«القاعدة».. نشأت في السودان منتصف التسعينات وتحولت إلى شبكة عالمية مدمرة

TT

باريس ـ ا.ف.ب: اتبع منفذو اعتداءات لندن وشرم الشيخ اساليب العمل الخاصة بتنظيم القاعدة، إن على صعيد طبيعة العمليات الانتحارية وتنسيقها والتزامن بينها، بالرغم من اجماع المحللين على ان «القاعدة» فقدت اي هيكلية منظمة.

ويمكن لبيانات تبني الاعتداءات الاخيرة في بريطانيا ومصر على الانترنت ان توحي بوجود مركز قيادة للجهاد عالمي يتوعد «بالجحيم لأعداء الله» ولديه قائمة واضحة بالاهداف المستقبلية «روما وامستردام وكوبنهاغن».

إلا ان الحقيقة هي اكثر تعقيدا وبالتالي اكثر خطورة. فتنظيم بن لادن هو كالفيروس المتحول، اذ انه تمكن من التأقلم لمواجهة الجهود الدولية المجيشة لمكافحته. وبات بإمكان «القاعدة»، من دون اي هيكلية هرمية تقريبا، ان تثير انطباعا بأنها تشن حملة رعب منظمة على نطاق العالم بأسره فيما هذه الاعتداءات تنفذها في الواقع مجموعات محلية تعمل باستقلالية واسعة.

وفي هذا السياق، يعتبر الباحث الفرنسي جان لوك ماري من مؤسسة الدراسات الاستراتيجية في باريس ان «الخلايا الجهادية المستقلة ظهرت وستظهر عبر العالم لسنوات مقبلة كثيرة». ويقول ماري «يمكن لهذه الخلايا ان تنشأ بشكل عفوي بفعل عناصر ـ مسهلة ـ مختلفة: شخص ينصب نفسه إماما، او ـ أخ اكبر ـ ، أو عارف ـ بالاسلام الحقيقي. وفي يوم من الايام، تنتقل هذه الخلايا الى الفعل من دون ان تكون تلقت اي تعليمات محددة من أي جهة».

وتحولت «القاعدة» التي نشأت في السودان في منتصف التسعينات، الى شبكة عالمية وقطب عقائدي يدعو الى «حرب دامية ضد من يدعمون كفر الاميركيين». وفي هذا السياق، يقول قاض فرنسي متخصص في مكافحة الارهاب «حرب العراق أدت الى تفتيت المجموعات الجهادية والى تغليب الطابع الشخصي بشكل كبير على المجموعات. فالاشخاص الذين نعمل على ملفاتهم غالبا لا يشكلون مجموعة ولو حتى غير رسمية».

ويقول الباحث في الجرائم الفرنسي كزافيه روفير «انهم اشخاص ينتفضون على مستوى محلي ضد ما يشاهدونه على شاشة التلفزيون في اسرائيل او في العراق.. ويؤول بهم الامر الى اعتبار ان هنالك مؤامرة ضد الاسلام ويقررون التحرك فيشكلون خلايا. معظم هذه الخلايا تصاب باليأس، فتحل بعضها وبعضها الآخر يقع في شباك الشرطة، انما يتمكن عدد منها من الاستمرار».

ويقول روفير ان ما يحرك هؤلاء الاشخاص هو بشكل اساسي الغضب والكبت وانعدام العدالة الذي يعاني منه العالم الاسلامي، لا الدوافع الدينية. ويؤكد الباحث الفرنسي ان الارهابيين الجدد هم اشد خطورة لأنهم يسلكون بتصميم يجده الغرب مخيفا، طريق العمليات الانتحارية.

ففي مدينة مثل لندن لا يمكن فيها الهروب من عدسات مئات الآلاف من آلات المراقبة، اختار منفذو اعتداءات لندن ألا يخبئوا وجوههم. فهم لم يفكروا ولو للحظة انهم سيبقون على قيد الحياة. وهذا ما يجعل من أمثالهم اعداء خطيرين تعجز عن ردعهم اكثر اجهزة الشرطة كفاءة في العالم.