مصادر فرنسية: الترويكا الأوروبية ليست مستعجلة في نقل الملف الإيراني إلى مجلس الأمن

TT

قالت مصادر فرنسية رسمية إن الترويكا الأوروبية «حريصة على عدم قطع خيط الحوار مع إيران" رغم أن هذه الأخيرة قد رفضت المقترحات الأوروبية التي قدمت إليها يوم الجمعة الماضي، كما انها استأنفت نشاطات تحويل اليورانيوم الى غاز في مصنع أصفهان.

ودعت المصادر نفسها إيران الى «إعادة النظر في موقفها وتقويم الثمار التي يمكن أن تجنيها» من قبول المقترحات الأوروبية، التي تجعل منها «شريكا كاملا للاتحاد الأوروبي»، والتي تفتح أمامها واسعا ابواب التكنولوجيا النووية السلمية وتمنحها ميزات اقتصادية وتجارية وتكنولوجية رئيسية.

وتقول المصادر الفرنسية، إنه إذا كان غرض إيران كما تدعي هو الاستخدام السلمي للطاقة النووية من أجل انتاج الطاقة الكهربائية وتخفيف الاعتماد على النفط أو الغاز، فإن اعتراف الاتحاد الأوروبي ثم الولايات المتحدة بشرعية البرنامج النووي الإيراني واستعداد أوروبا لضمان تزويدها بالوقود النووي في إطار اتفاق متكامل «كفيلان بالاستجابة للمتطلبات الإيرانية». وبالمقابل فإن رفض طهران المتعجل و«المذهل» لهذه المقترحات، «يثير مزيدا من الشكوك حول الغاية الفعلية للبرنامج النووي الإيراني».

وتعترف المصادر الفرنسية من الناحية المبدئية بحق إيران، بموجب نصوص معاهدة عدم انتشار السلاح النووي في تحويل اليورانيوم وتخصيبه تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة النووية. لكنها تؤكد بالمقابل أن قيام إيران طيلة سنوات بنشاطات نووية سرية، وبعيدا عن رقابة الوكالة الدولية «يجعلنا نفقد عنصر الثقة ويدفعنا الى المطالبة بضمانات موضوعية حول طبيعة البرنامج الإيراني». وتستطرد المصادر الفرنسية قائلة: «في ظل مناخ التشكيك والظنون، فإن الضمانة الموضوعية الوحيدة المقبولة، هي أن تمتنع إيران عن نشاطات التحويل والتخصيب وإعادة معالجة الوقود النووي وأن تتكفل الترويكا الأوروبية بضمان تزويدها الوقود النووي من روسيا لمفاعلاتها النووية».

وتعتبر باريس أن المقترحات الأوروبية، لو قبلت، فإن من شأنها أن تخطو بإيران خطوات واسعة الى الأمام، من خلال إعادة اندماجها تماما في المجموعة الدولية وتحويلها شريكا كاملا اقتصاديا وتجاريا وتكنولوجيا وفي مجال الطاقة لأوروبا». وقياسا لما كان (ولما هو) عليه واقع إيران، فإن ذلك يمثل «كسبا استراتيجيا كبيرا لإيران، على المدى البعيد»، كما أنه يوفر لها «ضمانات» لسلامة أراضيها وسيادتها. وبحسب باريس فإن الترويكا الأوروبية «لا تريد الاستعجال في نقل الملف الإيراني الى مجلس الأمن»، كما أنها «ترغب في تفادي الانخراط سريعا في مناقشة مشاريع لفرض عقوبات أو التهديد بفرض عقوبات على إيران بسبب ملفها النووي في الوقت الحاضر ما يعني الدخول في دوامة خطيرة والوصول الى منطق المواجهة».

ويعزو مطلعون على الملف الإيراني «اللهجة الطرية»، التي تستخدمها الترويكا منذ أن رفضت إيران المقترحات الأوروبية ومعاودة نشاطات تحويل اليورانيوم، بعد التصريحات التحذيرية الأسبوع الماضي، الى صعوبة الحصول على الأكثرية اللازمة في مجلس الأمن للوصول الى قرار فرض عقوبات ما على إيران. وتعترف هذه المصادر بأن الجانب الإيراني «ناور حتى الآن بمهارة، إذ التزم قراءة حرفية لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، ثم عاود نشاطات تحويل اليورانيوم وحدها وامتنع (حتى الآن)، عن معاودة نشاطات التخصيب» التي تعد الأكثر خطورة. ويفهم من تعاطي طهران مع هذا الملف، أن الإيرانيين يقومون بـ«تجزئة». وفائدة التجزئ أنهم اعتبروا أن لا عودة عن نشاطات تحويل اليورانيوم في مصنع أصفهان، إذ أنها أمر قائم و نهائي، وان الخطوة التالية، من وجهة نظرهم هي التفاوض على استئناف نشاطات التخصيب وهكذا دواليك. ومن هذا المنطلق، تعتبر المصادر الفرنسية التي تقول إن المقترحات الأوروبية «قابلة للنقاش والتطوير والأخذ والرد» أن الخضوع لإيران وقبول معاودتها لنشاطات التخصيب ستعقبانهما مطالبة إيرانية بقبول نشاطات التخصيب، ما ينسف الأساس الذي بنيت عليه مقترحات الترويكا، ويثير مجددا الشكوك بنوايا إيران الحقيقية.

وفي عملية لي الذراع القائمة حاليا بين إيران والقوى الغربية، تعزو المصادر الفرنسية «التصلب والجرأة» اللتين يتصف بهما الموقف الإيراني، لوعي المسؤولين في طهران أنه «طالما أن واشنطن غارقة في المستنقع العراقي، فسيكون من الصعب عليها إيذاء إيران والتضييق عليها عمليا، وبالتالي فإن أمام النظام الإيراني فسحة طويلة من الوقت للمناورة، وهو ينوي استخدامها».