ساكنو المدينة المنورة وزوارها يبايعون الملك وولي عهده على السمع والطاعة

TT

«نبايع بالسمع والطاعة على كتاب الله وسنة رسوله».. عبارة رددها المئات من المواطنين، الذين توافدوا منذ وقت مبكر من صباح أمس، على ديوان إمارة منطقة المدينة المنورة في تقليد إسلامي موروث لإعلان تجديد بيعتهم للحكم السعودي ولخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز، والتي أخذها نيابة عنهما الأمير مقرن بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة.

قاعة الاستقبال التي غصت بالجموع، كانت خلال لحظات الانتظار، التي سبقت بدء مراسم أخذ البيعة، قد امتزجت جنباتها بخليط تشكلت منه فسيفساء من كل طيف، فكانت لوحة رائعة يستطيع المتأمل في مساحتها، أن يستشف آفاق غد واعد، مليء بالأمل، كما كان فيما مضى حافلاً بالإصرار، فتباين لون البشرة واتحد مع التعدد المذهبي، لينصهر التنافر العرقي في أعراف القبيلة.

المدينة المنورة التي يختلط نسيجها الاجتماعي، ذو التركيبة السنية والشيعية تعد موطنا لعدد من القبائل الشهيرة، التي ترتكز إلى إرث تاريخي، يجمع بين المكان والزمان، كما أن المدينة موطن للعديد من الأسر التي تضرب بجذورها في التاريخ، وتنحدر أصولها من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، فكان مقام الجوار هو المقصد والمآل، الكل هنا اشترك في ذكر مآثر ومناقب الفقيد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز للمدينة المنورة، وما حظيت به من اهتمام خاص وإشراف مباشر على مشروعاتها، حتى غدت كما يصفها سكانها درة المدائن، والكل هنا دعا للعهد الجديد، بأن يكون عهد خير على البلاد والعباد في ظل القيادة الجديدة.

مظاهر بساطة مراسم أخذ البيعة من المواطنين، مضت بنفس تميز سلاسة انتقال السلطة للقيادة، حيث بدأت المراسم بالعلماء، ثم شيوخ القبائل وجموع المواطنين، بل ان بساطتها قادت الكثير من زوار المدينة المنورة، الذين يمضون جانباً من إجازاتهم الصيفية هنا، للحضور للمبايعة، ليؤدي واجباً دينياً، كما وصفه بعضهم.

وكأن التاريخ يعيد نفسه، فقصر الإمارة الحالي الواقع في سيد الشهداء، هو عين المكان، الذي تسلم فيه الأمير محمد بن عبد العزيز مفاتيح المدينة المنورة، وأخذ البيعة لوالده في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) 1925.

ويوضح الدكتور عوض بن بجاد أستاذ الشريعة بالجامعة الإسلامية، أن البيعة في الرؤية الإسلامية هي ميثاق تأسيس المجتمع السياسي الإسلامي، وأداة إعلان التزامه بالمنهج والشريعة والشورى، وهي صيغة تمكين الأمة، كما أنها من أبرز جوانب الفعل السياسي الممارس من قبل الأمة، وهي تضفي الشرعية على نظام الحكم، وبذلك فالبيعة ميثاق الولاء للنظام السياسي الإسلامي أو الخلافة الإسلامية والالتزام بجماعة المسلمين والطاعة لإمامهم، فهي ميثاق إنساني، لكنه يتأسس على رؤية عقيدية بأطراف ثلاثة، هي الخليفة نفسه والقائمون بالبيعة أي الأمة، والمبايع عليه وهو الشريعة.