شركات فلسطينية ومصرية تتولى استكمال تدمير ركام المستوطنات بإشراف البنك الدولي

جيش الاحتلال يشرع في هدم منازل المستوطنين.. ويحفر قنوات مائية حول المستوطنات لمنع الفلسطينيين من اقتحامها.. و18 مستوطنا في غزة يفرون باتجاه قرية فلسطينية

TT

واصلت قوات الاحتلال صباح امس اخلاء المستوطنين في التجمع الاستيطاني «غوش قطيف»، جنوب قطاع غزة، واخلت فجر امس بعض العائلات التي تحصنت في مستوطنة «جديد». وستخلي بعد غد الاثنين مستوطنة «نيستاريم» جنوب مدينة غزة والمستوطنات الثلاث الواقعة في اقصى شمال القطاع وهي ايلي سيناي ودوغيت ونيسانيت. ورجحت المصادر العسكرية ان يصل مستوطنو «نيتساريم» الى اتفاق مع قيادة الجيش على اخلاء طوعي مقابل نقل سكان المستوطنة الى مكان واحد. يذكر ان مستوطنات شمال القطاع غزة قد تركها معظم سكانها.

وفي تطور لافت، شرع جيش الاحتلال في حفر قنوات مائية الى الشرق من التجمع الاستيطاني «غوش قطيف» وذلك في محاولة لمنع الفلسطينيين من اقتحام المستوطنات في اعقاب استكمال عملية اخلاء المستوطنين. وذكرت قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال ان عمق كل قناة مائية يبلغ ثمانية أمتار. يذكر ان وزير الدفاع الاسرائيلي قال ان حكومته قررت عدم السماح للفلسطينيين بدخول المستوطنات الا بعد شهر ونصف الشهر من استكمال عملية اخلائها، منوها الى ان جنود الاحتلال سيواصلون التمركز في هذه المستوطنات. ونوهت مصادر اسرائيلية الى ان القرار الاسرائيلي يهدف الى احباط المخططات الفلسطينية بتنظيم احتفالات كبيرة فوق المستوطنات، بشكل قد يلحق مزيدا من المس بمعنويات الاسرائيليين. الى ذلك ذكرت قيادة المنطقة الجنوبية ان ثمانية عشر مستوطنا من الذين تم اجلاؤهم الليلة قبل الماضية فروا من الحافلات التي اجبروا على ركوبها واتجهوا الى قرية «المواصي» الفلسطينية التي تقع متاخمة لـ«غوش قطيف». وتقوم قوات معززة من الوحدات الخاصة في الشرطة والجيش بالتفتيش عنهم، في حين تقوم مروحيات وطائرات استطلاع من دون طيار بتمشيط المنطقة. ويخشى ان يقوم الفارون بتنفيذ مجازر ضد الفلسطينيين في المنطقة. من ناحية ثانية وبعدما أخلت معظم المستوطنين في «غوش قطيف»، شرعت قوات الاحتلال في تدمير منازل المستوطنين الذين تم اخلاؤها. وقامت جرافات ضخمة صباح امس بتدمير منازل مستوطنة «كيرم عتصمونا»، الواقعة جنوب غربي مدينة رفح أقصى جنوب القطاع. وذكر شهود عيان فلسطينيون أن رافعات ضخمة شوهدت وهي تقوم برفع البيوت المؤقتة «كرافانات» وتحميلها على شاحنات ضخمة تمهيداً لنقلها الى اسرائيل، في حين قامت الجرافات بتدمير البيوت الثابتة. وتوقفت عملية تدمير المنازل بعد ظهر امس الجمعة تمهيداً لحلول السبت حسب الشريعة اليهودية حيث يحظر العمل، وستستأنف عملية تدمير المنازل غداً الأحد. وحسب اتفاق كل من السلطة الفلسطينية واسرائيل فستقوم اسرائيل بتدمير اولي للمنازل، حيث يتم تدمير جدران المنازل فقط، على ان يتولى البنك الدولي الاشراف على استكمال عملية التدمير. وحسب الاتفاق فسيقوم البنك الدولي باستخدام شركات فلسطينية ومصرية في تدمير وهرس ركام المنازل، وذلك بعد اخلاء المستوطنات من جنود الاحتلال واعادة انتشارهم في محيط القطاع. وحسب الاتفاق فستقوم اسرائيل بتمويل عمليات تدمير المنازل، في حين سيتم استخدام جزء من ركام منازل المستوطنين في بناء ميناء غزة، لكن الجزء الاكبر سيتم دفنه في صحراء سيناء.

ووفق الاتفاق ستقوم وزارة البيئة الاسرائيلية بدفن المواد الخطيرة والمسرطنة مثل الاسبست في داخل اسرائيل بعد معالجتها. وقدر مدير عام وزارة الدفاع الاسرائيلية الجنرال عاموس يارون تكلفة عملية تدمير المنازل بـ 25 الى 30 مليون دولار. وستقوم اسرائيل بتدمير 2800 منزل في مستوطنات قطاع غزة وشمال الضفة الغربية التي سيتم اخلاؤها، الى جانب تدمير 26 كنيسا يهوديا هناك، الى جانب تدمير جميع النصب التذكارية التي اقيمت في المستوطنات، وستستخدم270 جرافة ضخمة من نوع «دي9 ». وستقوم اسرائيل بالابقاء على مقار المؤسسات العامة في مستوطنات قطاع غزة وتسليمها للسلطة، في حين سيتم تدمير المؤسسات العامة في مستوطنات شمال الضفة الغربية. ورجحت المصادر الاسرائيلية ان يتم الانتهاء من تدمير المستوطنات في غضون شهر ونصف حتى شهرين، وستبلغ تكلفة تنفيذ «فك الارتباط» ملياري شيكل (450 مليون دولار). من ناحيتها دعت كتلة السلام الإسرائيلية، الى تفكيك مستوطنات الضفة الغربية أيضاً. وقالت في بيانها الاسبوعي أنه يجب تعلم العبرة من تفكيك المستوطنات في قطاع غزة، ومواصلة تفكيكها في الضفة الغربية المحتلة أيضاً، «من أجل العيش بطمأنينة»، على حد تعبير البيان. واضافت الكتلة ان الجميع يعرفون حالياً، كيف يمكن تفكيك المستوطنات، مشيرة الى إن السيناريوهات التخويفية التي حاولت المؤسسة الرسمية بثها في اوساط الجمهور من تفكيك المستوطنات، وحرص هذه المؤسسة على ان الجماهير الاسرائيلية ستتدفق على المستوطنات، كل هذه السيناريوهات لم تتحقق. ونوهت الى «أن السهولة التي تم فيها تفكيك المستوطنات في قطاع غزة، جاء بالعكس من توقعات رئيس حكومة إسرائيل ارييل شارون، وقدم العبرة للغد، حين تقرر حكومة شارون تفكيك المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة». وأعربت الكتلة عن أملها أن يتم تفكيك المستوطنات حالياً في «غوش قطيف» وأن يتواصل غداً في «بيت ايل» في الضفة الغربية المحتلة.

وقال قائد اللواء الجنوبي في الجيش الاسرائيلي، دان هرئيل، وهو قائد عمليات الاجلاء، دان هرئيل ملخصا هذه المرحلة: انها كانت انتصارا للجميع، في المجتمع الاسرائيلي. وكانت قوات الشرطة والجيش قد أخلت معظم المستوطنات حتى يوم أمس الجمعة. وأسفرت الصدامات عن اصابة حوالي مائة شخص معظمهم من رجال الشرطة والجنود. وتم اعتقال ما يزيد عن 700 شخص خلال الأيام الثلاثة منذ بدء عمليات الاخلاء بالقوة.

وسيكون اليوم (السبت)، يوم استراحة للجنود. وستستأنف عمليات اجلاء من تبقى في المستوطنات في ساعات الصباح من يوم غد. وتبدأ معها عمليات هدم البيوت التي تم اخلاؤها. وقد لوحظ ان ضبط النفس الذي اتسم به تصرف الجنود الاسرائيليين قبل وخلال عمليات الاخلاء، مقابل أعمال العنف التي مارسها نشطاء اليمين المتطرف، أثارت جوا من الاستنكار الشديد من جميع القوى السياسية لتصرفات المتطرفين، خصوصا حين دلقوا ماء النار على الجنود وتسببوا في اصابة العديد منهم في عيونهم. وحتى زعيم حزب المفدال، الذي يعتبر حزب المستوطنين، شاؤول يهلوم، استنكر التصرف، وقال ان «هؤلاء الشبان الضالين أخجلوا الحركة الصهيونية الدينية»، فيما طالب وزير الدفاع، شاؤول موفاز، بانزال أقسى العقوبات بالمعتدين، مؤكدا ان كاميرات التلفزيون قامت بتوثيق الاعتداءات وبثها المباشر للجمهور. وقال وزير الداخلية أوفير بنيس، ان «هذه الأعمال يجب ان تؤدي الى اعادة النظر في سياسة الحكومة والشرطة والجيش مع المستوطنين، فمن المفروض ان يتوقف شهر العسل الأبدي الذي يحظون به». أما وزير العلوم، ماتان فلنائي، الذي كان قد تعرض للضرب ببيضة في رأسه من المستوطنين، فهاجم المعتدين وقال: ان هؤلاء الجنود الذين تعرضوا للضرب من المستوطنين هم الذين يحمونهم. فلولاهم لما كان بمقدور المستوطنين أن يعيشوا ثلاث دقائق في المستوطنات.