دعوة الحكيم لإقامة إقليم فيدرالي شيعي في الوسط والجنوب تثير ردود فعل متباينة في الشارع العراقي

شيعة عارضوا المقترح وسنة أصيبوا بـ «الصدمة والخوف»

TT

أثارت دعوة رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، عبد العزيز الحكيم، أول من امس الى اقامة اقليم شيعي في وسط وجنوب العراق يضم 9 محافظات في اطار الفيدرالية، ردود فعل متباينة وانقساما في الأوساط السياسية الشيعية وصدمة في أوساط السنة الذين اعتبروا انها قد تكون مقدمة لتقسيم العراق.

فبينما أعلن عمار الحكيم، نجل زعيم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية عبد العزيز الحكيم، تأييده لهذه الفيدرالية، عارضها الناشط السياسي والباحث العراقي اياد جمال الدين، بينما اعتبر كل من سليم عبد الله وصالح المطلك (من العرب السنة) هذا المشروع بمثابة «الصدمة»، فيما رأى راسم العوادي، قيادي في حركة الوفاق الوطني، ان هذا المقترح «يشكل ورقة ضغط». من جهته، وصف السياسي الكردي المستقل محمود عثمان تصريحات الحكيم بأنها «مفاجأة»، بينما طالب عضو الجمعية الوطنية عن الائتلاف الشيعي منتصر الامارة بقيام فيدرالية من ثلاث محافظات.

وقال عمار الحكيم في حديث لـ «الشرق الاوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد أمس ان «ما طرحه الوالد (عبد العزيز الحكيم) لضم 9 من محافظات الفرات الاوسط والجنوب في فيدرالية واحدة، كون سكان هذه المحافظات متجانسين في معاناتهم وانتماءاتهم وما عانوه من مظلومية، هذا المشروع يخلق توازنا سياسيا بين الجنوب والوسط وبين فيدرالية كردستان».

وأضاف الحكيم قائلا: «ما دام نظام الحكم في العراق سيكون نظاما فيدراليا فلماذا لا تكون هناك فيدراليات أخرى تحافظ على وحدة العراق وتوازناته السياسية؟ ستكون هناك فيدرالية للأكراد في الشمال وفيدرالية اخرى في وسط وجنوب العراق».

ونفى الحكيم أن تكون هذه الفيدرالية شيعية، مع انها تضم جميع المحافظات الشيعية، وقال: «هناك من الاخوة السنة من يسكن في هذه المحافظات وأنا ضد هذه التسميات الطائفية، فما يهمنا بالتالي هو مصلحة العراق والعراقيين».

وعن تزايد النفوذ الايراني في جنوب العراق، وخاصة محافظة البصرة، قال الحكيم: «الاعلام يضخم مسألة النفوذ الايراني في الجنوب ويسيء الى سكان هذه المحافظات، نحن مع علاقات حسن الجوار، وهناك تدخلات اقليمية في العراق من كل جانب لماذا لا يتحدثون عنها؟»، مشيرا الى «اننا لا ندافع عن ايران، نحن نحرص على علاقات حسن جوار وسبق ان اوضحنا ذلك في علاقتنا مع الكويت او غيرها».

من جهته، رأى اياد جمال الدين ان طرح موضوع مشروع فيدرالية في وسط او جنوب العراق يأتي في غير وقته كون أولويات العراقيين الآن هي توفير الأمن والخدمات وبناء مؤسسات الدولة واجهزتها، مشيرا الى انه لا يتحدث عن فيدرالية الاكراد «ذلك ان فيدرالية اقليم كردستان موضوع آخر ومختلف وجميع العراقيين يكادون ان يتفقوا عليه».

وقال جمال الدين في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد أمس «نحن بحاجة الى بناء مؤسسات الدولة الآن، وأرى من المناسب الحديث، إذا كان ولا بد عن نظام اللامركزية في ادارة المحافظات ولتكن عونا للحكومة»، مضيفا «المهمة الاولى التي يجب الاهتمام بها هي بناء مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات للناس الذين لم يسألوا او يطالبوا بالفيدرالية، بل هم يطالبون بتوفير الخدمات من كهرباء وماء وأمن». وقال سليم عبد الله، القيادي في الحزب الاسلامي العراقي والعضو في لجنة كتابة الدستور، أمس ان «هذه الدعوة تؤكد على حقيقة مخاوف العرب السنة من ان هناك عملية لتجزئة البلد لأقاليم عدة تعطى لها صلاحيات واسعة». وتابع: «ان اللجوء لتجزئة البلد تدريجيا من محافظات الى اقاليم ليس على أساس دراسة مفصلة فهذا أمر مرفوض من قبلنا».

من جانبه، أكد صالح المطلك، الناطق الرسمي باسم مجلس الحوار الوطني العراقي (سني)، ان دعوة الحكيم «سببت لنا الصدمة والخوف. فتوقيتها جاء سيئا وقبل ثلاثة أيام فقط من الموعد الأقصى لتقديم مسودة الدستور الى الجمعية الوطنية».

واعتبر راسم العوادي (شيعي) القيادي في حركة الوفاق الوطني العراقي الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي، دعوة الحكيم «ورقة ضغط». وقال ان «أي تصعيد قبل الدستور غير صالح». وأكد العوادي ضرورة «الحفاظ على وحدة الشعب العراقي مع احترام خصوصيات الشعب بمختلف قومياته وطوائفه».

وأوضح منتصر الامارة، عضو الجمعية الوطنية من الائتلاف الشيعي «أنا لست مع الفيدرالية من تسع محافظات، بل مع فيدرالية من ثلاث محافظات لتحقيق التوازن السياسي وتوفير الفرص أمام أبناء المحافظات، ليس هناك في الوزارة أي شخص من السماوة او الديوانية، بينما هناك تسعة وزراء اكراد كونهم مجتمعين في فيدرالية من ثلاث محافظات». وقال الامارة: «لو كان جنوب العراق مثلا البصرة والعمارة والناصرية قد شكلوا فيدرالية لشكلت قوى سياسية مهمة ولفرضت ترشيح عدد كبير من الوزراء في الحكومة العراقية. أنا ضد التقسيمات القومية او الطائفية فلا نستطيع أن نسمي فيدرالية الجنوب بالفيدرالية الشيعية او فيدرالية الشمال بالفيدرالية الكردية فهذا يعني بداية تقسيم العراق وانا ضد أي مشروع يقسم او يجزئ العراق».

وحذر إمام سني عضو في هيئة علماء المسلمين من خطورة الفيدرالية على وحدة العراق، مؤكدا ان «الفيدرالية مؤامرة لتجزئة البلاد». واضاف إمام مسجد ام القرى في خطبة الجمعة «لقد قلنا ان للاخوة الاكراد في شمال البلد خصوصيتهم ما دامت فيدراليتهم ضمن البلد الواحد، اما ان ينقسم البلد الى فيدراليات فذلك ما يريده اليهود والاعداء». وقال: «أخاطب الاخوة الاكارم في جنوب البلاد الا يقعوا في الفخ واذا بجزء من البلاد يكون ضيعة من ضياع دولة اخرى».

من ناحيته، قال محمود عثمان السياسي الكردي المستقل «صحيح نحن متفقون مع الشيعة على مبدأ الفيدرالية لكن تصريحات الحكيم كانت مفاجأة بالنسبة لنا». ورأى عثمان ان «هذه التصريحات قد تثير حساسية من قبل العرب السنة الذين لا يقبلون بأي نوع من الفيدرالية ويقولون انها ستؤدي الى تفتيت العراق وتزيد النفوذ الايراني في البلاد».