إسرائيل ستنهي 38 عاما من احتلال لقطاع غزة والسلطة تستعد ليوم الجلاء بدعوة جميع القطاعات للتكاتف

TT

تجري الاستعدادات الفلسطينية على قدم وساق للتحضير لليوم الذي تبدأ فيه إسرائيل انسحابها من قطاع غزة ومن شمال الضفة الغربية، وذلك من خلال حملة واسعة النطاق عنوانها: «غزة.. جوهرتنا التي عادت إلينا». وتشمل الحملة توزيع ملصقات وقبعات وقمصان عليها شعارات الحملة التي تدعو مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني للتكاتف والعمل سوية من أجل إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي على مدى العقود الأخيرة.

وقال وزير الشؤون المدنية في السلطة الوطنية الفلسطينية محمد دحلان، وهو الوزير المفوض المسؤول عن ملف الانسحاب الإسرائيلي، إن هناك مخططا لتوزيع عشرين ألف علم فلسطيني في يوم الجلاء الإسرائيلي كجزء من دعوة مفتوحة إلى الجماهير الفلسطينية للالتفاف حول القيادة والعمل جنبا إلى جنب من أجل بناء القطاع. وأضاف: «هذه ساعة للعمل لنا جميعا من أجل أن نبني سوية صروح وطننا الغالي بعد سنوات من الدمار الذي ألحقه الاحتلال الإسرائيلي». وشرح دحلان الفكرة من وراء الحملة، وهي حث أبناء الشعب الفلسطيني على التطلع نحو المستقبل بعيون مفعمة بالأمل والحيوية بعد عقود طويلة من القهر والاحتلال.

وسوف يتم توزيع آلاف القمصان والقبعات التي خيطت في قطاع غزة خصيصا لليوم المنشود. الأمر الذي وفر كذلك فرص عمل لما لا يقل عن 1800 فلسطيني. وسوف يرتدي هذه القمصان آلاف المتطوعين الذين سيجوبون أنحاء القطاع حاملين معهم رسالة واضحة في قلوبهم وعلى قمصانهم تقول: «إن الوطن قد عاد إلينا. دعونا نحميه سوية».

وستنهي اسرائيل 38 عاما من احتلال لقطاع غزة بعد اجلاء مستوطنيه البالغ عددهم ثمانية آلاف في المنطقة، في عملية لا سابق لها تسبب انقسامات داخلية هي الاخطر منذ انشاء دولة اسرائيل في 1948.

وهذا الانسحاب التاريخي يتعارض مع سياسة الاستيطان التي انتهجتها منذ عشرات السنين كل الحكومات الاسرائيلية من اليمين الى اليسار، في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء.

وبعد خمس سنوات دامية من الانتفاضة، فهمت الدولة العبرية انه رغم قوتها العسكرية ليس لديها مصلحة في ابقاء ثمانية آلاف مستوطن وسط 3.1 مليون فلسطيني يعيشون في اوضاع صعبة.

وفي مواجهة دوامة العنف، رضخ رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون لانسحاب احادي الجانب لاسباب محض أمنية كما كرر القول عدة مرات.

ومن خلال دعوته حزب العمل للانضمام الى ائتلافه الحكومي، برر مهندس الاستيطان السابق مجددا وصفه بـ«البلدوزر»، لكن هذه المرة عبر تصديه «للصقور» داخل حزبه الليكود ولتكتل المستوطنين المتدينين القوي.

ولم يتردد المستوطنون في الدفاع عن قضيتهم عبر قطع حركة السير على محاور الطرقات الرئيسية في ساعات الازدحام او حتى وضع قنابل مزيفة لبث الذعر.

ومن خلال قيامهم بذلك، قاموا بشق المجتمع الاسرائيلي وفقدوا دعم قسم كبير من الغالبية الصامتة والعلمانية.

وستكون في انتظار العناصر الـ55 ألفا من الجيش والشرطة الذين حشدوا لتنفيذ الانسحاب من قطاع غزة واربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية مهمة صعبة. وقد يعيشون لحظات صعبة جدا من خلال الاصطدام مع مستوطنين لن يوفروا بحقهم على الارجح الاهانات والشتائم عند اقتلاعهم من قطعة من الارض يعتبرون انها عطية من الله لهم.

والمستوطنات التي سيتم الانسحاب منها اعلنت «منطقة عسكرية» محظورة منذ اسابيع.

ويرغب مسؤولو الدفاع من خلال ذلك تجنب احتمال حصول اعمال عنف من قبل المتطرفين اليهود في حين ان مخاطر وقوع هجمات فلسطينية غير مستبعد.

والفلسطينيون الذين يعتبرون الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي المحتلة منذ 1967 خطوة نحو اقامة الدولة التي ينشدونها، يشككون في رغبة شارون في تكرار العملية نفسها في الضفة الغربية.

وفي المقابل فان شارون اعطاهم كل الاسباب التي تدفعهم الى القلق لانه لا يكف عن التكرار انه لن يكون هناك انسحاب آخر من الضفة الغربية. فبفضل الانسحاب من غزة ستتمكن اسرائيل من تعزيز هيمنتها على القدس ومجمعات الاستيطان في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية، حيث يعيش غالبية المستوطنين الاسرائيليين البالغ عددهم 245 ألفا.

وبالنسبة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فانه اذا اقدم شارون فقط على خطوة «غزة اولا، غزة اخيرا»، فذلك سيعني انه غير مهتم بسلام دائم.

وشدد الفلسطينيون على ان الانسحاب سيطلق «خريطة الطريق»، خطة السلام الدولية التي بقيت حبرا على ورق منذ اعتمادها قبل اكثر من سنتين.

وبموجب هذه الخطة يفترض اقامة دولة فلسطينية هذه السنة، ما يبدو غير مرجح لأن شارون يطالب بنزع اسلحة المجموعات المسلحة الفلسطينية كشرط مسبق لإحراز اي تقدم.

وحددت السلطة الفلسطينية هدفا لها هو وقف العنف بعد رحيل آخر جندي اسرائيلي من قطاع غزة في مطلع اكتوبر (تشرين الاول). لكن اسرائيل تشكك في اعلان النوايا هذا. وحسب تقرير دولي نشر أخيرا فان اجهزة الأمن الفلسطينية ضعيفة ومنقسمة وتشهد فسادا.