موسى أبو مرزوق لـ : طلبنا فتح مكتب لـ«حماس» بالقاهرة وواشنطن ترتكب خطأ استراتيجيا تجاهنا

TT

اتهم الدكتور موسى أبو مرزوق الرجل الثاني في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) ونائب رئيس مكتبها السياسي الإدارة الأميركية بشن حملة واسعة النطاق ضدها، ومحاولة ممارسة شتى الضغوط على الدول العربية والإسلامية لمحاصرة حماس سياسيا وماليا.

ووصف أبو مرزوق، الذي سبق له أن أمضي منذ منتصف عام 1995، ثمانية عشر شهرا في زنزانة انفرادية بسجن مدينة نيويورك الأميركية، بعدما اعتقل من دون توجيه أية اتهامات له، والموقف الأميركي تجاه حماس بأنه سلبي ويشكل خطا استراتيجيا فادحا.

وشدد في حديث أدلى به أمس لـ«الشرق الأوسط» في القاهرة على هامش زيارته خاصة للقاهرة انتهت أمس على أن حماس تريد تشكيل لجنة وطنية فلسطينية لمتابعة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، مشيرا إلى أن الحركة ملتزمة بالثوابت الوطنية، وبعدم إراقة الدم الفلسطيني بأيد فلسطينية.

وكشف النقاب عن وجود طلب من حماس إلى السلطات المصرية لفتح مكتب للحركة في القاهرة، مشيرا إلى أن الرد المصري لم يصل بعد، وأن هناك اتصالات مستمرة بين الجانبين في هذا الصدد،:

* هناك مخاوف من وقوع صدامات فلسطينية داخلية بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة؟ هل توافق على ذلك؟

ـ حسنا، هذا ربما ما يتمناه العدو نفسه، لكننا واعون تماما لهذه المسألة، وقلنا ونكرر القول عبر «الشرق الأوسط» بأن حماس لن تسمح بحدوث اقتتال فلسطيني ـ فلسطيني، ولن تسعى إليه بأي حال من الأحوال. الدم الفلسطيني خط أحمر لجميع القوى الوطنية الفلسطينية سواء في السلطة أو خارجها، لكننا نريد أن تقوم السلطة بحماية سلاح المقاومة لأن الانسحاب من غزة ليس نهاية المطاف ولا يعنى استرداد جميع الحقوق والأراضي الفلسطينية المحتلة، إننا ندعو إلى تشكيل لجنة وطنية تتابع ملف ما بعد الانسحاب، ونحن حريصون على تحقيق الهدوء في الشارع الفلسطيني.

نريد لجنة تتخذ قرارات وطنية مدروسة وفعالة، لا نريد لجانا من تلك التي تعودنا عليها، لقد تم تشكيل عشرات اللجان من دون أن تنجز شيئا، ولكن الوضع الآن مختلف وعلينا جميعا الاتفاق على الثوابت الوطنية وتحديدها بما يتماشى مع المصالح العليا والحيوية لشعبنا الفلسطيني.

* كيف يمكن حدوث ذلك وأنتم ما زلتم تقولون إن خيار المقاومة قائم ولن تتخلوا عنه؟

ـ هذا موضوع مختلف، المقاومة الفلسطينية لن تتخلى عن سلاحها، وما حدث من انسحاب إسرائيلي كما قلت، ليس نهاية المطاف، هناك الضفة الغربية والقدس، وقطاع غزة ليس كل فلسطين المحتلة، بل جزء بسيط منها.

والانسحاب الإسرائيلي ليس كاملا، كما قال وزير الإعلام الفلسطيني، ونتفق معه تماما في هذا الأمر.

المقاومة لديها مهمة أساسية، وهي إنهاء الاحتلال وطالما أن هناك وجودا للاحتلال، فلن نوقف المقاومة وسنستمر نقاوم لتحقيق أهدافنا المشروعة. سلاح المقاومة مسؤول ويجب ألا يمس وينبغي أن يكون هناك توفق فلسطيني شامل على هذه المسألة، وعليه نتوقع من السلطة كما قلت أن تحمي سلاح المقاومة ضمانا لعدم تكرار الاحتلال.

* تتحدث عن ضمانات هل لديكم ضمانات بعدم تعرض كوادركم للملاحقات بعد الانسحاب؟

ـ أعتقد ليس هناك من ضمانات سوى المسؤولية الوطنية، وتلك المتعلقة بالشعب الفلسطيني.

* ماذا عن الاتصالات والحوار مع الإدارة الأميركية إلى أين وصلت؟

ـ نحن ليست لدينا أية مشكلة أو تحفظ في إجراء حوار مع أي طرف في العالم، باستثناء العدو الإسرائيلي، وهناك كما تعلم حوارات مباشرة وأخرى غير مباشرة مع الإدارة الأميركية، ونعتقد أنه لا يمكن لأي طرف أن يكون فاعلا في القضية الفلسطينية ومسيرة السلام في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، من دون أن يتحاور مع حركة حماس.

ومن يتجاهل هذه الحقيقة يرتكب خطأ قاتلا، وعليه فالموقف الأميركي تجاهنا سلبي للغاية.

* هل تعتقد بوجود خلاف بين الموقفين الأميركي والأوروبي ضدكم؟

ـ نعم طبعا فيه خلاف، الاتحاد الأوروبي لا يطاردنا على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والدبلوماسية، كما تفعل الإدارة الأميركية في كل مكان وزمان، والأوروبيون يدركون حقيقة حماس وطبيعة نشاطها بحكم قربهم منطقتنا وتفهمهم للمناخ السياسي فيها، بينما الأميركيون على العكس تماما يتحركون بأجندة سيئة للغاية، هم يتخذون منا موقفا عدائيا ونقول لهم ما تفعلوه خطأ استراتيجي فادح.

هم صنفونا كمنظمة إرهابية، ونحن لا نمارس الإرهاب بل حقنا المشروع في المقاومة، وفقا لأعراف والقوانين الدولية التي لا تحرم شعبا محتلا من حقه الطبيعي في مقاومة المحتل أيا كان.

* أنت تحدثت عن مطاردة أميركية واسعة النطاق لكم ماذا تقصد؟

ـ ليس خافيا أن معظم التحركات والاتصالات الأميركية مع العالمين العربي والإسلامي، فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني تركز على إبلاغ هذه الدول شيئا واحدا ورسالة مكررة، وهي أوقفوا دعمكم السياسي والمالي لحماس، هم يريدون حصارنا اقتصاديا وسياسيا عبر سياسة تجفيف المنابع، التي أثبتت بكل تأكيد فشلها معنا.

هناك ضغوط كثيرة تمارس على معظم الدول العربية التي يوجد عليها ممثلون لحماس لإبعادهم وإغلاق مكاتبهم، وهناك دول ترفض وتصمد أمام هذه الضغوط.

* هل تقصد سورية تحديدا؟ ـ نعم سورية وغيرها، فالضغوط الأميركية لا تتوقف ولغة التهديد والوعيد باتت هي اللهجة الأميركية المفضلة لدى الأميركان عند الحديث عن حماس، هم يريدون أن يحرمونا من أي موطأ قدم، وهذا الأمر موجود بشكل واضح على الأجندة الأميركية.

* لديكم علاقات جيدة للغاية مع السلطات المصرية، ومع ذلك ليس لكم أي مكتب تمثيلي بها على غرار مكتب حركة فتح أو حتى في بعض العواصم العربية الأخرى؟ كيف تفسر هذا التناقض؟

ـ في الواقع لدينا كما أشرتم علاقات وطيدة مع الأشقاء في مصر ونحن نعتز بهذه العلاقة، لأنها تصب في مصلحة الطرفين وفي خدمة قضايا الشعب الفلسطيني.

نحن سبق أن طلبنا من الإخوة المصريين الموافقة على فتح مكتب لحماس في القاهرة، وما زلنا ننتظر الرد، وطبعا هم لهم ظروفهم المعروفة ونحن نتفهم ذلك، والمكتب في حد ذاته ليس هدفا، لأننا موجودون هنا بشكل أو بآخر.

* عندما زارت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية المنطقة أخيرا، دعت إلى قمة عربية إسرائيلية كنوع من المكافأة لارييل شارون على انسحابه من غزة، هل تعتقد أنه من الصالح الفلسطيني عقد هذه القمة؟

ـ أخشى ما أخشاه هو أن تحاول الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية استغلال موضوع الانسحاب لابتزاز الدول العربية، وتصوير الأمر كما لو كان شارون الفعل في حاجة إلى مكافأة على سياسته المتطرفة. شارون لم يفعل شيئا يستحق المكافأة في تقديرنا انه يتقدم خطوة ويتراجع عشرات الخطوات، والحديث في الوقت الراهن عن تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية لا يخدم قضيتنا ولا يساهم سوى في تجميل صورة سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وأعتقد أنه يتعين على الدول العربية الالتزام بما اتخذته القمم العربية السابقة في هذا الإطار.

* كيف تنظرون إلى الدور المصري في محور صلاح الدين( فيلادفيا)، وهل تتوقعون تأثيرات سلبية من نشر قوات حرس الحدود المصرية لتأمين هذه المنطقة؟

ـ بداية نحن نقدر تماما الدور الذي تقوم به مصر ورئيسها حسنى مبارك في هذا الإطار، وهذا الدور محل ترحيب من الجميع ولا خلاف عليه، ولعلك تعلم الجهود المكثفة التي قام بها الأخ اللواء مصطفى البحيري نائب رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، الذي زار الأراضي الفلسطينية المحتلة أخيرا. وبالتالي نحن لا نتوقع من هذا الدور إلا أن يكون لصالح القضية الفلسطينية ولخدمة الشعب الفلسطينية، لدينا مصالح مهمة ومشتركة مع مصر ونتفهم دورها الإقليمي والعربي، لذلك لا توجد أدنى مشكلة.