نائب رئيس حزب التحرير البريطاني : لسنا حزبا عسكريا ولا ندعو إلى العنف

قال إن ملفات الحزب فتحت في بريطانيا وأستراليا والدنمارك بعد آسيا الوسطى وروسيا وألمانيا

TT

قال مسؤول كبير من «حزب التحرير» ان فرض حظر على فرعها في بريطانيا سيزيد من اقبال الشباب المسلم الغاضب في الجامعات البريطانية على الاقتناع بأفكار الحزب الذي يرفض العنف. وقال المهندس حسن الحسن نائب ممثل حزب التحرير في بريطاينا ردا على اسئلة «الشرق الاوسط»، «ان العالم الإسلامي هو محط نظر الحزب لإقامة دولة الخلافة الاسلامية»، مؤكدا أن «حزب التحرير» ليس بحزبٍ عسكري، كما أنه لا يستعمل العنف لحمل دعوته للآخرين، ورغم ذلك فهناك اقبال من ابناء الجالية المسلمة على الايمان بافكار الحزب. وأضاف الحسن، وهو (فلسطيني الاصل) «ما تفعله الحكومة البريطانية ضدنا لن يؤدي الا لزيادة حماس المسلمين لنشر عقيدتنا بعد ان تكشف ان هذه الحرب انما هي بين الغرب والحضارة الاسلامية». وكان توني بلير رئيس الوزراء البريطاني أعلن الاسبوع الماضي الاتجاه لحظر ثلاثة احزاب اصولية هي «المهاجرون» التي حلت نفسها في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي و«الغرباء» و«حزب التحرير»، في رد فعل تجاه التفجيرات التي نفذها اربعة مسلمين بريطانيين في السابع من يوليو (تموز) الماضي وقتلوا فيها انفسهم و52 شخصا اخرين داخل ثلاثة من قطارات الانفاق وحافلة للركاب.

يذكر أن حزب التحرير، كان تأسس في العام 1953 في مدينة القدس على يد القاضي تقي الدين النبهاني. وحسب بيان تأسيسه، فإنه «تكتل سياسي، وليس تكتلاً روحياً، ولا تكتلاً علمياً، ولا تعليمياً، ولا تكتلاً خيرياً، والفكرة الإسلامية هي الروح لجسمه، وهي نواته وسرّ حياته». وجاء الحوار مع المهندس حسن الحسن على النحو التالي:

* ما موقفكم من الاتجاه لحظر حزب التحرير؟

ـ لا بُدّ من التذكير بدايةً بأنّ «حزب التحرير» هو حزبٌ سياسيٌ يهدف إلى إقامة «الخلافة» في العالم الإسلامي، تلك التي توحد الأمة وتُحَكِّمُ الإسلام في واقعها. ويقتصر عمل الحزب على الصراع الفكري والكفاح السياسي السلمي إضافة إلى طلب النصرة من القادرين عليها. ويشهد جميع المراقبين بأن «حزب التحرير» لم يمارس أعمال عنفٍ مادية قط ، خلال مسيرته الممتدة لأكثر من 50 سنة، وبهذا يَتبينُ أنّ إصرار بلير على حظر الحزب، هو دليلٌ على عجزه عن مواجهة فكر الحزب المتميز بالقوة والوضوح، السبب، الذي جعل الحزب يكتسب أنصاراً كثراًً من المسلمين ومن غيرهم، حيث اعتنق العديد من الغربيين الإسلام وانتظموا في صفوف الحزب، وهذا ما يؤرق الزعماء الغربيين ويجعلهم يبحثون عن أي سببٍ لحظر الحزب، بغية الحد من انتشاره. لذلك فإنّ هناك حملة دولية منظمة على الحزب، حيث تم فتح ملف «حزب التحرير» في الدنمارك وأستراليا مباشرةً عقب إعلان توني بلير عن عزمه حظر الحزب وتطويع كل القوانين، بما فيها حقوق الإنسان لتحقيق ذلك.

* لكنكم تعيشون في الغرب، ودولة «الخلافة» التي تأملون فيها تتعارض مع الديمقراطية التي تفصل الدين عن الحياة، وبالتالي فمن المنطقي أن يتمّ حظركم أليس كذلك؟ ـ إنّ «حزب التحرير» يعتبر العالم الإسلامي هو محط نظره ومرتكز عمله لإقامة دولة الخلافة وليس لندن او احدى العواصم الغربية، ذلك، الذي يزعم أنه لا يحاكم الأفكار ولا يحظر عقيدة أو أيديولجية، وأن المحك لديه هو عدم استعمال العنف لتحقيق تلك الأفكار. وبشهادة المؤسسات السياسية ومراكز الدراسات والبحوث في الغرب نفسه، فإنهم يقرون بحقيقة هي: إن حزب التحرير ليس بحزبٍ عسكري، كما أنه لا يستعمل العنف لحمل دعوته للآخرين. ما يدل على أن الغرب قد خالف مبادئه وان تحدث عن فكرة قبول الرأي الآخر، وظهرت هشاشة الديمقراطية التي طالما تشدق بها الغرب ويدعو زعماؤه إلى عولمتها وتطبيقها في العالم الإسلامي.

* طالما أنكم لا تؤمنون بقيم الغرب ولا بديمقراطيته فلم تعيشون في ظل أنظمته؟

ـ إن الغالبية الساحقة من المسلمين المقيمين في بريطانيا ، كما في أكثر البلدان الغربية الأخرى أيضا، هم ممن ولدوا وترعرعوا فيها، ولا يعرفون لهم موطناً سواها، ولذلك كان من الطبيعي أن يستمروا في العيش فيها، بخاصة مع غياب دولة الخلافة التي تمثل المسلمين وتحميهم وتحتضنهم. أضف إلى ذلك أن الدول العربية والإسلامية حالياً، تُعتبرُ مناطق نفوذ استراتيجية للغرب، وتخضع إما لاحتلاله العسكري أو لهيمنته المباشرة، وهو من يفرض على العالم الإسلامي التجزئة وفصل الدين عن الحياة، ويدفع الأنظمة الحاكمة فيه لمحاربة الإسلام الذي يدعو إلى رفض معايير الغرب الخاصة به والانعتاق من براثنه، ما يجعل العيش في الغرب والشرق حالياً، من الناحية الواقعية، هو عيشٌ تحت هيمنة الغرب وتسلطه.

* لكنّ الغرب يحارب التطرف الاصولي والإرهاب، فلماذا لا تُعدِّلونَ من مناهجكم لتقتربوا أكثر من الغرب فيتحقق التعايش بينكم؟

ـ إن الهدف الحقيقي الذي ينشده الغرب من وراء حملته على ما يسميه «إرهاباً» هو النيل من الإسلام نفسه، وليس أي شيء آخر، ويتضح ذلك بشكلٍ جلي بالنظر إلى المعايير الأربعة التي وضعها بلير في آخر مؤتمرٍ عامٍ لحزب العمال، حدد من خلالها الإسلام المقبول «المعتدل العلماني»، والإسلام «المتطرف المرفوض» ذلك الذي اعتبره يدعو إلى «إزالة دولة اليهود من فلسطين»، وإزالة نفوذ الغرب من العالم الإسلامي، وإلى تحكيم الشرع الإسلامي، وإلى إقامة دولة الخلافة. وهذه المعايير الأربعة التي يرفضها بلير هي أحكام شرعية، لا يمكن إنكارها والتخلي عنها إرضاء له أو لغيره. كما أن هذه المعايير «المتطرفة» هي التي تعبر عن آمال الأمة الإسلامية وأمانيها، ما يعني أن دعوة بلير هي صريحة لترك الإسلام وتبني العلمانية، وبالتالي استمرار المذلة والهوان والتبعية له. وهذا ما لا يمكن قبوله بحال.

* كيف ستواجهون حظركم في بريطانيا إذا ما تمّ حسم القضية من قبل الحكومة البريطانية؟

ـ لقد وجدنا دعماً كبيراً جداً من الجالية الإسلامية في بريطانيا وعلى كافة الصعد، كما شاهدنا انتقاداً لاذعاً لبلير وقراره الجائر من قبل شخصيات معتبرة مستقلة ومن لجان حقوق الإنسان وصحافيين وحتى أعضاء في مجلس البرلمان، ما يعني أن حركة الاحتجاج تتصاعد تعاطفاً مع حزب التحرير منددةً بقرارات الحكومة البريطانية وتخبطاتها. وقد بدأنا نلاحظ ازدياد احتضان الكثيرين لقضيتنا ولتعاطفهم معنا، كما أننا نعمل على سلوك كافة الطرق السلمية لمنع تطبيق حظر الحزب. نحن نعتقد بأن قضيتنا عادلة ومحقة ولن نتراجع عن تبنينا لقضايا الأمة الإسلامية، ولا عن انتقاد سياسات بوش وبلير الجائرة في العالم الإسلامي، كما سنستأنف كل قرارٍ يصدر بحظرنا.

* ما هو تقييمكم لأثر القرارات الجديدة على مستقبل الجالية الإسلامية في ظل تغيّر قوانين اللعبة كما قال بلير؟

ـ إن ما نشهده اليوم من تصريحات وسياسات من قبل الزعامات الغربية، تضع المسلمين على مفترق طرق في الغرب عموماً، وفي أوروبا تحديداً، حيث يتم فرض ثلاثة خيارات عليهم: الرحيل على عجل، أو قبول قيم الغرب العلمانية واعتناقها، أو العقوبات والمحاكمات والترحيل القسري، وللمفارقة في الموقف، فقرارات لندن تذكر بتلك السياسات التي طبقت سابقاً على المسلمين في الأندلس، وواضحٌ أن الغرب بات يتعاطى مع المسلمين على أساس أنهم خطر مستقبلي وقنبلة موقوتة، وأن بقاء ولاء المسلمين لدينهم ولأمتهم ولقضاياها، وانتقادهم المستمر للغرب، يشكل هاجساً جدياً مقلقاً لهم، ولذلك آثروا أخذ تلك الإجراءات الظالمة سريعاً لزيادة الضغوط على المسلمين، لإيقاف أبواب الهجرة المتدفقة، وللخلاص من أكبر قدر ممكن منهم في نفس الوقت ولإحكام قبضتهم على الجالية الإسلامية وممثليها. في الواقع، إن عملية إقصاء المسلمين وعزلهم وتهميشهم، وإرغامهم على اعتناق الثقافة الغربية تحت عناوين الاندماج ومراكز الحوار وتعدد الثقافات ليس أمراً جديداً، ولذلك فإنّ ما قاله توني بلير عن تغيّر قوانين اللعبة، هو انكشافٌ لها على حقيقتها الشرسة ليس إلا.

* ما هي الرسالة التي تريدون توجيهها إلى المسلمين؟

ـ إنّ إخفاق المسلمين سابقاً عن إدراك أن إقامة دولة الخلافة هو وحده الكفيل بإيقاف مآسيهم وبناء عزهم وتحقيق نهضتهم، هو الذي أدى إلى كل هذا النزيف الدامي على مداد الكرة الأرضية، من غوانتاناموا في كوبا إلى سجن سجليق في أوزبكستان مروراً بفلسطين والعراق وأفغانستان، فضلاً عن هوانهم وهيمنة الغرب عليهم واحتلاله لبلدانهم وإطباقه على ثرواتهم. لذلك فإنّ عليهم أن يضعوا نصب أعينهم صب الجهود وتكثيفها لإقامة دولة الخلافة وتوحيد الأمة من خلالها. هذا بشكلٍ عام، أما بالنسبة للمسلمين في الغرب، فإن عليهم أن يفخروا بإسلامهم وأن يشمخوا به وأن لا يرضوا الدنية في دينهم، كما أن عليهم أن يتكاتفوا سويةً لاتخاذ الإجراءات التي تظهر صلابتهم ووحدتهم في مواجهة سياسات الدول الغربية الهادفة إلى تمزيقهم تحت عناوين: مسلم معتدل وآخر متطرف.