الرئيس القبرصي يتعهد بمعرفة أسباب تحطم طائرة «هيليوس» والتحقيق يؤكد فظاعة المأساة

عدد من الضحايا كانوا على قيد الحياة لحظة سقوط الطائرة المنكوبة.. وكانت واجهت مشاكل سابقة في نظام الضغط

TT

نيقوسيا ـ لارنكا (قبرص) ـ اثينا ـ ا.ف.ب: ذكرت شركة «هيليوس» القبرصية للطيران أمس، ان الطائرة التابعة لها التي تحطمت الأحد الماضي في اليونان واجهت مشاكل في نظام الضغط الداخلي سابقاً. وكشفت الخيوط الاخيرة للتحقيق في الحادث الذي اسفر عن مقتل جميع الركاب الـ121، ان عدداً من الضحايا، بينهم مساعد الطيار، كانوا لا يزالون على قيد الحياة لحظة سقوط الطائرة. وبينما تستمر التحقيقات في الحادث الذي يعتبر أسوأ كارثة جوية في تاريخ بلاده، وعد الرئيس القبرصي تاسوس بابادوبولوس أمس بأن حكومته ستبذل كل ما في وسعها لكشف ملابسات تحطم الطائرة.

وجاء في بيان اصدرته شركة «هيليوس» انه «خلال ست سنوات من تاريخ الشركة، لم تتعرض طائراتنا إلا لحادث واحد يتعلق بفقدان الضغط داخل الطائرة». وقالت الشركة في البيان الذي نشرته على موقعها الإلكتروني: «نستطيع ان نؤكد ان الطائرة التي واجهت مشكلة في نظام الضغط هي نفسها التي تعرضت لحادث التحطم». الا ان الشركة لم تكشف عن تاريخ الحادث الأول.

وصرح الرئيس القبرصي للصحافيين بعد مراسم اقيمت في نيقوسيا لاحياء ذكرى ضحايا الكارثة، بأن حكومته «لن توفر جهداً للتحقيق في اسباب الحادث». وقال بابادوبولوس: «لن نتردد في الاستعانة بخبراء مستقلين من الاتحاد الاوروبي لاجراء تحقيق كامل (...) اننا مصممون على معرفة اسباب الحادث» وكشف المسؤولين عنه.

وقال المفوض الاوروبي المسؤول عن شؤون الصحة وحماية المستهلكين ماركوس كيبريانو، وهو قبرصي الأصل، ان «المفوضية الاوروبية ستتابع التحقيق عن كثب وتدرس نتائجه»، مضيفاً أن للاتحاد الاوروبي قوانين خاصة تتعلق بالتحقيق في حوادث الطائرات، «ومن مسؤولية المفوضية التحقق من تطبيق هذه القوانين».

ورداً على انباء صحافية متضاربة، اكدت السلطات اليونانية أمس انها لم تكن تعتزم اسقاط الطائرة قبل تحطمها. وقالت صحيفة «الفتيروتيبيا» نقلاً عن «مسؤول كبير في الحكومة» قوله امس «خمس دقائق اضافية وكنا سنسقط الطائرة». واستند مصدر في المكتب الصحافي التابع لرئيس الوزراء اليوناني إلى تصريحات الناطق باسم الحكومة تيودور روسوبولوس. وكان الاخير اوضح يوم الاحد ان الحكومة طبقت التدابير التي تنص عليها القواعد الدولية. واضاف ان الطائرة اعتبرت خارج السيطرة، وفي مثل هذه الحالات يمكن للسلطات اسقاط الطائرة، لكن روسوبولوس اكد ان الحكومة «لم تفكر اطلاقاً في مثل هذا الاحتمال».

وفتشت الشرطة القبرصية أول من أمس مكاتب شركة «هيليوس» في اطار تحقيق السلطات القبرصية في حادث التحطم. ورفض مدير الشركة اندرياس دراكو جميع التساؤلات حول سلامة طائراتها، مؤكداً تعاون شركته التام في التحقيق. وتزامن ذلك مع اعلان الادارة العامة للطيران المدني الفرنسي أمس ان طائرات شركة «هيليوس» خضعت لثلاث عمليات مراقبة فنية مفاجئة في اوروبا منذ بداية عام 2005، ولم تكشف عن أية مشاكل تقنية في حينها.

واعرب قائد الشرطة القبرصية تاسوس بانايوتو عن امله «في ان تكون لدينا الآن كل المعلومات اللازمة في اطار الحادث»، موضحاً «لقد جمعنا تصريحات المرتبطين بالرحلة وبأية مشاكل تواجهها الشركة». واضاف انه سيتم استدعاء المسؤولين عن الشركة لاستجوابهم.

واعلنت والدة مساعد الطيار المتوفى بامبوس خرالمبوس أول من أمس لتلفزيون «انتينا» ان ابنها شكا مراراً من مشاكل تقنية في الطائرة، موضحة «قال لي ان الطائرة تواجه مشكلة وتوسلت اليه بعدم القيام برحلات... انه ابلغ الشركة بأن الجو بارد جداً (في الطائرة) ووعدوه بتسوية المشكلة».

كما استجوبت الشرطة القبرصية المسؤول السابق عن الصيانة الذي استقال من الشركة في ابريل (نيسان) الماضي «لأسباب شخصية». وذكر احد افراد طاقم «هيليوس»، طالباً عدم كشف اسمه، ان موظفي الشركة شكوا كثيراً من مصاعب تقنية خصوصاً في نظام التبريد.

وفي تناقض واضح مع الاعتقاد الأولي بأن جميع الركاب قضوا اختناقاً، اظهرت التحقيقات الأخيرة بأن 25 منهم على الاقل كانوا لا يزالون احياءً لحظة سقوط الطائرة. وكان وزير الداخلية اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس رجح أول من أمس موت معظم الركاب قبل تحطم الطائرة، وهذا ما اوردته ايضا السلطات القبرصية. ولكن المسؤول عن فريق الاطباء الشرعيين فيليبوس كوتسافتيس صرح أمس بأن تشريح 25 جثة، بينها جثة مساعد الطيار، اظهر ان اصحاب الجثث «كانوا جميعاً على قيد الحياة لحظة الحادث».

وفي حين ركز التحقيق على مشاكل التهوية التي قد تكون سبباً في اختناق الطيارين، قال كوتسافتيس ان نتيجة التشريح تشير الى عدم امكانية «استبعاد اي فرضية» بالنسبة لظروف الحادث. واضاف ان «هذا يعني احتمال اصابة الطيارين بحال غيبوبة وبقائهما على قي الحياة».

وقال كوتسافتيس انه بالاضافة الى جثة مساعد الطيار، كانت جثة احدى المضيفات بين الجثث المشرحة، وعثر عليهما قرب مقصورة القيادة. واضاف ان «هاتين الجثتين الوحيدتان اللتان عثر عليهما قرب مقدم الطائرة في حين وجدت الجثث الاخرى في الخلف».

ونكست الاعلام أمس على المباني الرسمية في اثينا ودعي الموظفون الى الوقوف ثلاث دقائق صمت في الساعة 12.00 ظهراً، فيما اوقفت محطة التلفزة الرسمية «نيت» وعدد من الاذاعات الخاصة بثها في ذكرى الضحايا. وفي الوقت ذاته، شارك 15 شخصاً من افراد عائلات الضحايا في صلاة اقيمت عند موقع الحادث، ووضعوا زهوراً عند بقايا حطام الطائرة في فارنافا، شمال شرقي اثينا.