العاهل الأردني يأسف لما وصلت إليه العلاقة بين الحكومة والبرلمان وينتقد الصحف التي تنشر «إشاعات وأكاذيب»

في كلمة ألقاها قبل بدء زيارة رسمية إلى روسيا

TT

أكد العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني انه ليس من مصلحة الوطن ان تصبح العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية علاقة صراع او ان يتحول مجلس النواب الى ساحة معركة بين الكتل او مراكز القوى، موضحاً ان المصلحة الوطنية يجب ان تكون فوق كل المصالح والاعتبارات. وقال انه اذا كان النواب غير راضين عن أداء الحكومة، فإن المواطنين غير راضين عن اداء النواب، مؤكداً انه لا أحد يستطيع ان يستقوي على الوطن ولا علينا لأننا على حق وانتماؤنا للوطن اقوى بكثير من كل من يحاول الاستقواء بأي جهة اخرى. وأوضح العاهل الاردني انه يعرف هؤلاء الاشخاص ويعرف اهدافهم وتحركاتهم، لافتاً الى ان بعض الصحف الاسبوعية تمارس التنافس بينها في نشر الاشاعات والاكاذيب من اجل الربح المادي ولو على حساب المصلحة الوطنية، وتمارس «إطلاق النار» في كل الاتجاهات وعلى كل المسؤولين، داعياً الى الترفع عن المشاركة في هذه الصحف وترويج ما يصدر عنها من اشاعات واتهامات وتجني على الحقيقة. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال لقائه في الديوان الملكي امس رؤساء واعضاء مجالس الوزراء والاعيان والنواب ورؤساء الوزارات السابقين ومستشاري العاهل الاردني. وأوضح ان مصلحة الوطن هي اكبر من كل المناصب والمكاسب وأكبر بكثير من الوقوف عند مدير يريد ان يصبح وزيراً او رئيس وزراء او رئيس مجلس نواب او اعيان. كما اكد ان العلاقة بين السلطات الثلاث، وخاصة التشريعية والتنفيذية، يجب ان تكون علاقة تعاون وتكامل مبنية على الثقة والاحترام والشعور بالمسؤولية، مشيرا الى بعض مظاهر عدم الثقة وتبادل الاتهامات وإلقاء اللوم والمسؤولية من كل فريق على الفريق الآخر، معربا عن أسفه لما وصلت اليه الامور بين الحكومة والنواب ومحاولة كل طرف لي ذراع الطرف الاخر. وقال ان التحديات امامنا كبيرة وهي بحاجة الى جهد وعمل وتعاون وشراكة حقيقية بين الجميع، منتقدا ما يتداول في الصالونات التي يمارس بعض روادها او اصحابها تسريب الاشاعات والاخبار الكاذبة الى الصحافة الاجنبية خدمة لأجنداتهم الخاصة او الاستقواء على الوطن. وقال دعونا نتحدث بصراحة ونعترف ان هناك بعض التقصير وهناك بعض الاخطاء لا تتحمل المسؤولية عنها جهة او طرف لوحده وانما هي مسؤولية الجميع.

واكد الملك عبد الله ان المسؤولية تقع على عاتق الجميع في التصدي لأي مشكلة تواجهنا وعلى كل فرد ان يقوم بواجبه ويتحمل مسؤوليته بشجاعة واخلاص. وقال انه من غير المعقول ولا المقبول ان يتدخل الملك في كل صغيرة وكبيرة او يحمل المسؤولية لوحده.

وقال اريد ان يعرف كل مواطن ومواطنة أنني للجميع وليس عندي أحد مقربا او محسوبا علي أكثر من غيره، فمكانة اي مواطن او مسؤول عندي هي بمقدار ما يخدم هذا البلد باخلاص وامانة بغض النظر عن اي روابط أو علاقات انسانية او شخصية.

واعتبر العاهل الاردني ان من يغادر موقع المسؤولية لا يعني انه معفى منها بل هو جندي احتياط وعليه واجب ومسؤولية تجاه الوطن الذي اكرمه ووضعه في موقع المسؤولية المتقدم. موضحا انه «عندما يكون الواحد في المنصب كل شيء صحيح وعندما لا يكون في المنصب كل شيء خطأ، فهذا منطق مرفوض وعيب». مشيراً الى ان الاهم من توجيه الانتقاد هو طرح البديل والروح الايجابية والشجاعة في مواجهة المشاكل ووضع الحلول الواقعية لها.

وفي معرض انتقاده للواسطة التي وصفها بانها عمل غير شريف، دعا العاهل الاردني النواب والاعيان والوزراء بدل التوسط للناس للحصول على وظائف الى تغيير نظرة ابنائنا وبناتنا تجاه العمل والوظيفة وترسيخ مفهوم ان العمل المهني او اليدوي ليس اقل اهمية او مرود مادي من العمل المكتبي.

وقال انه من غير الجائز ان يبدا الواحد من ابنائنا او بناتنا حياته العملية باسلوب غير شريف او بشكل من اشكال الفساد. من جهة اخرى اكد العاهل الاردني رفض بلاده القاطع لمشاريع التوطين والوطن البديل مبيناً ضرورة تصدي الاردنيين جميعاً لأي مخطط يهدف الى حرمان الاشقاء الفلسطينيين من حقهم في العودة الى وطنهم وإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني وليس في أي مكان آخر. وقال ان الطريق الوحيد أمامنا للوقوف بوجه اي مخططات او أخطار تهدد الوطن هو ان يكون الاردن قوياً ومتقدماً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً. وحول مخاوف البعض من وجود مخططات لإعادة رسم خريطة المنطقة وتسوية بعض القضايا التاريخية على حساب الاردن، اوضح انه اذا كان هذا المخطط موجوداً فهو مؤامرة على الشعب الفلسطيني مثلما هو مؤامرة على الاردن، داعياً الاردنيين الذين هم من اصول فلسطينية للتصدي لمثل هذه المخططات. وقد توجه الملك عبد الله الثاني امس الى موسكو في زيارة رسمية لجمهورية روسيا الاتحادية هي السابعة من نوعها منذ تولى مقاليد الحكم في بلاده عام 1999. ويلتقي الملك عبد الله خلال الزيارة التي تستغرق 4 أيام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين، حيث تتصدر الاوضاع في الاراضي الفلسطينية والعراق اجندة المباحثات بين الجانبين. وقال مصدر مسؤول في الديوان الملكي ان تطورات الاوضاع على الساحة الفلسطينية ستكون مدار بحث بين العاهل الاردني والرئيس الروسي، خاصة في ضوء الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة واخلاء مستوطنات القطاع.

وستتناول المباحثات سبل دعم السلطة الفلسطينية والجهود التي تبذلها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة الى جانب اسرائيل عاصمتها القدس.