السنيورة يستبعد «تفجر الوضع» في لبنان بعد إعلان نتائج التحقيق في اغتيال الحريري

أكد على علاقات مميزة ومتكافئة مع سورية... لا تمر عبر الاستخبارات

TT

استبعد رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة امكانية «تفجر الوضع في لبنان» بعد صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، معتبراً «ان الحقيقة يجب ان تكون دافعاً للتوحد لا للخلاف». واكد انه «ملتزم السير على نهج الرئيس الحريري» مشدداً على اقامة افضل العلاقات مع سورية «لكن على اساس الاحترام والتكافؤ» وان «تكون مباشرة وليس عبر الوسطاء والاستخبارات».

وقال السنيورة في حوار مع وفد شبابي زاره امس: «هذه الحكومة مضى عليها الآن حوالي سبعة عشر يوماً وهي في سدة المسؤولية. ولا شك ان هناك جملة كبيرة من الامور والتحديات والمسائل والقضايا الشائكة المعقدة التي ينبغي علينا جميعاً وعلى المسؤولين بشكل خاص ان يتعاملوا معها وان يجدوا الحلول لها. ولا شك ان هناك قضايا سياسية علينا ان نتعامل معها بما يحفظ للبنان وحدته وتوحد ابنائه ويحفظ له ايضاً سمعته وصدقيته امام اللبنانيين في لبنان وفي الخارج وامام اشقائه العرب واصدقائه والمؤسسات الدولية».

وأشار الى «ان من اهم الامور التي تسعى هذه الحكومة الى تحقيقها هو ان تتطلع مع اللبنانيين نحو المستقبل وان تشق طريق الاصلاح على الرغم من ان هذا الطريق موحش لقلة سالكيه لكن ليس لدينا سوى هذا الطريق». وقال: «عندما نتكلم عن موضوع الاصلاح فالعبارة ليست جديدة في لبنان وليست غريبة عن اي بلد في العالم مهما بلغ تقدمه وتطوره... نحن نتكلم عن التغيير الذي يحفظ المصالح ويصون البلاد ويمكن البلاد واللبنانيين من التلاؤم مع المتغيرات، لا سيما اننا نعيش عالماً مشحوناً بالمتغيرات المتسارعة، مع العلم ان ثقافتنا وحضارتنا تنصان على وجوب التلاؤم مع المتغيرات، والتفهم لها لكي نستطيع ان نؤمن لشبابنا ولاجيالنا المستقبل الصحيح».

وتحدث السنيورة عن ثلاثة قرارات اساسية اتخذتها الحكومة خلال الايام الـ17، اولها تأليف الهيئة العليا للانتخابات. وكان هذا الامر «هو ما يتمناه اللبنانيون في ان يكون لنا قانون انتخاب دائماً وليس قانوناً نفصله كل اربع سنوات على قياس زيد وعمرو من الناس» وبالتالي كان تعهد الحكومة بأن تقوم بإنشاء هذه الهيئة المستقلة من اشخاص لا يرقى اليهم الشك لا بمعارفهم ولا بصدقيتهم. وهذه الهيئة قد تألفت وهي الآن تخطو الخطوات الصحيحة باتجاه القيام بعملها توصلاً الى ان تقترح على مجلس الوزراء قانون انتخاب عصرياً يلبي مطامح وطلبات اللبنانيين».

وقال السنيورة ان الامر الثاني قد يستغربه البعض لكنه مهم، وهو ان هذه الحكومة أعادت الاعتبار الى قانون الجمعيات العثماني الصادر سنة 1909. وهو ما زال يعتبر من أكثر القوانين انفتاحاً بالنسبة لتأسيس الجمعيات والاحزاب. وكان هناك بعض الامور التي وضعت عليها بعض القيود بسبب ظروف معينة وكانت مبررة آنذاك لكن «هذه الحكومة أخذت قراراً بإزالة هذه القيود بما يعطي لمبدأ الحرية في البلد البعد الذي يرغب به اللبنانيون».

والامر الثالث هو اطلاق التغيير الاول الحقيقي في بنية الادارة اللبنانية وهو مشروع القانون المتعلق بافساح المجال أمام جميع اللبنانيين القادرين المؤهلين للانضمام الى سلك الادارة اللبنانية في المراتب الاولى بشكل تنافسي كامل. وهذا الامر ينطلق من نظرية اساسية وهي العودة الى ان نضع المواطن في سلم الاولويات... «اي ان نعود الى اعادة الاعتبار الى الكفاءة والنزاهة في العمل والولاء للوطن بدل ان تكون الاهمية الاساس للانتماء للمنطقة او الطائفة او المذهب او الزعيم».

وأكد السنيورة: «ان هذه الحكومة انطلقت من أهمية اعادة الاعتبار الى اتفاق الطائف لا سيما لجهة فصل السلطات ولا سيما بين السلطات التشريعية والرقابية من جهة والسلطة التنفيذية والقضائية من جهة ثانية». واشار الى وجود «من يقول انه لم يجر بعد اقرار بعض التعيينات» معترفاً بأن «هذا صحيح». وقال: «ان التعيينات هي الآن محور تشاور واستطلاع رأي حتى نستطيع ان نصل الى القرار المفيد والسليم الذي يحفظ لنا توحدنا جميعاً وقدرتنا على اتخاذ القرار الصحيح والملائم والأفضل لنا».

ورداً على سؤال حول مدى التزامه بتطبيق برنامج الرئيس رفيق الحريري قال: «ان الرئيس الشهيد جاء الى لبنان ولديه حلم ورؤية للبنان وقد اصطدم هذا الحلم بكثير من العوائق والعثرات والمصاعب. لقد استطاع ان يحقق كثيراً وبقي اكثر ليحققه الرئيس الشهيد. اعتقد ان هذه الحكومة وأنا شخصياً نلتزم السير على نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وسنتابع هذه المسيرة لأن الرئيس الشهيد كان يرى في لبنان مكاناً متميزاً لبناء مستقبل لشباب لبنان».

ورداً على سؤال حول العلاقة مع النائب العماد ميشال عون قال: «يجب ان تكون لدينا معارضة. ويجب ان ندافع عن قدرة المعارضة في ان تقول رأيها... لذلك نحن حريصون على التواصل معه وهو امر مفيد ويمكن ان نتعاون في اكثر من مجال في هذا الشأن».

ورفض السنيورة «ما يشاع عن اهتزاز الوضع الأمني بعد كشف حقيقة جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصدور تقرير المحقق ديتليف ميليس». وقال:«كلنا يبحث عن الحقيقة وكلنا ساعون لها ويجب ان يكون همنا الدائم ان لا يكون هناك اي عائق مهما كان، تجاه اظهار الحقيقة والحقيقة الكاملة. وأنا آمل، ان شاء الله، اننا سنحصل على الحقيقة في اقرب فرصة ممكنة... اما الكلام عن ان الحقيقة ستفجر الوضع فهو مجرد كلام. لماذا يتفجر الوضع؟ نحن نريد معرفة الحقيقة وإنزال العقاب بالمجرم. ويجب ان تكون الحقيقة دافعاً اكثر للتوحد وليس دافعاً للخلاف مع بعضنا البعض».

ورداً على سؤال حول العلاقة مع سورية قال السنيورة: «نحن في لبنان ليس لدينا سوى جار واحد هو سورية، ونحن وسورية يجمعنا التاريخ والحضارة والثقافة والجغرافيا والمعاناة والمستقبل. من هنا علينا بناء تعاون صادق لا ينتهي عند اول «كوع» فهناك مصالح مشتركة بيننا. وخلال الزيارة التي قمت بها الى سورية ولقاء المسؤولين، كانت هذه الامور محور الحديث، وبالتالي لمست لدى الرئيس بشار الاسد والرئيس (الوزراء) محمد ناجي العطري الاستعداد الكامل لكي نسير في المسار الذي يؤدي الى تعزيز العلاقات بين البلدين ولكن على الاحترام المتبادل بين البلدين، واستقلال كل من البلدين وعلى اساس التكافؤ في العلاقة، وعلى اساس ان تكون الصلات مباشرة وليس عبر وسطاء استخبارات او أي منها».