توقعات بتخصيص يوم لاستقبال وفود نسائية لمبايعة الملك عبد الله

النساء بايعن تأريخيا في العقبة والرضوان ويوم الفتح

TT

في الوقت الذي ازدحم فيه المواطنون السعوديون الرجال امس في قصر الحكم بمدينة الرياض وامارات المناطق والمحافظات لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الامير سلطان، تعززت التوقعات بأن يستقبل الملك عبد الله بعد ايام وفوداً نسائية لأخذ البيعة في خطوة رمزية تشير الى مشاركة المرأة في القرار السياسي السعودي وعدم تهميشها.

ويعود مفهوم البيعة الى مفهوم الانتماء المدني في المجتمع الى النظام، وكانت هذه الصيغة التعاقدية بين السلطة التي استمدت مشروعيتها من تطبيق الدين ورعاية الأمة. وتركز البيعة على أن يقوم المبايع بإعطاء العهد للحاكم على السمع والطاعة للإمام في غير معصية، في المنشط والمكره والعسر واليسر وعدم منازعته الأمر وتفويض الأمور إليه.

وكان العرب حين يبايعون يضعون أيديهم في يد اميرهم أو إمامهم على النحو الذي يعتبره ابن خلدون في مقدمته شبيهاً بفعل البائع والمشتري فسمي بيعة مصدر باع، وصارت البيعة مصافحة بالأيدي.

وبالرغم من أن العديد من الباحثين الاسلاميين ذهبوا إلى أن البيعة هي فعل كفائي، يقوم به البعض أو قالوا يتحمله ممثلو الجمهور كالعلماء والوجهاء وشيوخ العشائر، إلا أنهم لم يفصلوا كثيراً في مسألة بيعة المرأة، فمن قال إنها تتحمل واجب البيعة كالرجل، ومن ذهب إلى أنها تكتفي ببيعة الرجال، لكن الأطرف أن الباحثين الذين اختلفوا في شمول المرأة بالبيعة اختلفوا في وسائل ادائها، فمن رأى أنها لا تصافح، ومن قال انها تكتفي بالكلام، لكن التاريخ يذكر لنا سجالاً ورد أثناء البيعة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وهند بنت عتبة ثاني أيام فتح مكة.

تاريخياً، تتحدث المصادر التاريخية أن المرأة شاركت في البيعة في عهد رسول الله وكانت حاضرة في البيعتين الكبيرتين: بيعة العقبة، وبيعة النبي بعد فتح مكة.. وإن اختلف الاصوليون في طريقة البيعة للنساء، فحين تتم بيعة الرجال بالمصافحة باليد اليمنى، فإن الفقهاء الذين لم يروا جواز مصافحة النساء اختلفوا في طرق بيعة النساء، فمن قال بأنهن يكتفين بترديد لفظ البيعة، ومن ذهب إلى أن يغطسن أيدهن في وعاء من الماء. في البيعة الأولى للنساء في العقبة، بايعت إمرأتان من المدينة تعودان لقبيلتي الاوس والخزرج ضمن وفد البيعة، هما نسيبة بنت كعب المازنية (أم عمارة) وأختها، وقيل هي وأسماء بنت عمرو بن عدي (ام منيع). وكانت المرأتان ضمن وفد قاده مبعوث الرسول الى المدينة مصعب بن عمير، حين رجع الى النبي ومعه 73 رجلاً وامرأتان، مبايعين النبي الجديد على الايمان بالله واتباعه، وقد واعدهم الرسول ليلا في مكان يسمى العقبة، ووصل اليهم بمعية عمه العباس بن عبد المطلب فكانت بيعة العقبة الكبرى (على الإيمان وعلى النصرة).

واثنى الله على المبايعين في تلك المناسبة بقوله في سورة الفتح في الآية العاشرة: «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ» وفي الآية 18:«لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ».

وشاركت النساء بعد الهجرة في بيعة اخرى هي بيعة الرضوان، حيث كان المسلمون الأوائل يتسللون من مواقع المشركين للالتحاق بالنبي الجديد ويبايعونه.

لكن بيعة النساء برزت في حادث فتح مكة، فقادت هند بنت عتبة زوجة ابي سفيان، وكانت للتو قد دخلت في الاسلام، وفداً من نساء قومها لمقابلة الرسول، وجاءت هند متنكرة ومنقبة، وجاء وفد آخر فيه أميمة بنت رقيقة (أخت السيدة خديجة رضي الله عنها) فبايعن الرسول على أن لا يشركن بالله، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يأتين ببهتان، ولا يعصينه في معروف، كما في نصّ الآية «يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم» (سورة الممتحنة / الآية 12). وقيل إن عدد النساء اللواتي شاركن في البيعة يوم الفتح تجاوز 300 امرأة، واستمرت النساء يبايعن الخلفاء بعد رسول الله.