نازحو دافور بين نيران الحرب وأضرار السيول

TT

كما يليق بمقولة «ان المصائب لا تأتي فرادى»، تعيش مدينة الفاشر كبرى مدن اقليم دارفور المضطرب كارثة انسانية جديدة، خلفتها موجة امطار وسيول عنيفة ضربتها على مرتين خلال عشرة ايام، خلفت 8 قتلى، واكثر من 6400 متضرر بينهم 3000 مواطن بلا مأوى، لتضاعف من العبء الانساني الذي ظلت تعيشه المدينة باستضافتها نحو 90 الف نازح، فروا اليها العام الماضي من نيران مليشيات الجنجويد المرعبة. ويعاني المتضررون من الامطار والسيول في معسكري النازحين: ابوشوك وفيه 70 الف نازح، وزمزم اكثر من 15 الف نازح، فضلا عن الآلاف من سكان المدينة من نقص حاد في ماء الشرب والمأوى والغذاء والأدوية والوقود، ومضخات سحب المياه ومبيدات حشرية، وآليات للردم، واقامة السدود. هطلت الامطار الغزيرة في الدمينة في 3 أغسطس (آب) الماضي بصورة لم تشهدها المنطقة منذ 90 عاما، حسب الخبراء، خلفت 8 قتلى وانهيار آلاف المنازل وغرق مساحات واسعة من المزارع، وفوجئت المدينة في 13 اغسطس الجاري بسيول عنيفة اجتاحت الاحياء ومخيمات النازحين، لم تسفر عن مقتل احد ولكنها جرفت الآلاف من المنازل في المدينة خاصة الاحياء الطرفية. وتحدث مسؤولون في المدينة لـ«الشرق الاوسط» بان المدينة الآن في ازمة حقيقية بسبب الأمطار والسيول، واشاروا الى «بطء وضعف استجابة المنظمات العاملة في مجال الغوث الانساني، لإغاثة المتضررين».

وقالوا ان اكثر المناطق المتأثرة هي: معسكر ابوشوك، وحي بانتيو، ومناطق الدرجة الاولى جوار مطار المدينة، والمناطق حول جامعة الفاشر، واضافوا ان الحكومة الآن في حالة استنفار لمواجهة الازمة الى جانب عملها المستمر لاحتواء مشكلة نازحى الحرب في دارفور.

وافاد المسؤولون ان الوضع يحتاج الى عمل هندسي كبير والي دعم بالآليات والبلدوزرات والعربات لتصريف المياه، وحذروا «ما لم يتم ذلك فان الكارثة ستتضاعف في حال هطول امطار جديدة».

وحسب المسؤولين فانه تم استنفار 600 شاب من الاتحاد بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية والخارجية للقيام بعمل الردم ورش البرك تحسباً لوجود اي طارئ صحي، واشارت الى ان جهود الاغاثة المحلية اسفرت حتى امس عن دعم معقول لاكثر من 6400 اسرة تأثرت بالسيول والمطار.

وكلفت حجم الكارثة التي خلفتها السيول والامطار بالمدينة الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة بالسودان بان برونك زيارة خاصة للمدينة اول من امس حيث تفقد المناطق المتضررة في مواقع النازحين، ووعد بالاستجابة للمطالب الانسانية العاجلة. من ناحيته، قال عثمان محمد يوسف كبر والي شمال دارفور، إن الولاية تحتاج الى معينات ضرورية تتمثل في ادوات المأوى ومواد غذائية وادوية وقطع غيار للآليات، وتوفير آليات جديدة وميزانيات للتسيير وشراء مواد غذائية من الأسواق ومصروفات ادارية لشراء الوقود والمحروقات والترحيل وادوات رش بملحقاتها لاصحاح البيئة، فضلا عن المساعدة في ترحيل المواد الموجهة من الخرطوم للفاشر. وقال اللواء امين السيد ابو شوك رئيس اللجنة العليا الشعبية لاغاثة دارفور «ان المدينة تعاني مشكلة حقيقية في شح المياه الصالحة للشرب ومن انقطاع التيار الكهربائي وذلك بسبب السيول والامطار، وذكر ان اللجنة بصدد تسيير طائرة خاصة لمتضرري السيول والامطار بالفاشر محملة بالمشمعات والاواني المنزلية كدعم اولي للمتضررين». وفي الخرطوم، بدأت المنظمات المحلية في تسيير قوافل دعم للمتضررين، وفي الخصوص، شكل اتحاد عام مزارعي السودان لجنة خاصة لاغاثة المزارعين المتضررين من السيول والامطار الغزيرة في الفاشر، وقال نائب رئيس اتحاد عام مزارعي السودان غريق كمبال ان اللجنة ستبدأ تحركاتها مباشرة خلال هذا الاسبوع بمقابلة الجهات المختصة ممثلة في وزارات المالية والشؤون الإنسانية والزراعية لبحث اطر دعم المزارعين المتأثرين بالسيول بالفاشر ومساعدتهم.

وذكر غريق ان السيول جرفت «مساحات مقدرة» كانت مزروعة بالمحاصيل لا سيما مناطق «الأودية» المتاخمة للفاشر، ولم يحدد حجم المساحات المتضررة بشكل قاطع.

وتحت اشراف حرم الرئيس عمر البشير «السيدة فاطمة الأمين»، تسير منظمة «البر والتواصل» محلية غدا قافلة لمتضرري السيول والامطار في الفاشر، وتحتوي القافلة وحمولتها ثمانية أطنان على مواد غذائية ووجبات جاهزة وكساء للنساء والأطفال إضافة إلى دواء وأواني منزلية بجانب حملة رش بالمبيدات لإصحاح البيئة.