متهمون بأحداث الضنية لـ«الشرق الأوسط»: تعرضنا جميعنا لأنواع من التعذيب وظروف سجننا كانت مهينة وقاسية

TT

اثنتا عشرة عائلة طرابلسية في منطقة التبانة الفقيرة جداً تعيش منذ الساعة السابعة والنصف من مساء الجمعة الماضي حالة بهجة وفرح بعد الإفراج عن أبنائها الاثني عشر الذين أوقفوا منذ نحو ست سنوات بأحداث منطقة الضنية حيث دارت اشتباكات ومطاردات بين قوى من الجيش اللبناني وعناصر اصولية مسلحة ادت الى مصرع ضابط وعدد من الجنود ومقتل افراد من المجموعة المسلحة.

«الشرق الأوسط» التقت ثلاثة تحدثوا بإسهاب عن معاناتهم، معتبرين ما حصل معهم «ظلماً بظلم» لأنهم لم يشاركوا بأية عمليات قتالية.

عمر الرفاعي، 26 سنة، عازب من ضمن عائلة مكونة من اربعة شباب وابنة قال: «خروجنا من السجن كان لحظة حلم تحققت. وقضيتنا لم يكن يلزمها عفو لأنها «مفبركة» من قبل جهات أمنية من خارج لبنان. وقد فصلوا القميص الذين يريدون وألبسونا إياه». وأضاف: «لقد تم توقيفي في محلة القبة ـ طرابلس في 1/1/2000 على أيدي رجال مخابرات غير لبنانيين. والجميع يعرف ان الاشتباكات حصلت في منطقة الضنية، فيما منطقة القبة في طرابلس لم يكن فيها اي شيء. والتهمة هي تشابه اسماء. أوقفوني مع شخص آخر يعمل سائق تاكسي ويحمل الاسم نفسه. فالقضية ليست اذا كنت مشاركاً او غير مشارك. ولقد تم إقحامي في هذه القضية من دون مبرر. فأنا شقيق الشيخ رياض الرفاعي الناشط دينياً واجتماعياً في منطقة التبانة وأرادوا الضغط على أخي من خلالي ليجتذبوه الى جهتهم».

وتابع الرفاعي سرد قصته قائلاً: «خلال السنوات الخمس الماضية تنقلت بين مراكز تحقيق عدة منها في الشمال ومنها في وزارة الدفاع وقصر نورا (مقر عسكري في بيروت) وصولاً الى سجن رومية. وتعرضت لأنواع مختلفة جداً من التعذيب حتى أصبت بذبحتين قلبيتين. كما انني اصبت بعيني اليسرى نتيجة تلقي ركلة رجل على وجهي. ووجهوا الماء الساخن على جسدي و«البلانكو» وما الى ذلك من انواع التعذيب، ناهيك من الغرف المليئة بالجرذان وغيرها، وذلك من دون ان اعرف ماذا يريدون». ورداً على سؤال عما اذا كان الاتهام يشمل الانتماء الى تنظيم «القاعدة»، قال عمر: «في بداية الطريق اتهموني بأنني عميل إسرائيلي، ومن ثم إرهابي وكنت اقول لهم: ما هو الذنب الذي اقترفته؟ وكنت احاكم في المحكمة من دون ان يصل استجوابي الى المحكمة. واخلاءات السبيل التي حصلت للبعض منا كانت نتيجة اضرابنا عن الطعام لان ظروف سجننا في قصر نورا كانت صعبة ومهينة جداً واستمر ذلك عدة سنوات أصبنا خلالها بالجرب والقمل».

وعن الأشخاص الذين شاركوا في المواجهات في الضنية قال عمر: «الذين واجهوا قتلوا. والقسم الآخر هرب من دون ان يواجه». واللقاء الثاني كان مع خالد رياض المحمود،27 سنة، وهو عازب ومن عائلة مكونة من ستة اشقاء وخمس شقيقات قال: «امضينا في السجن خمس سنوات وسبعة اشهر بدعوى ملفقة. تم توقيفي على حاجز للجيش في بلدة عشاش (على طريق الضنية ـ طرابلس) في 2/1/2001 في طريق عودتي الى منزلي في التبانة، بعد ان كنت قد توجهت مع مجموعة من الشباب وبينهم شقيقي بلال الى الضنية لقضاء فترة في مخيم كشفي. والسلاح الذي كان موجوداً فيه كان من اجل الحماية الشخصية من الحيوانات».

وتابع يقول: «لفقوا لنا تهماً مختلفة منها أننا جماعات إرهابية وأصولية. والتهمة الأساسية هي الاعتداء على أمن الدولة الداخلي وقتل عسكريين، مع اننا لم نشارك في اية اشتباكات». وحول ما يتردد عن علاقة مجموعة الضنية بتنظيم «القاعدة» قال خالد محمود: «لا صلة على الاطلاق لهذا الكلام. وربما «ابو عائشة» ـ بسام كنج ـ الذي قتل في احداث الضنية كان قد توجه الى افغانستان، وعلى الأقل فأنا شخصياً لا أنتمي لأي تنظيم».

بلال المحمود، 26 عاما، شقيق خالد تحدث بدوره عن مسألة توقيفه فقال: «توقفت مع شقيقي في اليوم نفسه فيما كنت عاداً من الضنية. لقد تعرضنا للتعذيب من اجل ان تتلاءم الأقوال مع التحقيقات والسيناريو الذي وضعوه، ونأمل ان تتغير الأنظمة والتعاطي مع الموقوفين في ظل الحكومة الجديدة وان يسعى النظام الجديد الى تغيير سيطرة الأمنيين وظلمهم». وتابع: «اكثر الضغوطات التي تعرضنا لها كانت في فترة تولي الوزير الياس المر مهام وزارة الداخلية. وقد عمل الوزير السابق سليمان فرنجية عندما تولى الوزارة على إجراء تغيير ايجابي في وضع السجناء وكذلك بعد تولي الوزير الحالي حسن السبع».