إندونيسيا: تفاؤل حذر بعد التوقيع على اتفاق السلام في آتشيه

الرئيس الإندونيسي يتعهد بالتغلب على النزعة الانفصالية في بابوا

TT

جاكارتا ـ باندا اتشيه (اندونيسيا) ـ سيدني ـ أ.ف.ب ـ د.ب.أ ـ رويترز: تعهد رئيس اندونيسيا بالتغلب على النزعة الانفصالية في بابوا والابقاء عليها جزءا من إندونيسيا، فيما رحب الجيش الاندونيسي ومتمردو اتشيه باتفاق السلام بحذر أمس ولكنهم عبروا عن شكوكهم في امكان التزام الطرف الاخر ببنود الهدنة.

وتقضي الاتفاقية التي وقعت في هلسنكى بأن يتخلى المتمردون عن كل الاسلحة والذخيرة والمتفجرات على اربع مراحل قبل يوم 31 ديسمبر (كانون الاول) في اقليم اتشيه الذي دمرته امواج المد الزلزالي في الطرف الشمالي لجزيرة سومطرة الاندونيسية.

ومقابل ذلك يجب على الجيش الاندونيسي ان يحد من قواته الحالية بمقدار النصف ليصبح العدد 14700 جندي في اطار زمني يماثل اطار نزع اسلحة متمردي حركة اتشيه الحرة.

وقال الجنرال اندرياراتونو سوتارتو قائد الجيش الاندونيسي للصحافيين بعد لقائه جنود في قاعدة قرب العاصمة الاقليمية باندا اتشيه «سننقل كل فرقنا الهجومية الى مناطق سكنية، لن يقوموا بعد الان بعمليات هجومية للبحث عن حركة اتشيه الحرة وتدميرها». واضاف «مهمتهم ستكون حماية الناس.. واذا تعرض الناس الى المضايقة لدينا الحق في الحفاظ على سلامتهم».

وتقضي الهدنة ايضا بأن تسحب الشرطة الاندونيسية دورياتها وتقلل عدد قواتها في اتشيه ليصل الى 9100.

وقال الجناح العسكري لحركة اتشيه الحرة لإذاعة «الشينتا» ومقرها جاكارتا انه يريد ان يرى نجاح الهدنة التي تنهي بشكل أساسي صراع المتمردين الذي استمر ثلاثة عقود من اجل استقلال اتشيه، ولكنه اعرب عن القلق بشأن ما اذا كان الجيش سيلتزم بالهدنة وهي الثالثة خلال خمس سنوات.

وقال سفيان داوود المتحدث باسم الحركة «المهم هو ان كل العناصر في الطرف الاندونيسي يجب ان تلتزم بما ذكر في الهدنة.. لن يقوم جميع اعضاء الحركة في اتشيه بأي نشاط مسلح وسنتجنب كل الافعال التي يمكن ان تعرقل اتفاق هلسنكي، وفي عام 2006 لن يحمل اي عضو السلاح».

وكان الطرفان قد وجدا نفسيهما في نفس الموقف مرتين فيما مضى وشاهدا الموقف يتطور الى الفوضى والنزاع بعدها باشهر.

وقال الكولونيل أحمد ياني باسوكي المتحدث باسم الجيش انه لم يحدث تبادل لاطلاق النار مع المتمردين منذ توقيع الهدنة.

ويجب ايضا بموجب الهدنة ان يبلغ الجيش هيئة مراقبة اتشيه المكونة من مراقبين من الاتحاد الاوروبي وخمس دول من جنوب شرق اسيا حينما تتحرك في الاقليم قوات يزيد حجمها عن حجم فصيلة.

وفي جاكارتا حاول الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو اقناع البرلمان بأن وجود مراقبين اجانب في اتشيه يجب الا ينظر اليه على انه تدخل اجنبي.

ويعارض عدة مشرعين التحرك للتفاوض مع المتمردين وينتقدون دور الاجانب في الاتفاقية. وبينما يؤيد رئيس البرلمان اجونج لاكسونو سياسات يودويونو للسلام، فقد عبر عن مخاوف اقرانه في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية.

وقال من دون ذكر مزيد من التفاصيل «تمشيا مع المبدأ الذي يعارض تدويل اتشيه فان على الحكومة ان تكون متيقظة لاي احتمال لوجود نيات خفية لاطراف اخرى في اعقاب الهدنة».

اما في اتشيه فكانت هناك اراء مختلفة حول الدور الدولي، وقال اسواني (25 عاما) وهو احد العاملين المحليين في منظمة غير حكومية «لا اوافق اذا كان فريق المراقبة كله من الاجانب، لا يفهمون اندونيسيا وسكان اتشيه سياسيا وثقافيا». ولكن نورا وهي طالبة جامعية (24 عاما) تقول ان التدخل الاجنبي يجعلها اكثر تفاؤلا، وقالت «اعتقد اننا نحتاج ذلك لان اندونيسيا وحركة اتشيه الحرة تجدان من الصعب ان تتعاونا، فاذا كان هناك شخصان غاضبان فانك تحتاج لثالث ليبقي الامور في مسارها الصحيح».

وكان كونتورو مانجكوسوبروتو متفائلا ايضا وهو رئيس الوكالة التي تعني باعادة بناء الاقليم الذي دمرته موجات المد الزلزالي من المحيط الهندي يوم 26 ديسمبر (كانون الاول) والتي خلفت نحو 170 الفا من سكان اتشيه بين ميت ومفقود.

وقال بخصوص اتفاق السلام «هذا يعني الكثير، كان يوما مهما بالنسبة لنا، الامور ستكون اسرع، يمكن ان يصبح توزيع مواد البناء اكثر سرعة».

وقال ان وكالات الاغاثة والمنظمات غير الحكومية ستكون الان قادرة على العمل بحرية اكبر بعد ان كانت تعاني من قيود على تنقل وساعات عمل موظفيها خوفا من التمرد، ويمكنها الان تنفيذ برنامج اعادة الاعمار خلال السنوات المقبلة بميزانية خمسة مليارات دولار.

وعلى صعيد ردود الفعل الاخرى، عبرت استراليا أمس عن تفاؤل حذر ازاء اتفاق السلام في اقليم اتشيه. وبعد ان رحب بالاتفاق اعرب وزير الخارجية الكسندر داونر عن «تفاؤله الحذر ازاء فرص نجاح الاتفاق انطلاقا من حسن نيات الطرفين».

وشدد على ان نشر مراقبين تابعين للاتحاد الاوروبي ورابطة دول جنوب شرق اسيا (آسيان) يعزز فرص الالتزام بالاتفاق الذي يضع حدا لنزاع يستمر منذ 29 عاما واوقع نحو 15 الف قتيل.

وفي نيويورك قال كبير متحدثي الامم المتحدة ستيفان دوياريك ان الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان اشاد «بالاتفاق الشامل»، واعرب عن امله في ان ينفذه الطرفان بالكامل لتحقيق السلام الدائم.

وقال منسق السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا انه يأمل ان تساعد الهدنة في اعادة بناء آتشيه بعد المد الزلزالى.

وعلى صعيد آخر، تعهد الرئيس يودويونو أمس بالابقاء على بابوا جزءا من إندونيسيا وحل الحركة الانفصالية في الاقليم الذي تقطنه أغلبية من الميلانيزيين بطريقة سلمية.

وفي خطاب أمام البرلمان بمناسبة ذكرى استقلال إندونيسيا التي تحل اليوم أكد يودويونو أن بابوا شأن داخلي إندونيسي، وقال إن الحكومة ستكون قادرة على تسوية كل الصعوبات في الاقليم.

وقال يودويونو «ليس هناك ما يدعو إلى التشكك في مشروعية بابوا كجزء من السيادة الاقليمية لدولة جمهورية إندونيسيا».

وجاءت تصريحات الرئيس الاندونيسي في إعقاب مظاهرة كبيرة شهدتها عاصمة بابوا الاسبوع الماضي حيث أعرب المتظاهرون عن خيبة أملهم إزاء ما يسمى بقانون الحكم الذاتي الخاص ببابوا وقالوا إن القانون لم يحقق توقعاتهم.

ويشبه هذا القانون قانونا يهدف إلى منح قدر أكبر من الحكم الذاتي لاقليم آتشيه. كما جاءت التصريحات في أعقاب تحرك أخير من جانب أعضاء في الكونغرس الاميركي اقترحوا مشروع قانون يشكك في صحة العملية التي أدت إلى قانون الاختيار الحر في بابوا عام 1969 والذي صوت فيه مجموعة من حوالي ألف من الزعماء المختارين من بابوا بالاجماع على أن يصبحوا جزءا من بابوا.

وقال يودويونو «إن القضية في بابوا قضيتنا الداخلية ونحن نرفض التدخل الاجنبي في تسوية تلك القضية، إن تاريخ بابوا كجزء لا يتجزأ من أرض دولتنا واضح».

يذكر أن بابوا مستعمرة هولندية سابقة أصبحت إقليما إندونيسيا في عام 1964.