاعضاء «القاعدة» وكثيرا من تفاصيل الاستعداد البدني والنفسي للانخراط في العمليات العسكرية، وبها اربعة فصول عن استخدام انواع البنادق وقذائف «آر. بي. جي»، وفصل كامل عن الاسعافات الاولية، ورسوم تفصيلية لقتل الخصم بالضرب على الرقبة.

وتحتوي الموسوعة على رسوم توضح كيفية تفجير الجسور، واشتملت على خرائط توبوغرافية، وارشادات لكيفية تحديد المواقع عبر استخدام النجوم. وتتطرق كذلك الى الحرب الاعلامية، ودس اخبار مضللة عن قدرات تنظيم «القاعدة»، وعملياته المستقبلية.

ويشمل التدريب على المتفجرات التعرف على مختلف انواعها، وصناعتها واستخدامها. كما يشمل خلط المواد الكيماوية وتحويل الديناميت الى مسحوق لابطال مفعوله، والتعرف على مختلف انواع المتفجرات العسكرية مثل القنابل اليدوية والالغام (المضادة ضد الافراد، المضادة للدبابات، المضادة للشاحنات) والصواريخ. ويقول احد الشهود ان هذا التدريب يستغرق 15 يوماً، وتستمر الدورات التدريبية للمتفجرات المتقدمة، والاكثر تقدماً 45 و60 يوماً على التوالي.