تفاؤل كردي بعرض مسودة الدستور على الجمعية الوطنية الاثنين وتشاؤم سني يرجح رفض الوثيقة في الاستفتاء المقرر

مسؤول أميركي ساهم في صياغة قانون إدارة الدولة يقول إن البرلمان العراقي ليس ملزما ببنوده

TT

أعرب عدد من المسؤولين العراقيين أمس عن تفاؤلهم بقرب التوصل الى اتفاق نهائي حول مسودة الدستور قبل ثلاثة ايام من انتهاء المهلة المحددة المقررة، فيما حدد العرب السنة شروطهم للقبول بتطبيق مبدأ الفيدرالية.

وقال محمود عثمان، العضو الكردي في اللجنة البرلمانية المكلفة كتابة الدستور، «يعقد حاليا اجتماع لكل الكتل البرلمانية في محاولة لحل المسائل الخلافية بشكل نهائي». واوضح انه «على الرغم من ان الامور تسير بشكل بطيء لكنها تتقدم، وهناك امكانية في ان ينتهي كل شيء غدا (اليوم)». واعرب عثمان، وهو من قائمة التحالف الكردستاني، عن الأمل في ان «يتم حل كل هذه المسائل لأن الجميع مصمم على الانتهاء في الوقت المحدد».

من جانبه، اكد عضو البرلمان، حاج فارس روش كه ري، من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس جلال طالباني ان «القادة على وشك الاتفاق النهائي حول مسودة الدستور». واضاف ان «ما بقي عالقا هما فقرتان فقط يجري الحديث بشأنهما الآن». واوضح روش كه ري ان «الفقرة الاولى تتعلق بتوزيع الثروات الطبيعية المستخرجة من الاقليم، حيث يجري الحديث عن توزيع نسب منها على الاقليم والحكومة والمحافظات الفقيرة وضحايا النظام السابق». اما الفقرة الثانية، فتتعلق بـ«كيفية تعامل القوانين مع الثوابت الإسلامية». واكد النائب الكردي ان «الجميع يأمل ان تتم صياغة جميع الفقرات قبل الفترة المحددة».

من جانبه، اكد منذر الفضل، عضو لجنة كتابة الدستور، ان القادة السياسيين كانوا سيجتمعون أمس على أمل الانتهاء اليوم او غدا من مسودة الدستور. واوضح ان «الجميع مصمم على انجاز مسودة الدستور في موعدها المحدد». واعرب الفضل عن تفاؤله في «الانتهاء في الموعد المحدد لكي تعرض المسودة على البرلمان يوم الاثنين».

ويقابل هذا التفاؤل بعض التحفظ من قبل العرب السنة، خصوصا حول مبدأ الفيدرالية التي يرفضونها بقوة. وقال صالح المطلك، الناطق الرسمي باسم مجلس الحوار الوطني (سني) «نحن ضد مبدأ الفيدرالية لأننا نريد دولة يتم التحكم فيها من الوسط». واضاف ان «شعب العراق سيرفض في آخر المطاف هذا الدستور في الاستفتاء الشعبي الذي سيجري منتصف اكتوبر (تشرين الاول) اذا ما وردت فيه كلمة الفيدرالية».

وكان المطلك قد اعلن أول من أمس باسم مجلس الحوار الوطني ان للعرب السنة ثلاثة شروط للقبول بتطبيق مبدأ الفيدرالية; وهي الحصول على ثلثي اصوات اعضاء مجلس المحافظة وثلثي المصوتين في المحافظة المؤيدة للفيدرالية وموافقة ثلثي اعضاء الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان). وكان الحزب الاسلامي العراقي الذي يتزعمه محسن عبد الحميد والذي يعد من اكبر الاحزاب السنية في العراق قد اعرب عن تحفظه على مسودة الدستور قبل صدورها، لكنه دعا أمس جميع العراقيين الى المشاركة في الاستفتاء على الدستور. وقال الحزب في منشور وزع على المصلين بعد الانتهاء من صلاة الجمعة أمس «بعد ان سقطت الاقنعة واتضحت الحقيقة واكتملت الصورة حينما انسحب اهل الحق عن ميدان الانتخابات فاختل التوازن وخلت الساحة للكثير من المتربصين والحاقدين المفسدين والنتيجة ان ازداد الوضع سوءا وانعدمت الخدمات وامتلأت السجون والمعتقلات بأبناء وطننا المخلصين المؤمنين».

واضاف الحزب الذي قاطع الانتخابات العامة التي جرت في الثلاثين من يناير (كانون الثاني) الماضي «علينا ان نوقف المأساة ونضع حدا للجور والظلم والطغيان». واكد ان «هذه دعوة ونداء وصرخة نوجهها لكل من يريد التغيير وينشد الأمن والاستقرار ويسعى الى عزة الاسلام وعودة ظلاله على الناس، صغيرهم وكبيرهم». ودعا البيان من وصفهم بـ«المخلصين العراقيين» الى التوجه الى مراكز التسجيل لتسجيل اسمائهم استعدادا للمشاركة في الاستفتاء وعدم تفويت الفرصة. يذكر ان التسجيل للمشاركة في الاستفتاء بدأ مطلع الشهر الحالي وينتهي نهاية الشهر القادم ويشمل جميع العراقيين الذين تتجاوز اعمارهم 18 عاما.

وكان من المفترض تقديم مسودة الدستور للجمعية الوطنية المؤقتة في 15 من الشهر الحالي على ان تطرح في استفتاء في 15 اكتوبر قبل اجراء انتخابات تشريعية جديدة بعد شهرين من ذلك. غير ان المناقشات تعثرت عند نقاط عدة ابرزها مسألة الفيدرالية ومكانة الإسلام في الدستور العراقي. وصوتت الجمعية الوطنية العراقية بإجماع الحاضرين، الاثنين الماضي، على تعديل قانون ادارة الدولة لتمديد مهلة الانتهاء من صياغة مسودة الدستور حتى الثاني والعشرين من الشهر الجاري.

الى ذلك، قال مسؤول اميركي ساهم في وضع قانون ادارة الدولة في العراق، ان السياسيين العراقيين الذين يسعون الى الانتهاء من وضع الدستور الجديد قبل الموعد المحدد او مواجهة حل البرلمان، يمكنهم في الحقيقة تمديد موعد الانتهاء من الدستور مرات غير محددة. واضاف نوح فلدمان، كبير المستشارين الاميركيين حول وضع قانون ادارة الدولة في العراق في مارس (اذار) 2004، «ما حدث في الساعة 23:58 من الاثنين الماضي هو ان الجمعية الوطنية ومجلس الرئاسة صوتا لمصلحة اضافة تعديل جديد لقانون ادارة الدولة يخولهما تمديد الموعد النهائي اسبوعا اخر وليس هناك سبب يمنعهما من القيام بذلك مرة اخرى».

وقال فلدمان، المهندس الرئيسي لقانون ادارة الدولة في العراق، «كنا نعلم ان قانون ادارة الدولة يفتقر الى الشرعية الديمقراطية، لذلك فكرنا في انه من المهم ان يتمكن اعضاء الجمعية الوطنية من تغيير مواده اذا لم تعجبهم». واشار فلدمان الى انه في الواقع لم يتم التصديق على قانون ادارة الدولة لعام 2004 في اي قرار صادر عن الامم المتحدة ولا يوجد اي سبب قانوني يلزم البرلمان العراقي الالتزام ببنوده. ويرجع موقف الامم المتحدة حول القانون الذي تم اقراره في ظل الاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة، الى معارضة المرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني لمواد ذلك القانون. واوضح فلدمان ان حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة هو سيناريو غير مرجح، مضيفا ان وجود اغلبية شيعية وكردية في البرلمان يجعل من ذلك الاحتمال «مستبعدا».

ويضغط المسؤولون الاميركيون باتجاه الانتهاء من كتابة مسودة الدستور في وقتها المحدد الثاني والعشرين من الشهر الحالي. واعتبر اربعة اعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي يزورون بغداد حاليا أول من أمس ان العمل على اعادة إعمار العراق سينطلق فعليا مع انجاز مشروع صياغة الدستور. وشدد الوفد الاميركي الذي تفقد العديد من المنشآت النفطية ومراكز انتاج الكهرباء في انحاء العراق على ان مشروع الدستور من الأهمية بمكان لجذب الاستثمارات الاجنبية لإعادة بناء البنى التحتية التي تضررت من جراء الحرب.

وقال رئيس الوفد، السناتور الجمهوري ستيف كينغ (ايوا)، ان «من المستحيل جذب رساميل أجنبية في غياب الدستور والقوانين ونظام يضمن حقوق التملك». واكد ان «المفتاح يكمن في انجاز دستور وسن قوانين ليأتي راس المال تليه الكهرباء». ويواجه العراقيون تقنينا في التغذية بالكهرباء ومياه الشفة. ودعا اعضاء الوفد العراقيين الى الضغط على نوابهم ليوافقوا على مشروع الدستور بهدف تحقيق تقدم على صعيد اعادة بناء البلاد التي مزقتها الحرب.