سترو ينتقد المعهد الملكي لربطه بين الهجمات ومشاركة بريطانيا في غزو العراق

خبيران بالمعهد: حرب العراق عززت الدعاية والتمويل والتجنيد في صفوف «القاعدة»

TT

رفض وزير الخارجية البريطاني، جاك سترو، فرضية ان البلدان التي ساندت الحرب الأميركية علي العراق، أكثر عرضة لمخاطر الهجمات الارهابية. وجاءت تصريحات سترو في بروكسل التي يزورها حاليا لحضور اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي ردا على تقرير للمعهد الملكي للشؤون الدولية «تشاتام هاوس» ذكر ان مساندة بريطانيا للولايات المتحدة في العراق جعلتها أكثر عرضة للهجمات الارهابية.

وقال التقرير إن التحالف السياسي الوثيق بين رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الاميركي جورج بوش جعل بريطانيا هدفا متزايدا للارهاب، وإنها صارت تعاني من مخاطر الارهاب بشكل خاص. ورفض سترو هذا التفسير في ملاحظات في إطار اجتماع وزراء الخارجية. وقال امس «إنني مندهش أن يقول تشاتام هاوس الآن إنه كان يجب علينا ألا نقف إلي جانب حلفائنا الدائمين في الولايات المتحدة. لقد انتهي وقت اختلاق أعذار للارهاب». وأضاف سترو «المتشددون يضربون في أنحاء العالم. في دول متحالفة معنا تؤيد الحرب وفي دول ليست لها علاقة بما يجري في الحرب بالعراق». وقال خبيران متخصصان في الارهاب في المعهد الملكي إن بريطانيا عانت لسيرها في ركب الولايات المتحدة. وأوضح الخبيران، فرانك غريغوري وبول ويلكينسون، ان حرب العراق عززت تجنيد وتمويل تنظيم «القاعدة» الذي يشتبه في أنه وراء تفجيرات لندن التي أسفرت عن سقوط 55 قتيلا. وأضافا أن «هذا الوضع أعطي قوة دفع للدعاية والتجنيد وجمع الاموال من قبل تنظيم «القاعدة» وخلق انشقاقا خطيرا في التحالف وقدم للارهابيين المرتبطين به هدفا وميدانا للتدريب وسمح باستخدام اموال كان يمكن ان توظف لدعم (حكومة حميد) كرزاي (في افغانستان) وجلب (اسامة) بن لادن امام القضاء».

وأشار الباحثان ايضا الي ان بريطانيا اهملت حتي عام 2001 التهديد الاسلامي وقامت بإيواء «متطرفين» كانوا يخططون لاعتداءات، لفترة طويلة، مما أثار غضب الحكومات التي كانت ضحية هذه الاعتداءات. وأضافا ان اجهزة الاستخبارات البريطانية كانت مهتمة في تلك الفترة بشكل شبه حصري بالعنف المرتبط بالنزاع في ايرلندا الشمالية وخصوصا حملة الاعتداءات التي كان يشنها الجيش الجمهوري الايرلندي (آي.آر.إيه). وأكدا ان «الاستخبارات والشرطة في بريطانيا كانت تعرف تماما منذ منتصف التسعينات ان لندن تستخدم اكثر فأكثر قاعدة لأفراد متشددين في الترويج والتمويل والتخطيط للارهاب في الشرق الاوسط وأماكن أخرى». وتابعا «مع ذلك لم يعتبر هؤلاء الافراد تهديدا للأمن الداخلي لبريطانيا وكان يسمح لهم بمواصلة نشاطاتهم بدون اي عقاب نسبيا، وهذه سياسة اثارت غضب الحكومات الاجنبية المعنية». وأكد التقرير انه «نتيجة لإعطاء أهمية ثانوية للإرهاب الدولي لم تدرك السلطات البريطانية تماما حجم التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة». الا ان التقرير اشار مع ذلك الي نجاحات في سياسة بريطانيا في الحرب على الإرهاب من بينها اطاحة نظام طالبان في افغانستان وإحداث خلل في نشاطات «القاعدة» التي فقدت عددا كبيرا من اعضائها الاساسيين.

وتابع ويلكينسون وغريغوري أن اتخاذ اجراءات مناهضة للارهاب جنبا الي جنب مع الولايات المتحدة يمثل مشكلة رئيسية لأن لندن ليست بأي شكل من الاشكال شريكا متكافئا مع واشنطن. واستطردا «اتخاذ موقع الراكب الخلفي مع حليف قوي أثبت أنه مكلف للغاية في ما يتعلق بأرواح العسكريين البريطانيين والأميركيين وأرواح العراقيين والنفقات العسكرية والأضرار التي تتكبدها الحملة المناهضة للارهاب». ومن ناحيته، رفض وزير الدفاع البريطاني، جون ريد، نتائج التقرير، وقال ان الارهاب مشكلة عالمية يتحتم على المجتمع الدولي بأكمله مواجهتها. وقال ريد لهيئة الاذاعة البريطانية امس «من الدروس المستفادة من التاريخ أنه اذا جريت بعيدا فان الامور لا تتحسن».

وقال ريد «ان التفجيرات التي وقعت في تركيا والعراق منذ تفجيرات لندن سلطت الضوء على أن الإرهاب مشكلة دولية»، مضيفا «الارهابيون يريدون قتل أي أحد يقف في طريق فكرهم المنحرف». وصدر تقرير المعهد في الوقت الذي يجتمع فيه وزير الداخلية البريطاني، تشارلز كلارك، مع زعماء المعارضة للتوصل لتوافق آراء سياسي تجاه صياغة تشريع أكثر صرامة مناهض للإرهاب. وكان بلير يدحض دائما الفكرة بأن دور بريطانيا في الحربين ضد العراق وأفغانستان جعل البلاد أقل أمنا. ويقول إن الإرهاب، بما في ذلك الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (ايلول)، كان يمثل تهديدا قبل الحربين وأثر على العديد من الدول المختلفة.