البوليساريو تلوح بالتراجع عن قرار الإفراج عن السجناء المغاربة

موراتينوس يجري اليوم محادثات في الجزائر بخصوص نزاع الصحراء

TT

تفصل لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الإسباني، اليوم، في ما اذا كانت المؤسسة التشريعية الاسبانية ستوفد لجنة الى مدينة العيون، العاصمة الادارية للمحافظات الصحراوية، لمعرفة حقيقة الأحداث التي جرت فيها سابقا. وكان قد تقرر في الأسبوع الماضي احالة الموضوع على الناطقين باسم الغرف البرلمانية الممثلين في اللجنة المذكورة، بعد ان اعربت الفرق البرلمانية عن رأيها ومواقف احزابها في الدعوة الموجهة من البرلمان المغربي بغرفتيه النواب والمستشارين، حيث تم الإلحاح على ترتيب الزيارة بالتشاور مع الطرف المغربي، شريطة ان يتمتع الوفد الزائر بحرية التنقل الى الأماكن التي يريدها في الصحراء، وكذا الالتقاء بمن شاء، حتى لا تتكرر سابقة منع الناشطين الإسبان الآخرين الذين سبق لهم ان زاروا مدينة العيون عنوة دون التنسيق او اخذ الإذن من السلطات المغربية، فاضطرت هذه الأخيرة لمنعهم وأجبرتهم على المغادرة من مطار المدينة دون السماح لهم بالنزول من الطائرة.

وكان رئيس البرلمان الإسباني، مانويل مارين، قد ذكر في وقت سابق انه تعذر عليه ايجاد توافق بين الاحزاب الممثلة في البرلمان بخصوص الرحلة الى العيون، لذا لا يستبعد ان تعبر لجنة العلاقات الخارجية عن نفس الموقف، ما عدا في حالة تراجع بعض الأحزاب، وتحديدا اليسار الموحد، والحزب الشعبي اليميني المعارض، عن شروطهم التعجيزية التي يصعب على المغرب قبولها، من قبيل اصطحاب وسائل الإعلام الدولية والاجتماع بأعضاء بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء (مينورسو).

وفي هذا السياق قال إدواردو ثابلانا، الناطق باسم الحزب الشعبي، ان حزبه لن يشارك في البعثة البرلمانية الى العيون اذا كانت ستحاط بأية قيود تفرضها عليها السلطات المغربية.

وعلى صعيد آخر، يصل اليوم الى الجزائر، ميغيل انخيل موارتينوس، وزير خارجية إسبانيا، للبحث مع نظيره الجزائري، محمد بجاوي، عدة قضايا تهم العلاقات الثنائية بين البلدين في طليعتها تطور نزاع الصحراء، وتداعيات أحداث الشغب التي وقعت ببعض المدن الصحراوية أواخر شهر مايو (أيار) الماضي.

وكان رئيس الدبلوماسية الجزائرية الجديد، قد التقى لأول مرة بموراتينوس في مالطا نهاية الشهر الماضي، على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول المطلة علي ضفتي البحر الأبيض المتوسط، حيث اتفق الوزيران، على ضرورة التعجيل بإيفاد ممثل خاص جديد للامين العام للأمم المتحدة الى الصحراء ليكمل المهمة التي تعذر على الممثل الخاص الأخير، ألفارو دي صوتو، اتمامها بسبب اعتراضات عليه من طرف الجزائر وجبهة البوليساريو، كما سبق لرئيس الدبلوماسية الاسبانية ان راسل يوم التاسع من يونيو (حزيران) الماضي نظرائه في المغرب والجزائر وموريتانيا، داعيا الى تحريك المساعي السلمية لحل نزاع الصحراء، للخروج من حالة الجمود التي تطبعه حاليا ومنذ مدة، وهو أمر لم يعد مقبولا من وجهة نظر الوزير موراتينوس.

وتضمنت رسالة موراتينوس الى وزراء خارجية الأطراف المعنية بنزاع الصحراء، مجموعة اقتراحات، تقول الخارجية الإسبانية إنها تلقت ردودا ايجابية ومشجعة عاد بها كاتب (وزير) الدولة في الخارجية، برناردينو ليون، عقب الزيارات التي قام بها الى الرباط، والجزائر، ونواكشوط، ولقائه مع جبهة البوليساريو، والتي دامت حوالي 48 ساعة.

وألح موراتينوس للأطراف التي راسلها ان يتم تدبير الملف الصحراوي بشكل بناء وان تمتنع الأطراف عن اتخاذ مبادرات انفرادية حتى تنمو اجواء الثقة بينها، مركزا في ذات الوقت على انه من الملائم الحصول على معلومات شفافة وموضوعية عن الأحداث التي شهدتها مدينة العيون ومناطق أخرى في الصحراء، التي بالغت جبهة البوليساريو ومؤيدوها في التهويل من أمرها، واعتبرتها انتفاضة شعب ضد الاحتلال المغربي، فيما تعاملت معها الرباط على أساس أنها حوادث شغب محدودة اختلط فيها شباب عاطل عن العمل ومستاءون من بطء الإدارة المغربية هناك، إضافة الى ناشطين مساندين لجبهة البوليساريو. وتقول الرباط إنها لم تلجأ الى العنف بالشكل الذي روجته جبهة البوليساريو ومناصروها، ولاحظت ان المتظاهرين تعدوا الحدود حين أهانوا العلم المغربي، رمز السيادة الوطنية.

واقترح موراتينوس في ذات الرسالة ان تتولى بعثة المينورسو الاممية، الموجودة في الصحراء، اعداد تقرير مستقل عن الاضطرابات التي شهدتها المدن الصحراوية.

الى ذلك، يلتزم المغرب رسميا الصمت حيال القرار الذي سبق ان اعلنه محمد عبد العزيز زعيم جبهة البوليساريو القاضي بإطلاق الأسرى المغاربة المحتجزين في سجون البوليساريو بتندوف (جنوب غرب الجزائر) ولم يعلن لحد الآن عن تفاصيل عملية تحرير السجناء، علما ان عبد العزيز سبق ان اشار في معرض حديثه عن قرار الافراج ان البوليساريو سيجري اتصالات مع منظمة الصليب الاحمر الدولية، لبحث ترتيبات الافراج.

غير ان التصريح الذي أوردته امس جريدة «ليبرتي» الجزائرية نقلا عمن تسميه سفير الجمهورية الصحراوية بالجزائر، يحمل ما يمكن ان يعد تراجعا عن قرار البوليساريو بخصوص الأسرى المغاربة الذي اعلنه عبد العزيز في حديث مع جريدة «لومند» الفرنسية. وحسب سفير البوليساريو فان اعلان عبد العزيز، لا يعني قرارا بالإفراج، بل ان الأمر يتعلق بالتفاتة انسانية وسياسية، وان مبدأ الافراج مكتسب، وتطبيقه مرتبط باحترام المغرب للمواطنين الصحراويين في الأراضي التي وصفتها بالمحتلة، وانه يتعين على المغرب تسهيل تطبيق هذا القرار.

يذكر ان المغرب، وضع في المدة الأخيرة، قضية أسراه لدى البوليساريو، على رأس المطالب العاجلة، وعبأ لتلك الغاية الرأي العام في الداخل والخارج، وتعتبر استجابة البوليساريو المراوغة لمناشدات عدة أطراف دولية من حكومات ومنظمات إنسانية إحدى نتائج الحملة الضاغطة التي قادها المغرب.