الرياض ترشح الأمير تركي الفيصل سفيرا لها في واشنطن خلفا للأمير بندر بن سلطان

قبول التماس الأمير بندر بإعفائه من منصبه لظروفه الخاصة

TT

وافقت الرياض أمس على الالتماس المقدم من الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، بإعفائه من منصبه لظروفه الخاصة، وترشيح الأمير تركي الفيصل سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة وآيرلندا بدلا عنه.

وجاءت الموافقة على لسان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية الذي صرح بأنه «بعد السنوات الطويلة التي قضاها الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز سفيرا للمملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة الأميركية والتي تجاوزت عشرين عاما، وحفلت بالكثير من العطاء المتميز والإنجازات الكبيرة التي حققها لدينه ووطنه ومليكه، فقد رفع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز التماسا بإعفائه من منصبه لظروف خاصة».

وتابع المصدر «وتقديرا لظروفه فقد تفضل خادم الحرمين الشريفين بالموافقة على الطلب، وتأكيدا لثقته، حفظه الله وأبقاه، في الأمير تركي الفيصل سفير المملكة لدى المملكة المتحدة وآيرلندا، فقد أصدر أوامره الكريمة باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو ترشيحه سفيرا للمملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة».

وكان الأمير بندر بن سلطان، الذي يحمل إجازة في الطيران الحربي، قد اقام علاقات وثيقة مع عدد من الرؤساء الاميركيين طوال فترة توليه عمله في الولايات المتحدة، ولعب دورا محوريا في جهود دعم العلاقات السعودية الاميركية بعد الانتقادات التي واجهتها الرياض عقب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 .

من جهته، أعرب الأمير تركي الفيصل عن بالغ شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين ولولي عهده على الثقة بترشيحه سفيرا في الولايات المتحدة. وقال «ان هذه ثقة متجددة افخر بها جاءت بعد تعييني سفيرا لخادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة قبل عامين ونصف، راجيا المولى العلي القدير ان يوفقني لخدمة الدين والوطن وتمثيل خادم الحرمين الشريفين ومصالح حكومته في الولايات المتحدة بنفس القدر والجهد اللذين بذلا اثناء فترة عملي في المملكة المتحدة، مدركا حجم المسؤولية وقدرها لأهمية العلاقة بين البلدين».

وأضاف «لقد كانت فترة عملي هنا في بريطانيا فترة ثرية جدا اكتسبت خلالها صداقات سأحتفظ بها ما حييت، وانا سعيد أنها ساهمت في تعزيز علاقات كانت دوما ناجحة بين بلدين شريكين، متمنيا كل التوفيق لمن يخلفني في هذا المنصب».

واختتم الأمير تركي تصريحه بالقول «ومع ان تقفي خطى أخي الأمير بندر بن سلطان امر صعب إلا انني اتطلع بالاسترشاد بما انجزه مقدرا دوره في تمتين العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة الاميركية».

رفع الأمير بندر بن سلطان خالص الشكر والتقدير والعرفان والإجلال لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود على الثقة الغالية والدعم والتوجيه الكريم الذي حظي به طوال مدة خدمته تحت قيادته الحكيمة داعيا العلي القدير أن يمن عليه بالصحة والعافية والعز.

كما تقدم الأمير بندر السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة بالشكر الجزيل والتقدير للأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني، والأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام على ثقتهم الغالية. وأعرب الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز عن شكره للأمير سعود الفيصل وزير الخارجية لدعمه وتعاونه طوال فترة عمله معه، وشكره العميق لجميع الزملاء الدبلوماسيين السعوديين الذين عمل معهم طوال فترة عمله في الولايات المتحدة على مجهوداتهم الكبيرة، مشيرا إلى أنه لولا تلك الجهود لما استطاع القيام بعمله بالشكل المطلوب.

وقدم الأمير بندر بن سلطان التهنئة للأمير تركي الفيصل على الثقة الغالية في ترشيحه سفيراً للمملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة، متمنيا له التوفيق وواصفاً إياه بقوله «إنه الرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب». وقال الأمير بندر في ختام تصريحه «أحمد الله العلي القدير الذي وفقني لخدمة ديني ثم مليكي الغالي وشعبي الكريم، على مدى تسعة وثلاثين عاما في القوات المسلحة السعودية والعمل الدبلوماسي».

* تركي الفيصل .. من رئاسة الاستخبارات إلى واشنطن.. عبر لندن

* ولد الأمير تركي بن فيصل بن عبد العزيز في 15 فبراير (شباط) 1945، في مكة المكرمة، وهو نجل الملك فيصل بن عبد العزيز والملكة عفت الثنيان، وهو شقيق الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي.

وقد تلقى الأمير تركي تعليمه الأولي والمتوسط في مدينة الطائف، ثم التحق بمدرسة لورنسفيل الخاصة الراقية الخاصة في ولاية نيوجيرزي الأميركية وأنهى فيها تعليمه الثانوي متخرجاً عام 1963. ومن ثم دخل جامعة جورجتاون في العاصمة الأميركية واشنطن وتخرج منها حاصلا على بكالوريوس آداب في العام 1968.

وفي العام 1973 عين مستشاراً في الديوان الملكي بالرياض، ثم عين مديراً عاماً لإدارة الاستخبارات العامة في 1977، وظل يشغل هذا المنصب حتى 2001.

وفي عام 2002، عين الأمير تركي سفيراً لخادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة (بريطانيا)، وتسلم منصبه رسمياً في العاصمة البريطانية لندن يوم 28 يناير (كانون الثاني) من عام 2003.

وسبق للأمير تركي أن زامل الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون خلال فترة دراسته الجامعية، وكان وثيق الصلة بعلاقات العمل والتعاون مع واشنطن خلال فترة رئاسته جهاز الاستخبارات العامة. ويعرف عن الأمير تركي الفيصل ثقافته العامة الواسعة ونشاطه الواسع ومشاركاته العديدة على الصعيدين الثقافي والاجتماعي. وهو أحد مؤسسي «مؤسسة الملك فيصل»، كما أنه رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث الدراسات الإسلامية. وعلى الجانب البريطاني يشغل الأمير تركي منصب رئيس مجلس إدارة مركز الأمير تشارلز للفنون الإسلامية والتقليدية، بجانب كونه رئيساً مشاركاً في «مجموعة سي 100» المتصلة بالمنتدى الاقتصادي العالمي منذ عام 2003.

* بندر بن سلطان .. من سلاح الجو إلى أجواء واشنطن

* ولد الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز في 2 مارس (آذار) 1949، في مدينة الطائف، وهو ابن الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام. وهو متزوج من الأميرة هيفاء الفيصل، وأب لأربعة أبناء وأربع بنات.

تلقى تعليمه الأولي والثانوي في السعودية ثم انتقل إلى بريطانيا، حيث التحق بكلية القوات الجوية الملكية البريطانية ومنها تخرج ضابط طيران في العام 1968، والتحق على الأثر بسلاح الجو الملكي السعودي برتبة ملازم ثانٍ. ومن ثم انتظم بدورات تدريبية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة وقاد عدداً من الطائرات الحربية منها الـ«جي بي 3 ـ 4» والـ«تي 38» والـ«تي 33» والـ«إف 5» والـ«إف 53/55» والـ«إف 102» والـ«إف 15».

وقد ترقى الأمير بندر خلال السنوات الـ17 التي أمضاها في سلاح الطيران الملكي السعودي حتى بلغ رتبة مقدم (لفتنانت كولونيل)، وقاد خمسة أسراب قتالية في ثلاث قواعد جوية داخل السعودية، كما تولى مسؤوليات إدارية في البرنامج الكبير لتحديث سلاح الجو الملكي السعودي المسمى «صقر السلام».

كما اضطلع بعدد من المهام في العاصمة الأميركية واشنطن إبان المباحثات التي دارت بين الإدارة الأميركية ومجلس الشيوخ بصدد صفقة شراء السعودية طائرات الـ«إف 15» المقاتلة المتطورة عام 1978 وطائرات «الأواكس» الاستطلاعية للانذار المبكر عام 1981. وفي العام 1982 عين ملحقاً عسكرياً بالسفارة السعودية في واشنطن.

في الولايات المتحدة، خلال هذه الفترة، تابع الأمير بندر دراساته العليا في عدد من المعاهد العسكرية الأميركية وتلقى دورات للضباط الأركان في معهد القيادة الجوية والأركان في قاعدة ماكسويل الجوية بمدينة مونتغمري عاصمة ولاية الاباما بجنوب شرقي الولايات المتحدة، وكذلك دورة في المعهد الصناعي للقوات المسلحة بقاعدة فورت ماكنير في العاصمة الأميركية. وحصل أيضاً في عام 1980 على شهادة الماجستير في السياسة الدولية العامة من معهد الدراسات الدولية المتقدمة التابع لجامعة جونز هوبكنز أيضاً في واشنطن.

ومع تفاقم الحرب الأهلية اللبنانية اختاره خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز موفداً شخصياً نشط في المفاوضات الآيلة إلى ترتيب اتفاقات وقف اطلاق النار بين الأطراف المتحاربة. كما كلف لاحقاً مهام أخرى من هذا القبيل بينها إسهامه الفعال، عام 1999، في تسوية الأزمة الناجمة عن تفجير طائرة الجمبو التابعة لشركة «بان أميركان» فوق لوكربي باسكوتلندا 1989 . في 27 سبتمبر (ايلول) من عام 1983 عين الأمير بندر سفيراً للمملكة العربية السعودية في واشنطن، وخلال فترة توليه السفارة كانت له مشاركة منتظمة ضمن البعثة السعودية في الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ العام 1984. وقد لعب طوال اضطلاعه باعباء هذا المنصب دوراً مميزاً في العاصمة الأميركية، وكان له حضور سياسي وإعلامي مؤثر ظهر جلياً في عدد من المناسبات منها الفترات الصعبة السابقة لحرب تحرير الكويت. وعام 1991 مثل الأمير بندر السعودية في بعثة دول مجلس التعاون الخليجي المدعو كمراقب إلى مفاوضات مدريد العربية الإسرائيلية في العاصمة الإسبانية. ويحمل الأمير بندر بن سلطان اليوم عدداً من الأوسمة والتقديرات منها ميدالية الصقر الطائر/ الملك فيصل، ووشاح الملك عبد العزيز للطيران، بجانب الأوسمة والتقديرات العربية والعالمية.