محققون فرنسيون : الألماني المتهم بتفجيرات «جربة» كان على صلة يومية بابن لادن

TT

ذكر محققون فرنسيون لمجلة «شتيرن» الألمانية الواسعة الانتشار أن كريستيان غانتشارسكي ، المعتقل لدى السلطات الفرنسية بتهمة الضلوع في تفجيرات «جربة» التونسية ، يتمتع بموقع قيادي في منظمة «القاعدة» يفوق كافة تصورات المحققين الألمان.

وكتبت المجلة في عددها الصادر اليوم أن غانتشارسكي، الذي تحول إلى الإسلام في مطلع التسعينات، كان على صلة يومية بزعيم «القاعدة» اسامة بن لادن. ونقلت المجلة عن أحد المحققين قوله «كان يستطيع الاتصال ببن لادن ليلا ونهارا» من مدينة دويسبورغ الألمانية (غرب). وتكشف افادات المعتقلين من أفراد شبكة «القاعدة» أن غانتشارسكي، البولندي الأصل، كان خبير الكومبيوتر المعتمد لدى بن لادن، وكان ينظم الرسائل الإلكترونية المشفرة بين كوادر المنظمة، ويسرب الدراسات وأفلام الفيديو إلى الانترنت، وينظم الصلات بين «القاعدة» والمجندين الجدد. عدا عن ذلك، كان غانتشارسكي يشارك بن لادن طعامه أثناء الفترة التي قضاها في أفغانستان ويزوده بما يحتاجه من حقن الانسولين.

ويرى أحد المحققين أن العلاقة بين بن لادن وغانتشارسكي كانت «إنسانية» لأن بن لادن يعاني من داء السكري. ونقل غانتشارسكي معه «مؤنة» من حقن الإنسولين تكفي لسنة حينما سافر الى أفغانستان عام 1996 للتدرب في معسكرات «القاعدة». إلا أن «المؤونة استنفدت بعد 8 أشهر فقط بسبب معاناة الأب أيضا من ارتفاع الغلوكوز في الدم.

وحسب الوثائق والشهادات التي تدعي «شتيرن» أنها حصلت عليها فإن كادرا آخر من المقربين من بن لادن أكد الصلة الوثيقة لغانتشارسكي بزعيم «القاعدة». وجاء ذلك، حسب «شتيرن»، على لسان شاب أردني من كريفيلد (غرب المانيا) عمل حارسا شخصيا لابن لادن في أفغانستان. ويبدو أن المقصود هو الفلسطيني الأردني الأصل شادي عبد الله الذي تحول إلى شاهد اثبات ضد المغربيين منير المتصدق وعبد الغني المزودي المتهمين بالتواطؤ في عمليات 11 سبتمبر. ويفترض أن شادي عبد الله قال للمحققين إن «بن لادن يكن تقديرا كبيرا لغانتشارسكي».

ويقول كادر آخر من معتقلي «القاعدة»، وهو كريم مهدي المتهم أيضا بتفجيرات جربة، إن «غانتشارسكي كان متنفذا في القاعدة». ويرى المحققون أن كريم مهدي هو صلة الوصل بيت غانتشارسكي وعمليات 11 سبتمبر أيضا ، إذ تم تجنيد مروان الشحي ورمزي بن الشيبة في منظمة «القاعدة» بحضور مهدي المقرب من غانتشارسكي. ويربط المحققون الألمان بين غانتشارسكي واعتداء جربة، إلا أنهم لا يعتقدون بوجود صلة له بعمليات 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن.

وارتكبت عملية جربة، التي أودت بحياة 21 سائحا بينهم 14 ألمانيا ، من قبل نزار بن محمد نوار الذي قاد شاحنة المتفجرات إلى المعبد اليهودي في جزيرة جربة التونسية يوم 11 ابريل 2002 . ويعتقد المحققون الفرنسيون أن نوار تلقى الضوء الأخضر لتنفيذ العملية من غانتشارسكي عبر مكالمة هاتفية سبقت الانفجار بدقيقتين. وألقت الشرطة الألمانية القبض على غانتشارسكي بعد أيام قليلة من تفجيرات جربة، إلا أنها عادت وأطلقت سراحه لعدم كفاية الأدلة. وغادر المتهم ألمانيا إلى جهة مجهولة ثم اعتقلته الشرطة الفرنسية أثناء مروره المؤقت في مطار باريس. وسبق للقناة الثانية في التلفزيون الألماني أن تحدثت عن صلة غانتنشارسكي بخلية هامبورج التي شكلها محمد عطا وضمت الطيارين الانتحاريين الذين تحملهم الإدارة الاميركية المسؤولية عن تخطيط وتنفيذ عمليات 11 سبتمبر الماضي. وذكر البرنامج الاخباري في القناة الثانية ان رجال التحقيق عثروا في شقة الالماني المسلم غانتشارسكي (36 سنة) على تلفون رمزي بن الشيبة.

وأشارت مصادر صحيفة «بيلد» الواسعة الانتشار إلى وجود صلة تنظيمية لغانتشارسكي مع صومالي اسمه محمدو ولد ساهي (32) سنة كان يعيش في دويسبورج ايضا. وتعتبر الشرطة الفيدرالية الاميركية ولد ساهي أحد المقربين من ابن لادن وأحد مخططي عمليتي تفجير السفارتين الاميركيتين في نيروبي ودار السلام. كما ان هناك اشارة في ملف ولد ساهي، لدى الشرطة الاميركية، عن علاقة الموريتاني بالالماني غانتشارسكي.

وكشف برنامج «مونيتور» ، الذي تبثه القناة الأولى في التلفزيون الألماني، ان المتهم الآخر بالعمل في منظمة «القاعدة»، وهو الأردني شادي عبد الله اعترف بدوره بانه تعرف على غانتنشارسكي باسمه الحركي (ابراهيم) في إحدى قواعد بن لادن في قندهار عام 2000. كما يفترض حسب معلومات عبد الله ان يكون ابراهيم مزودا بهوية تتيح له الوصول الى مناطق خاصة بمطار قندهار لا يصلها سوى «العرب الأفغان» فقط.

وتثبت التحريات التي أجراها برنامج «مونيتور» في افغانستان ان غانتشارسكي أعان منظمة «القاعدة» في افغانستان في بناء شبكتها الالكترونية. ونجح الالماني المسلم في نصب سوفت وير خاص من صناعة المانية أتاح لمنظمة «القاعدة» استخدام شبكة الانترنت لخطوط تلفوناتها السرية.

على صعيد ذي صلة، دعا وزير الداخلية الاتحادي اوتو شيلي إلى مزيد من التشدد في اطار الحرب على الإرهاب. وقال الوزير امس أنه يحبذ «الحبس الاحترازي» للمشمولين بقائمة «الإسلاميين الخطرين» في ألمانيا وأن لم تتوفر أدلة ثابتة على احتمال تورطهم بعمليات إرهابية. وعبر الوزير عن قناعته بعدم جدوى الانتظار إلى حين وقوع الانفجارات للتحرك ضد المشبوهين.