بموعد كتابة الدستور والأمل في اتفاق يحل الخلافات بين القادة السياسيين

عرب العراق موزعون بين القلق من عدم الوفاء

TT

بغداد ـ الوكالات: أعرب بعض العراقيين العرب عن قلقهم امس من أن تمديد المفاوضات بشأن الدستور الجديد قد يتسبب في مشكلات أكثر من التي يمكن أن يحلها، في حين عبر آخرون عن الامل في ان تسمح الفرصة الاضافية للقادة السياسيين بالتوصل الى اتفاق يحل الخلافات القائمة، ودعى هؤلاء القادة الى تقديم تنازلات من اجل المصلحة الوطنية العليا..

وبعد محادثات استمرت أسابيع اعترف الساسة العراقيون بهزيمتهم قبل دقائق فقط من الموعد النهائي عند منتصف الليل وأقروا انهم لم يتفقوا على صياغة مسودة الدستور. ولتجنب حل البرلمان نتيجة لذلك، صوتت الجمعية الوطنية على تغيير قانون ادارة الدولة المؤقت والسماح بمهلة مدتها اسبوع آخر لوضع الدستور الجديد، والذي سيتعين عرضه على البرلمان بحلول منتصف ليل 22 اغسطس (آب).

وحاول العضو الكردي في مجلس الوزراء العراقي برهم صالح ان يظهر الجانب الايجابي للفشل في الالتزام بالموعد النهائي قائلا: «هذا نجاح. اننا لا نقتل بعضنا بعضا».

لكن المواطنين العراقيين بدوا أكثر تشككا بشأن أداء ساستهم وقلقا من احتمالات المزيد من التأخير.

وقال احسان علي، أحد سكان بغداد، بعد قراءة انباء انهيار المحادثات: «التأجيل لا يخدم مصلحة الشعب العراقي والأضرار التي يلحقها ستزيد بالتأكيد كلما طال أمد العملية».

وضخمت بعض الصحف من استمرار الافتقار للسلطة والأمن، قائلة ان هذا أيضا يدور في عقل المواطن العراقي العادي المحبط من المناقشات الممتدة بشأن الدستور. وحتى اذا تم الاتفاق على الوثيقة الاسبوع المقبل، وهو احتمال غير مؤكد، فمن المستبعد أن يكون لذلك أي أثر فوري، خاصة على الوضع الامني مع توعد المقاتلين بالمضي قدما في قتالهم المستمر منذ عامين.

وقالت فاتن اسماعيل، 30 عاما، ربة بيت من سكان كرادة مريم وسط «ان عملية التأجيل كانت في غير محلها. والشارع العراقي مستاء جدا من ضعف الخدمات وانعدام الامن وعدم التوصل الى اتفاق. وستكون كارثة حقيقية اذا لم يتوصلوا الى اتفاق» نهائي الاثنين القادم.

من ناحية اخرى، عبر عدد آخر من العراقيين امس عن املهم بان تسمح المهلة الاضافية التي اقرتها الجمعية الوطنية لقادتهم بالتوصل الى اتفاق حول مسودة الدستور الدائم، وطالبوا بتقديم بعض التنازلات من اجل المصلحة الوطنية العليا.

وقال حميد الزبيدي ،45 عاما، صاحب معرض مفروشات في حي الصالحية وسط بغداد «انا لا اعتقد ان التأجيل فشل مثلما نقلت بعض الوسائل الاعلامية». وأضاف «لا بد من اعطاء الوقت اللازم لحل المسائل العالقة بالتوافق حتى يقتنع بها كل الاطراف».

وقال الزبيدي «لا يمكن لدستور ان يصدر وان يصبح دستورا نموذجيا بدون مشاورات، وهذا هو لب الديمقراطية».

من جانبه، قال كريم احمد، 40 عاما، وهو كردي من اربيل «ارى من الافضل تقديم مسودة كاملة بدلا عن صياغة دستور ناقص».

وقال محمد كاظم ،42 عاما، وهو موظف حكومي، بكثير من التفاؤل «اعتقد انه سوف يكون افضل الدساتير التي عرفها العراق حتى لو تأخر شهرا او اكثر».

وأضاف «لقد تحملنا دستور صدام لمدة 35 عاما، فلنصبر اليوم حتى يصدر دستور يرضي الجميع. هذه ولادة جديدة تحتاج الى تضحية وعامل الوقت غير مهم ما دام الدستور سوف يرضي كل الاطراف».

وجاءت تلك الانتخابات، وهي الاولى بعد الاطاحة بحكم صدام حسين، بحكومة يقودها الشيعة الى السلطة لأول مرة. ويمثل عدم مشاركة السنة في الانتخابات من نواح كثيرة جذور أزمة مساء أول من أمس الاثنين بشأن الدستور. فبسبب مقاطعتهم لم يحصلوا سوى على عدد ضئيل من مقاعد الجمعية الوطنية ومشاركة تكاد تكون معدومة في لجنة صياغة الدستور. لكنهم منحوا في نهاية الامر تمثيلا اكبر في لجنة صياغة الدستور، إلا ان الاعضاء الجدد عينوا ولم ينتخبوا وشكك بعض الشيعة في تمثيلهم للسنة.

وعندما تعلق الامر بحسم القضايا الشائكة مثل الفيدرالية ودور الدين وتوزيع الموارد الطبيعية، تمسك كل طرف بموقفه.

وقال الاعضاء السنة في لجنة صياغة الدستور انهم يعارضون بشكل خاص اقتراحا شيعيا بمنطقة متمتعة بالحكم الذاتي في الجنوب تماثل الحكم الذاتي الكردي في الشمال. ولم يتضح الى أي مدى يمكن حل هذه الخلافات في الرأي بحلول الاسبوع المقبل.

وقال صالح المطلك احد المفاوضين السنة الرئيسيين، ان الخلافات في الرأي كبيرة جدا وتحتاج لإرادة وطنية قوية من جميع الاطراف للتوصل الى تسوية.

ومن المقرر بعد ان تحال مسودة الدستور للبرلمان، ان تطرح للاستفتاء عليها في منتصف اكتوبر (تشرين الاول)، وإذا أقرت ستجرى انتخابات بمقتضى الدستور الجديد في منتصف ديسمبر (كانون الاول).