لبنان: استمرار التعثر في تشكيل الحكومة الجديدة والحريري يعتبر الإعاقة مدروسة

عون يتهم السنيورة بالمماطلة «حتى لا يتسلم مسؤولياته»

TT

طغت جلسة مجلس النواب التي انعقدت امس واقرت مشروع قانون العفو عن كل من قائد «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع وموقوفي احداث الضنية (الشمال) ومجدل عنجر (البقاع) على عملية تشكيل الحكومة الجديدة التي يتولاها الرئيس المكلف فؤاد السنيورة. وفيما لم يرشح عن الاخير اي موقف جديد بخصوص ما بلغته صورة التشكيلة الوزارية المتعثرة، اعلن رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي بعد الاجتماع الذي عقده مع رئيس الجمهورية العماد اميل لحود ان بعض العقبات ازيلت وربما بات تشكيل الحكومة الجديدة قريباً، وفق ما فهمه من الرئيس لحود الذي تشاور معه في امكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء، حيث ابلغه الاخير عدم ممانعته حصول ذلك، وشعوره (ميقاتي) بان «علينا التريث بعض الوقت لكي لا ندخل في أية متاهة دستورية بهذا الموضوع»، الا ان اللافت امس كان موقف رئيس كتلة «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري الذي قال بعد مغادرته جلسة مجلس النواب امس: «ان كل الكتل سمت الرئيس السنيورة وطالبت بأن تشكل حكومة متوازنة، ولا يمكن ان تكون الحكومة متوازنة اذا كانت هناك كتل تطالب بحصة أكثر من غيرها، ولذلك تأخرت التشكيلة الوزارية». ولفت الحريري الى «ان حكومات سابقة تشكلت بدعم من مجلس النواب وبأقل بكثير مما هو حاصل اليوم، ولم يسأل احد عن التوازنات الموجودة في البلد». ولدى سؤاله عن اسباب إعاقة التأليف قال: «اعتقد انه يجب ان يُسأل الشعب عمن يعيق التأليف، الاعاقة مدروسة وهي تهدف الى تعطيل البلد، ونحن بذلنا كل جهدنا ودعمنا للرئيس السنيورة بكل ما لدينا لتشكّل حكومة وحدة وطنية، والتشكيلة الحكومية اصبحت مدعومة من كل الكتل الموجودة في البلد باستثناء البعض من الذين لا يريدون المشاركة، ولكن هذه هي الديمقراطية التي نمارسها، هل نحن نعيش في بلد ديمقراطي او في بلد غير ديمقراطي؟ اذا كنا نعيش في بلد ديمقراطي هناك من هم في الحكم وآخرون في المعارضة، ويجب ألا تصور الامور كأنها موجهة ضد اشخاص معينين. الرئيس رفيق الحريري رحمه الله حين كان في المعارضة لم يكن ممثلاً في الحكومات مع انه كانت لديه كتلة نيابية كبيرة. ولم يكن يتصرف وكأن الموضوع موضوع طائفي. الرئيس الشهيد كان من اكثر الاشخاص لا طائفية، الآن البعض يتصرف كأن هذه الحكومة هي حكومة طائفية في حين انها ليست حكومة طائفية. فكما كان الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط خارج عدد من الحكومات السابقة وكذلك بعض الكتل المسيحية، كان الجميع يتصرف كمعارضة وليس من منطلق طائفي كما يحدث اليوم، لذلك نتمنى على الرئيس ان يأخذ في عين الاعتبار مصلحة البلد ويتعاطى مع موضوع تشكيل الحكومة الجديدة على هذا الاساس. البلد اليوم يواجه صعوبات كبيرة بدءاً من اغلاق الحدود اللبنانية ـ السورية بوجه اللبنانيين الذين يكنّون كل احترام للشعب السوري، وغير ذلك من المشاكل، فإذا كان اغلاق الحدود هو بهدف الحفاظ على أمن سورية كما يقولون، فنحن حريصون على أمن سورية كما هم حريصون على ذلك، نحن والشعب اللبناني والحكومة والجيش اللبناني والقوى الأمنية مستعدون للقيام بالمستحيل لتسهيل هذا الموضوع، واعتقد ان موضوع الأمن مضخم بعض الشيء وما يحصل هو اجراء لإغلاق الحدود على لبنان. نحن في تيار «المستقبل» مع الكتل والتيارات الاخرى ندرس حلولاً اخرى للمزارعين والصناعيين لأجل تصدير بضائعهم عبر الجو والبحر».

وسئل: هل يفهم من كلامك ان العقدة في موضوع تشكيل الحكومة هي في ملعب رئيس الجمهورية وهل تتوقعون ان يوقع الرئيس لحود على قانون العفو؟ اجاب: «التشكيلة الحكومية قدمت له وهي لديه وباستطاعته ان يوقع اليوم او غداً او بعد ساعة او بعد نصف ساعة».

سئل: لماذا قدمت التشكيلة الحكومية الى رئيس الجمهورية من دون العماد عون؟ اجاب: «المشاورات التي اجراها الرئيس فؤاد السنيورة كانت على اساس تشكيل حكومة متوازنة، ولكن لا يمكن ان تكون الحكومة متوازنة اذا اصرت بعض الكتل على المطالبة بوزراء أكثر من الكتل الأخرى».

من جهته، اتهم رئيس كتلة «الاصلاح والتغيير» النيابية زعيم التيار الوطني الحر النائب العماد ميشال عون الرئيس المكلف فؤاد السنيورة «بالمماطلة حتى لا يتسلم مسؤولياته ولكي لا يكون مسؤولاً عن سوء العلاقة مع سورية». وقال عون في ختام اجتماع للتكتل عقد امس برئاسته «ان الرئيس السنيورة لم يحترم الاطر الدستورية في تأليف الحكومة ونحن امام ازمة ثانية متنقلة نتيجة الاداء غير المسؤول في المسائل الحاسمة»، واضاف: «ان كل ما حصل من التأليف هو سيناريوهات لتغطية من يفشل في تشكيل الحكومة».

واعتبر عون «ان السنيورة لم يحترم المفاوضات التي اجريناها معه بشأن الحكومة لا بالنسب ولا بالمضمون، هم يريدون عملية سطو وهذا لن يحصل، فإن ركضوا الى السفارات وابلغوها اننا نحن من يعرقل او غطسوا الى قعر البحر او صعدوا الى السماء فهم الذين لا يحترمون الاطر الدستورية والاصول النسبية ضمن تأليف الحكومة. القضية تحتاج لموقف شجاع بإعطاء كل واحد حقه في الحكومة لكي يحصل التعاون واذا لم يرغبوا فهم يتحملون المسؤولية».

وفي هذا الاطار، ذكرت وكالة الانباء المركزية اللبنانية غير الرسمية ان الوضع الحكومي لا يزال ضمن دائرة المراوحة بحيث لم تنجح الاتصالات التي اجراها الرئيس المكلف فؤاد السنيورة في تغيير مواقف لبعض القيادات، وفي وقت لا يزال رئيس الجمهورية على ثوابته من موضوع توازن التمثيل اولاً وموضوع توزيع الحقائب ثانياً خصوصاً في ما يخص التمثيل المسيحي، ما يعني ان الوضع لا يزال على ما هو عليه.

وفي وقت قالت مصادر مطلعة ان رئيس الجمهورية قد يرد التشكيلة الموجودة لديه راهناً، كشفت مصادر في «تيار المستقبل» لـ«المركزية» ان السنيورة يتجه الى تقديم اعتذاره اذا لم يتم التوصل الى تفاهم، وعولت المصادر في هذا السياق على خروج جعجع من السجن بما «يخفف» ضغط العماد عون عن الواقع الحكومي كما قالت هذه المصادر، مشيرة الى ان الوضع ينتظر بين 24 و28 ساعة حاسمة.

من جهته، شدد عضو كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) في البرلمان اللبناني النائب حسن فضل الله على ضرورة «الاسراع بحل العقد السياسية التي تقف بوجه تشكيل الحكومة من اجل البدء بمعالجة الازمات الداخلية، ومواجهة التحديات الخارجية». وقال فضل الله في كلمة ألقاها امس: «اننا حريصون على ان تنطلق العجلة الحكومية في اسرع وقت لمواجهة التحديات الخارجية وفي مقدمتها تحدي الضغوط الاميركية المتزايدة تحت عنوان تنفيذ القرار 1559، الذي نريد من هذه الحكومة موقفاً صريحاً وواضحاً، برفض مضمونه والتمسك بخيار المقاومة»، ولفت الى «ان الازمات الداخلية لا تحل بالشعارات الاصلاحية فقط وانما بوضع برامج اصلاحية حقيقية وأول بنودها الاقلاع عن ذهنية الاحتكار والمحاصصة والمحسوبيات».