انتخابات الرئاسة المصرية: خطة للحزب الحاكم لضمان تصويت 50% من المواطنين

خلافات داخل مجمع البحوث بالأزهر والكنيسة حول الموقف من المرشحين

TT

فيما يبدو أن الصراع على الانتخابات الرئاسية في مصر المقرر لها 7 سبتمبر ( أيلول) المقبل، سيشهد خلال الأيام المقبلة سخونة شديدة كحرارة صيف القاهرة في هذه الأيام، وذلك قبل انطلاق حملة الدعاية الانتخابية المقرر أن تبدأ في 17 أغسطس (أب) ولمدة 3 أسابيع تنتهي في 4 سبتمبر قبل يوم الاقتراع بـ48 ساعة، وفقاً لأحكام تعديلات المادة 76 من الدستور.

وبدا أن خوف الحكومة والحزب الحاكم من مقاطعة المواطنين المصريين الانتخابات الرئاسية، وذلك كعادة المصريين في السنوات الأخيرة، باعتبار أنه كان يتم اختيار الرئيس بالاستفتاء أي أن مشاركتهم من قبيل «تحصيل الحاصل»، وهو الأمر الذي يحرج مبارك نفسه والحزب الحاكم أمام الداخل والخارج الذي سيراقب عملية الانتخابات، حتى وإن لم يكن بمشاركة منظمات دولية. كما ستطعن قوى سياسية مصرية على ذلك أيضاً.

وبدأت الحكومة والحزب الوطني إلى دعوة المواطنين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والتخلص من السلبية والمقاطعة وبدأ عدد من رؤساء تحرير وكتاب الصحف الحكومية في الدعوة إلى ذلك. ويسعى الحزب الوطني إلى وصول عدد المشاركين في التصويت إلى أكثر من 50%.

وسيقتصر المنافسة الحقيقية بين ثلاثة مرشحين هم الرئيس الحالي حسني مبارك رئيس الحزب الوطني الحاكم، والذي يتعرض لحملة شديدة من قوى سياسية ومستقلة تطالب بعدم توليه فترة خامسة، ونعمان جمعة رئيس حزب الوفد الليبرالي، وأيمن نور عضو البرلمان الشاب رئيس حزب الغد الليبرالي، وذلك في أول انتخابات رئاسية في مصر منذ اعتماد النظام الرئاسي في 23 يوليو (تموز) عام 1952 عقب حركة الجيش وقيام ثورة يوليو وإلغاء النظام الملكي.

في الوقت نفسه لا يجد رؤساء الأحزاب الصغيرة أي فرصة لهم في التنافس مع الثلاثة السابقين.

وقد بدأت الأحزاب الثلاثة الوطني والوفد والغد في وضع خطة للتحرك خلال المرحلة المقبلة، وبدأ كل حزب في تشكيل المركز الإعلامي للحملة الانتخابية، وبدا في خطة الحزب الوطني الحاكم الاعتماد على تفعيل كامل للوحدات الحزبية بجميع مستوياتها في أنحاء الجمهورية، وترتكز الخطة على تكليف القيادات التنظيمية للحزب في المحافظات بالتحرك في اتجاهين، أحدهما خاص بالعمل التنظيمي بغرض حشد أعداد مستهدفة للخروج للتصويت لصالح مرشح الحزب يوم الانتخابات، والآخر خاص بالنزول بالبرنامج الانتخابي للمرشح إلى القواعد والجماهير في كل قرى مصر.

وتحدد الخطة التي أطلقت عليها «عملية هلال المستقبل»، التكليفات الرئيسية في إعداد بيان بأسماء الناخبين المستهدفين للتصويت والتأكد من أن عددهم لا يقل عن 50% من إجمالي الأصوات الانتخابية المقيدة بالجداول، ومتابعة الاتصال بالناخبين المستهدفين، والتأكد من خروجهم للتصويت يوم الانتخاب وتوفير وسائل انتقال يوم الانتخاب.

وقد بدأ حزب الوفد حملة مرشحه ورئيسه نعمان جمعة عبر صحيفته اليومية، وشن جمعة أمس هجوماً شديداً على حكومة الحزب الوطني، متهما إياها بأنها إدارة عاتية ومتمرسة في تزوير الانتخابات.

وقرر أيمن نور رئيس حزب الغد إصدار صحيفته الغد يوميا ابتداء من السبت المقبل 13 أغسطس، وأعلن نور جزءاً من برنامجه الانتخابي في عدد «الغد» الناطقة بلسان الحزب، وفي إطار منازلة جماعة الإخوان، قال نور إن من حق الجماعة أن يكون لهم حزب وصحيفة، واتهم نور وزير الداخلية حبيب العادلي بالكذب، وذلك في قضية الاعتداء على أحد أنصاره في مدينة بنها بدلتا مصر منذ 72 ساعة.

وعلى صعيد معركة الرئاسة نفسها واستبعاد المستقلين من الترشيح ورؤساء الأحزاب المتنازعين على رئاستها، أعلن طلعت السادات عضو البرلمان المصري، وابن شقيق الرئيس الراحل انور السادات اعتزامه الاستقالة من عضوية البرلمان، وتأييد النائب البرلماني المعارض أيمن نور والانضمام إلى حملته، وإهدائه وسام نجمة سيناء ـ أرفع وسام عسكري مصري ـ والتي حصل عليها الطيار عاطف السادات، الشقيق الأصغر للرئيس أنور السادات، وهو أحد شهداء حرب أكتوبر عام 1973 ويحتفظ بها طلعت ضمن مقتنيات العائلة.

وكان طلعت السادات قدم طعناً في قرار استبعاده من الترشيح لانتخابات الرئاسة، مجدداً تأكيده رئاسته لحزب الأحرار بعد صدور حكم القضاء الإداري بعدم الاعتداد بقرار لجنة شؤون الأحزاب بتولي منافسه حلمي سالم رئاسة الحزب، الذي استبعدته اللجنة أيضاً من قائمة المرشحين لمنازعته السادات على رئاسة الحزب المعارض.

المعروف أن حزبي الناصري والتجمع اليساري المعارضين، أعلنا مقاطعة الانتخابات الرئاسية، كما دعت حركة «كفاية» أشد الحركات المعارضة لترشيح مبارك للرئاسة لفترة خامسة، إلى مقاطعة الانتخابات أيضاً، وهو الأمر الذي يثير إزعاج الحزب الحاكم.

وعلى صعيد متصل، أثار إعلان مؤسسات دينية تأييدها لترشيح حسني مبارك خلافات، داخل مجمع البحوث الإسلامية بعد إعلان كل من شيخ الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف تأييد مبارك في حين رفض أعضاء في المجمع إصدار برقية تأييد لمبارك، والأمر نفسه تكرر في الكنيسة القبطية المصرية بعد إعلان البابا شنودة الثالث بطريرك الأقباط الأرثوذكس، وكبار رجال الكنيسة (المجمع المقدس) تأييد ترشيح مبارك.

وعلى خلفية ذلك، قررت مطرانية الجيزة للأقباط الأرثوذكس إصدار قرار مفاجئ بوقف القس فلوباتير جميل راعي كنيسة السيدة العذراء بالطوابق، ورئيس تحرير جريدة قبطية مثيرة للجدل في الفترة الأخيرة على المستوى السياسي والديني، بسبب ما وصفته بخروج القس على قرار المجمع المقدس بتأييد مبارك، وهو كيان ذات طبيعة دينية محضة، ويفترض ألا شأن له بالسياسة وانضمامه إلى حزب «الغد» المعارض، ثم ظهوره عبر بعض وسائل الإعلام إلى جانب أيمن نور رئيس الحزب، وهو القرار الذي فسره القس الموقوف عن العمل بقوله إن أجهزة الأمن مارست ضغوطاً بالاتصال بقيادات الكنيسة، لإيقافه أثناء الانتخابات الرئاسية، وقد قام القس فلوباتير بالرد على ذلك بقوله: «لا يوجد قانون كنسي، يمنع رجال الدين من الانضمام إلى الأحزاب، وقد سبقني في ذلك العديد من رجال الدين المسيحي بداية من القمص سيرجيوس، وبوس باسيلي والانبا كيرلس أسقف نجع حمادي، وانتهاء بالقمص صليب متى ساويرس».

ومضى القس فلوباتير قائلا: «إن الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة وتوابعها، أبلغه بأنه لا يوجد ما يحظر على رجال الدين الانضمام إلى حزب سياسي، شريطة ألا يؤثر هذا الأمر على خدمته».

وطالب فلوباتير البابا شنودة بإجراء تحقيق معه أمام المجلس الاكليريكي، مبدياً استعداده التام للامتثال لأي قرار تصدره الكنيسة، مشيراً إلى أن القرار الذي اتخذته مطرانية الجيزة، لم يتخذ بناء على تحقيق معه، وقال: «لا يمكن أن يكون اختيار أو عدم اختيار الرئيس مبارك مخالفة للكنيسة، فكل شخص حر يختار من يريد»، حسب تعبيره.

واختتم القس ـ الموقوف كنسياً ـ تصريحاته قائلا: «إنه يرى أن الرئيس مبارك ليس هو الشخص المناسب للاستمرار في الحكم، خاصة بالنسبة للأقباط، لأنه لم يكن له دور في حل مشاكلهم بشكل جذري، ولم يصدر قانون الأحوال الشخصية للأقباط منذ عام 1977 وحتى الآن، بالإضافة إلى المشاكل الأخرى التي يعاني منها الأقباط، ولم يحلها الرئيس مبارك بالرغم من أنه صاحب القرار الأول والأخير»، على حد تعبيره.

إلى ذلك أكدت مصادر مطلعة أن الحزب الوطني الحاكم وقياداته يخشون من تكرار ما حدث في الاستفتاء على تعديلات المادة 76 وتقرير نادي القضاة حول ذلك.

وكان التقرير الذي أعده نادي القضاة حول الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور، قد أكد وقوع عمليات تزوير واسعة في نتائج الاستفتاء، مشيرة إلى أن نسبة المشاركة كانت أقل بكثير من النسبة التي أعلنتها وزارة الداخلية، ولفت التقرير إلى أن اللجان التي كان يرأسها أعضاء من الهيئات القضائية، لم يزد عدد الناخبين المقترعين فيها على 3% بينما وصلت نسبة التصويت في اللجان التي رأسها موظفون حكوميون إلى أكثر من 90% ووصل في الكثير منها إلى 100%، وهو ما دفع معدو التقرير للتعليق قائلين: «إن الوصول إلى النسبة الأخيرة يفترض أن جميع المقيدين أمام تلك اللجان بقوا على حالهم منذ ضبط الكشوف في نهاية العام الماضي، وحتى موعد الاستفتاء، فلم يتوف منهم أحد، ولم يسافر منهم أحد، ولم يحل بين أي منهم والحضور، حائل من مرض أو عمل أو كسل.