السودان: تصاعد الخلافات بشأن منطقة «أبيي» الغنية بالنفط حول تبعيتها للشمال أو الجنوب

القبائل العربية في المنطقة تستعد اليوم للخروج في مسيرات ضد قرار تبعيتها للجنوب

TT

في تصعيد جديد لقضية «أبيي» الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الحكومة والحركة الشعبية، تخرج قبيلة المسيرية (العربية) التي تقطن المنطقة في تظاهرات اليوم تعم مدن بابنوسة والمجلد والدبب والميرم، رافضة جميع المشروعات الرامية لإلحاق المنطقة بأي إقليم جنوبي يعزلها عن محيطها التاريخي والجغرافي. وكان تقرير صادر عن مفوضية معنية بترسيم حدود المنطقة، وضعها ضمن حدود «جنوب السودان بما فيها مناطق إنتاج النفط السوداني»، ويتوقع أن تتخذ قبيلة "الدينكا" (الأفريقية) التي تقطن المنطقة خطوات تؤيد القرار، تضع المنطقة على شفا حرب قبلية بين المسيرية والدينكا.

ويتمثل الخلاف حول أبيي في أن الحكومة وقبيلة المسيرية تعتقدان أن منطقة تتبع لشمال السودان، بينما تتمسك الحركة الشعبية وقبيلة دينكا نقوك بأن أبيي منطقة تابعة للجنوب. فيما اكتفى المسؤولون في الحركة الشعبية بتصريحاتهم في الخرطوم حول تجدد الأزمة بأن «اتفاق السلام يقول بأن تقرير المفوضية ملزم للطرفين».

واعترفت الحكومة السودانية على لسان وزير الخارجية، الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، بأن ملف أبيي انتقل الي «الوضع الحساس بين قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك» اللتين تقطنان المنطقة وتعملان في مهنتي الزراعة والرعي. غير انه استدرك في تصريحات صحافية أمس قائلا إن الرئيس البشير ونائبيه جون قرنق زعيم الحركة الشعبية، وعلي عثمان محمد طه «لديهم المقدرة على معالجة الأزمة بحكمة تحفظ الأمن والسلامة بين أبناء الدينكا والمسيرية»، ومع ذلك استبعد أن تكون الأزمة عقبة أو تهديدا لعملية تنفيذ اتفاق السلام بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان. وكان الرئيس البشير قد تسلم تقرير ترسيم حدود أبيي الخميس الماضي بحضور قرنق وطه. وتتشكل المفوضية التي وضعت التقرير من 15 عضوا، بواقع 5 أعضاء من الحركة الشعبية، و5 من المؤتمر الوطني الحاكم، و5 من الخبراء الأجانب.

من جهة ثانية شكلت الحكومة السودانية أمس لجنة للتحقق من «التقارير المتعلقة بالانتهاكات وحالات العنف ضد النساء في دارفور ووضع المعالجات اللازمة في ذلك»، على خلفية زيارة قام بها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الخرطوم، يان برونك، يرافقه وفد صحافي نسائي، الي معسكرات النازحين في الإقليم.

وقال الدكتور اسماعيل، في تصريحات أمس، إن اللجنة التي تم تشكيلها ستجري اتصالات مع الوزارات والمؤسسات المختلفة سواء كانت سودانية أم غير سودانية التي يمكن أن تساعد في التحقق، وذلك بالرغم من أن الحكومة ومنذ فترة اتخذت العديد من الإجراءات الأمنية والقضائية والتشريعية لوقف هذه الظاهرة، لكنها تعمل الآن على وضع خطة متكاملة للقضاء نهائيا عليها وذلك على ضوء العديد من المقترحات التي تقدمت بها إدارات مختلفة في وزارة الخارجية والوزارات والمؤسسات المعنية وكذلك منظمات ودول. وأضاف الوزير السوداني أن الخطة الوطنية سيتم عرضها على اللجنة العليا لدارفور برئاسة نائب رئيس الجمهورية للعمل على وضعها موضع التنفيذ.

الي ذلك، ووقع قادة الحركتين، بحضور الوسطاء الليبيين ووفد من أبناء منبر دارفور بالداخل، على ميثاق أطلق عليه اسم «ميثاق وقف العدائيات وتحسين العلاقات» يحوي سبعة بنود أساسية تتمثل في الوقف الفوري للقتال وتبادل الهجوم ووقف الحرب الكلامية والإعلامية وأساليب الدعاية السالبة واعتماد الحوار وسيلة لإنهاء النزاع.

وشدد الميثاق الذي وقع عليه رئيس حركة تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور، وأمينها العام، مني أركو مناوي، ورئيس حركة العدل والمساواة، خليل إبراهيم، على ضرورة التوافق على العمل الجماعي المشترك وتنسيق المواقف، خاصة تجاه موضوع التفاوض والإسراع في إعادة بناء الثقة والتعاون في إخلاء سبيل المحتجزين ووقف الاعتداء على أرواح المواطنين ووضع خطة محكمة لتحديد مواقع الحركات بالتراضي بين الحركتين.

ووفقاً للميثاق تم تشكيل لجنة سياسية عليا تضم اثنين من كل طرف أنيط بها الفصل بين القوات وتحديد المسؤولية في حال وقوع أي اعتداء، وابتدار العمل في بند رد المظالم.

واعتبر الميثاق لجنة المساعي الحميدة، التي أنجزت بمساعدة القيادة الليبية والمكونة من الفريق إبراهيم سليمان وصديق محمد إسماعيل والحاج صديق آدم إضافة الىأربعة آخرين، مرجعية عليا لفض النزاعات والتشاور مع القيادات وتنسيق المواقف من اجل المصالح العليا للإقليم، وأعطيت اللجنة حق الاستعانة بمن تراه مناسباً.