المستوطنون المتبقون في «الضفة» يطالبون بالانتقال داخل الخط الأخضر في إسرائيل

مئات العائلات بدأت تغادر وأخرى تتعرض لضغوط وتهديدات من متطرفي اليمين

TT

في الوقت الذي يخوض فيه قادة المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة، معارك طاحنة ضد الانسحاب الاسرائيلي المزمع من القطاع، انفجر تحت أقدامهم في مستوطنات الضفة بركان سياسي، اذ تبين أن حركة انسحاب قوية بدأت في صفوف المستوطنين المستعمرين في الضفة الغربية، وأن الحديث لا يجري عن حالات فردية، بل عدة مئات من العائلات وأن بعض هذه العائلات لم تنظر بالدور وقررت حزم أمتعتها والاستعداد للرحيل من الآن.

ويجري الحديث بالأساس عن 67 مستوطنة (من مجموع 240 مستوطنة)، يعيش فيها 80 ألف مستوطن يهودي، تقع في عدة مواقع داخل وفي أعماق الضفة الغربية. هذه المستوطنات ستصبح بمثابة جيوب داخل المنطقة الفلسطينية، التي ستصبح بدورها محاطة بالجدار الاسرائيلي العازل. ومع ان كلا منها محاط بالأسلاك الشائكة أو حتى بجدارات من الباطون المسلح بارتفاع 8 أمتار، الا ان أعدادا كبيرة من المستوطنين اليهود، تخشى من المستقبل وتقول انها تشعر بالخطر من اعتداءات فلسطينية عليها لحملها على الرحيل. وقال المستوطن بيني كزات من مستعمرة «كرني شومرون» القريبة من نابلس، ان الرحيل عن قطاع غزة هو بالنسبة لهم بداية النهاية للاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، وأن الانسحاب من الضفة هو مسألة وقت. وأضاف انه يشعر بأنه وزوجته وأولاده وبقية المستوطنين في تلك المستعمرات، سيصبحون لاجئين في أرض السلطة الفلسطينية. وان الحكومة الاسرائيلية تهملهم وتجعلهم مهدوري الدماء. وقال ايتان مور من المستعمرة نفسها، انه يتوجب على الحكومة ان تجد حلا مناسبا لهم بترحيلهم عن المكان وفق شروط مريحة، مثل المستوطنين اليهود الذين سيرحلون عن قطاع غزة. وقصد بالشروط المريحة دفع تعويضات سخية (بمعدل نصف مليون دولار للعائلة الواحدة، ومنحهم أرضي بديلة، لبناء بيوت مماثلة لبيوتهم في المستوطنات القائمة حاليا).

وكشف المستوطن يعقوب سدران من مستعمرة عمانوئيل، وهي أيضا في قضاء نابلس، ان مئات العائلات الاستيطانية تعلن بيوتها للبيع، بعد ان برحت المكان، ووجدت مسكنا لها في مناطق أخرى خارج الجدار من الغرب (أي الى اسرائيل في حدود 1967). ولكنه شكا في الوقت نفسه من الضغوط والتهديدات التي يتعرض لها هو وأمثاله ممن قرروا الرحيل. واضاف أن نشطاء اليمين المتطرف يحاولون التستر على هذه الظاهرة، ومنع وصولها الى الصحافة. وقد هددوا أحد رفاقهم بالقتل، اذا تحدث عن الظاهرة أمام وسائل الاعلام. من جهة ثانية قررت مجموعة من قادة قوى اليسار الاسرائيلي، اقامة شركة تجارية باسم «بيت واحد»، هدفها تبني هذه القضية ومساعدة كل مواطن على بيع بيته، والأرض التي منحت له في حقبة تشجيع الاستيطان، وايجاد بيت بديل في تخوم اسرائيل. ويقف على رأس الشركة كل من عضو الكنيست عن حزب ميرتس اليساري الصهيوني، ابيشالوم غيلان، وقائد المنطقة الشمالية السابق للشرطة الاسرائيلية، والقائد الأسبق لقوات الجيش الاسرائيلي، أليك رون، والقنصل العام السابق لاسرائيل في واشنطن، الون فينكس.

ويقول هؤلاء ان الانسحاب من غزة، يعكس نفسه على الأوضاع في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. وعلى المجتمع اليهودي عموما واليسار الاسرائيلي بشكل خاص، ان يبدي تفهما لحاجات هؤلاء المستوطنين. فقد قامت الدولة بإرسالهم الى المستوطنات، باعتبارها مهمة وطنية من الدرجة الأولى.

وقدمت لهم مغريات مذهلة حتى يصلوا اليها، ويغيروا مجرى حياتهم. فإذا تركناهم لليمين المتطرف، فإن حياتهم ستصبح مليئة بالتعقيدات، حيث سيتعرضون للتهديدات وللاتهام بالخيانة. وطالما أن الأمور واضحة لهم، وينظرون الى الأحداث بهذه الواقعية، ويدركون ان الدور عليهم قادم، وان الانسحاب من هناك آت لا محالة، فينبغي على المجتمع الاسرائيلي، ان يحيطهم بأقصى ما يمكن من العطف، ويمنحهم التعويض المناسب.