الشريف علي لـ «الشرق الاوسط»: لسنا بحاجة إلى مرجعية سنية بل إلى مرجعية لكل العراقيين

قال إن الوقت غير مناسب لعودة الحكم الملكي للعراق

TT

في شقته الهادئة في حي هولند بارك وسط لندن، يجلس الشريف علي بن الحسين، راعي الحركة الدستورية الملكية، متأملا ضجيج احداث اكثر من عام قضاه في بغداد في محاولة لتحقيق شعار حركته بعودة الحكم الملكي الى العراق، لكن هذا الشعار الحُلم لم يتحقق. كما ان اول انتخابات قامت بعد مضي اكثر من نصف قرن على آخر انتخابات جرت في العهد الملكي، لم تقده الى الجمعية الوطنية.

عندما استقبلنا مبتسما ومتفائلا كعادته بادرناه بسؤال ما إذا كان عاد الى لندن لان احلامه السياسية لم تتحقق ام هي استراحة؟ فأجاب «هي استراحة محارب، جئت لأتامل وأفكر في الجولة المقبلة وسأعود قريبا الى بغداد لمواصلة عملي السياسي».

الشريف علي أكد لـ«الشرق الاوسط» أمس ان العرب السّنة ليسوا بحاجة الى مرجعية، فالعراق كله بحاجة الى مرجعية ما دام آية الله علي السيستاني اختار ان يؤيد قائمة واحدة مع انه يجب ان يكون مرجعا لكل العراقيين وليس فئة محددة. واعتبر الشريف علي بن الحسين انتخابات الثلاثين من يناير (كانون الثاني) مزيفة متهما الهيئة العليا للانتخابات بـ«التواطؤ» نتيجة للتجاوزات التي حصلت والتي كانت احد اهم اسباب عدم فوز لائحته «الدستورية»، مشيرا الى انه حدث تلاعب في عدد الاصوات وحرمان مناطق سنية عربية في منطقة الأعظمية في بغداد وفي مدينتي الموصل والرمادي من صناديق الاقتراع. وقال«بعثنا بعشرة رسائل الى الهيئة العليا للانتخابات ثبتنا فيها اعتراضاتنا واحتجاجاتنا، كما وجهنا اسئلة حول الكثير من الخروق التي ثبتناها في رسائلنا لكنها (الهيئة العليا) لم ترد علينا ولا مرة واحدة فنعتقد اذن ان الهيئة العليا كانت متواطئة ومنحازة لطرف ضد الاطراف الاخرى».

وأكد الشريف علي ان حركته حثت العرب السنة على الاشتراك في الانتخابات «وقلنا لهم ان الادارة الاميركية ستوافق على نتائج الانتخابات مهما كانت النتائج لان الاعلان عنها واعتبارها ناجحة يأتيان في صالح السياسة الاميركية في العراق، والمنطقة والادارة الاميركية كانتا بحاجة لمثل هذه النتائج».

وتساءل الشريف علي قائلا «لماذا يُطلب من العرب السنة ان تكون لهم مرجعية سنية، المفروض ان يكون هناك مرجع لكل العراقيين لا مرجع سني ولا آخر شيعي، لماذا نطلب وجود مرجعية ثانية في الوقت الذي توجد فيه مرجعية دينية شريفة في مدينة النجف تتمثل في آية الله علي السيستاني الذي كنا نتمنى ان يكون مرجعا لكل العراقيين ولكن عندما سمح لنفسه بان يؤيد قائمة واحدة فقط فقد إمكانية ان يكون زعيما لكل العراقيين، المطلوب الآن وما نحتاجه ليس مرجعا او زعيما للسنة بل نحتاج زعيما او مرجعا لكل العراقيين».

واعترف راعي الحركة الدستورية الملكية بأن الوقت الحالي غير مناسب لعودة الحكم الملكي الى العراق، وقال «ان العمل السياسي مثلما هو معروف يتطلب ان يكون براغماتيا، واقعيا، والواضح ان الآلية غير متوفرة الآن لتحويل نظام الحكم الآن من جمهوري الى ملكي فالانتخابات افرزت جمعية وطنية تعمل الآن على صياغة دستور جمهوري وليس ملكيا ربما في المستقبل او في الانتخابات المقبلة تتم مناقشة موضوع عودة الملكية وصياغة دستور ملكي للبلد»، مشيرا الى «اننا نعترف بالنظام الجمهوري في العراق ومن المهم ان يتوفر الامن ويتم اعمار البلد ونجاح العمل السياسي. واذا تحقق ذلك سننظر كيف نطرح موضوع عودة الملكية اذا الشعب العراقي بالفعل يرغب في ذلك».

وأشار الى ان «عملية الانتخابات كانت ضرورية وايجابية جدا للعراقيين ولكننا لا نعتقد انها نجحت في المهمة الاولى وهي فسح مجال أوسع لأطراف سياسية لم تشارك في الحكم او في العملية السياسية سابقا لان تأخذ دورها في العمل السياسي»، وقال «للأسف الانتخابات جاءت لترسخ المعادلة السياسية لمجلس الحكم التي قامت على اسس المحاصصة الطائفية والقومية، بل على العكس نتائج الانتخابات ضيقت حلقة مشاركة الاطراف السياسية وحصرت العمل السياسي في حدود ضيقة للغاية في العمل السياسي. وكنا نحذر انه اذا لم تتح الفرصة لمشاركة اوسع للاطراف السياسية العراقية فان الاوضاع ستسوء والمقاومة ستزداد حدة».

واضاف «كنا نأمل ان يتم توسيع المشاركة السياسية من خلال تشكيل الحكومة وكسب أطراف سياسية تساعد على استقرار الاوضاع ومنهم العرب السنة مثلا ولكن النتائج جاءت مخيبة للآمال، إذ لم يحصلوا على تمثيل يتناسب مع حجمهم ووضعهم في العراق وهم (العرب السنة) ليسوا واثقين من ان الحكومة الحالية قادرة على حفظ حقوقهم السياسية».

وابدى الشريف علي عدم رغبته في تسميته ضمن العرب السنة، وقال «نحن ضد هذه التسميات مثل العرب السنة والشيعة العرب، وهذا كردي وذاك تركماني، نحن كلنا عراقيون ويجب عدم توزيع المناصب على اسس طائفية او قومية، وهذا ما اسس له بريمر في مجلس الحكم واستمر كقانون في العمل السياسي حيث ادخلوا التكتل الطائفي والقومي في توزيع الحقائب الوزارية وتوزيع نواب الرئيس ورئيس الوزراء، والحكومة لم تنجح في اشراك الجميع في الحكم، فالتمثيل السني في هذه الحكومة ضعيف».

وقال «ان هناك خطة لاختيار السنة غير المهتمين بكسب الشارع السني، وإن يتمتعون بذلك»، مشيرا الى ان القيادات السنية العربية كانت ترفض تصنيفهم بهذه الطريقة، وقال «الدكتور عدنان الباجه جي وأنا نرفض وضعنا في هذه الخانات نحن عراقيون ولنا حركاتنا السياسية فلماذا يصنفوننا سنة عربا وسنة اكرادا وشيعة عربا وشيعة تركمانا، ولهذا السبب خسرنا الكثير في العملية السياسية لاننا نطرح انفسنا كقادة سياسيين ولسنا مرجعيات سنية، لهذا انا متأكد ان الطرح الطائفي ليس هو الحل في العمل السياسي في العراق».

واضاف الشريف علي «اذا ما ارادوا اشراك السنة فيجب اختيار قيادات سنية عربية لها التأثير في الشارع السني، ثم يجب ان تكون لهم قوة في التأثير واتخاذ القرار، وليس مهما توزيع المناصب ويجب ان يكونوا شركاء حقيقيين وليست مشاركة رمزية والآن هناك فرصة جيدة لإشراك السنة في لجنة صياغة الدستور بنسبة جيدة، وان يصدر الدستور بالتوافق وليس بالتصويت».

واعترف الشريف علي الذي اعتبر محسوبا على العرب السنة بغياب المرجعيات السنية السياسية، وقال «هذا الغياب موجود بسبب عدم ارتياح القيادات السنية على تصنيفها مذهبيا والسنة انفسهم غير مرتاحين بمثل هذه التصنيفات، خذ مثلا حركتنا الدستورية الملكية فيها غالبية من الاكراد والشيعة والسنة والمسيحيين واليزيديين والصابئة، فكيف أطرح نفسي زعيما سنيا، وفي حركتي كل هذا التنوع القومي والمذهبي؟ الأحزاب السياسية العراقية لم تؤسس على اسس طائفية، وهي احزاب سياسية وليست كتلا طائفية، والحزب السياسي لا تقتصر عضويته على هذه الطائفة او ذلك المذهب»، مشيرا الى ان «العراقيين متنوعون في قومياتهم واديانهم ومذاهبهم وعلينا ان ندرك ان الاحزاب السياسية تضم اطيافا من هذا التنوع».

وافاد الشريف علي قائلا «ان النظام الجمهوري في العراق اثبت حتى اليوم فشله. ومنذ عام 1958 وحتى الحكم الحالي فشل في تحقيق طموحات الشعب العراقي»، مشيرا الى ان قرار الحكومة العراقية الحالية باعتبار يوم 14 تموز عطلة رسمية، وهو ذكرى مقتل العائلة المالكة عام 1958 غير حكيم. وقال «14 تموز عام 1958 يوم مشؤوم حيث فتحت الباب على مصراعيها لكل مجرم يرغب في الوصول الى السلطة لان يقود دبابته ويتوجه الى القصر الملكي او الجمهوري ليقتل وينصب نفسه رئيسا، نحن نعتبر ان يوم 14 تموز هو بداية النكبة على الشعب العراقي».

وأوضح راعي الحركة الدستورية الملكية بأنهم يفكرون في حذف الملكية من تسمية الحركة وإبقائها باسم «الحركة الدستورية»، مشيرا الى انهم يخوضون حوارات مع باقي الحركات والأحزاب السياسية لتشكيل جبهة لخوض الانتخابات المقبلة.