ألمانيا: 7 سنوات سجنا للمغربي منير المتصدق

محكمة هامبورغ أدانته بالإرهاب وبرأته من تهمة التواطؤ في عمليات 11 سبتمبر

TT

حكمت محكمة هامبورغ على المغربي منير المتصدق (31 سنة) بالسجن 7 سنوات بعد أن دانته بتهمة العمل في منظمة إرهابية.

وصدر الحكم أمس بعد أن وجدت المحكمة المغربي مذنباً بتهمة العمل في منظمة إرهابية، لكنها برأته من تهمة التواطؤ في القتل لعدم وجود الأدلة الكافية. وتتهم النيابة العامة منير المتصدق، الطالب السابق في كلية الهندسة التقنية في جامعة هامبورغ، بالإرهاب والتواطؤ في قتل 3036 شخصاً، هم ضحايا عمليات 11 سبتمبر (ايلول) 2001.

وكانت المحاكمة أمس هي الثانية للمتصدق والذي استمرت اعادة محاكمته عاماً، حاول خلالها الادعاء اثبات مشاركة المتصدق في التخطيط لشن هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.

واستأنف محامو المتصدق الحكم بعدما دانت المحكمة الأولى المتصدق بالتهمتين في المحاكمة التي جرت عام 2003.

واستمع المتصدق، الذي التزم الصمت أثناء كافة الجلسات، إلى قرار الحكم وهو يهز رأسه بأسف، إلا أنه احتفظ بهدوئه المعتاد. وقال القاضي ارنست ـ راينر شويدت في قرار الحكم إن الأيديولوجيا الاصولية كانت «مفتاح» عضوية المتصدق في المنظمات الإرهابية. وأكد أن الأدلة المتوفرة تدين المتهم بتهمة العمل في منظمة إرهابية، لكنها «لا تدينه بتهمة التعاون في جريمة هجمات 11 سبتمبر». وقال شويدت إن منير المتصدق لم يكن عضواً في حلقة محمد عطا وإنما كان «تابعاً» لا يعتمد عليه، ودليل ذلك أن قيادة منظمة «القاعدة» السرية لم تصنفه ضمن الكادر المؤهل لتنفيذ العمليات الإرهابية. وأضاف «تقديرنا أيضاً أن المتهم أضعف بكثير من تكليفه بمثل هذه المهمات».

وانتقد القاضي وزارة العدل الأميركية بشكل غير مباشر حينما تحدث عن صعوبات بالغة في توفير الأدلة ضد المتهم، وعن «ثقب أسود» في التحقيق بسبب حجب السلطات الأميركية محاضر التحقيق مع رمزي بن الشيبة وخالد الشيخ محمد عن محكمة هامبورغ. وكانت وزارة العدل الأميركية اكتفت بارسال ملخصات عن محاضر التحقيق مع المعتقلين بذريعة الحفاظ على «الأمن القومي» الاميركي. واسهمت أقوال بن الشيبة والشيخ محمد، المحتجزين لدى الولايات المتحدة، والتي تنفي عن المتهمين صفة الانتماء إلى النواة الصلبة في خلية هامبورغ، في تبرئة المزودي والمتصدق من تهمة العلم المسبق بعمليات 11 سبتمبر.

وجوبهت ملخصات محاضر التحقيق المذكورة بالرفض من قبل ممثلي النيابة العامة والدفاع على حد سواء. إذ دعا الدفاع إلى عدم اعتماد أقوال بن الشيبة والشيخ محمد لاحتمال أن تكون قد انتزعت تحت التعذيب. ووصفت النيابة العامة أقوال الشاهدين بأنها «حكايات من ألف ليلة وليلة» تحاول تبرئة المتهمين المغربيين من الإرهاب. وعبر القاضي شويدت حينها عن تعاطفه مع رأي النيابة العامة والدفاع بسبب الغموض التي يلف مجرى التحقيق مع الشاهدين.

من ناحيته، وصف لاديسلاف انيستش، ممثل الدفاع عن المتصدق، قرار محكمة هامبورغ الثانية بأنه «نصف ناجح». وعبر المحامي بالتالي عن «وسطية» قرار الحكم الذي جاء بين مطالبة النيابة العامة انزال أقصى عقوبة ممكنة بحق المتصدق (15 سنة في هذه الحال)، وبين مطالبة الدفاع بالإفراج عن موكله لعدم توفر أدلة تدينه بالتهم المنسوبة إليه. وكانت محكمة هامبورغ الأولى حكمت على المتصدق بالسجن 15 عاماً في 19 فبراير 2003 (شباط)، إلا أن المحكمة الاتحادية في كارلسروهه (جنوب) أعادت ملف القضية إلى هامبورغ وطالبت بإعادة محاكمة المتصدق في ضوء الوثائق التي وفرتها وزارة العدل الأميركية.

وأعلن أنيستش أنه سيطعن بقرار محكمة هامبورغ الثانية أمام المحكمة الاتحادية مجدداً لقناعته بعدم توفر الأدلة التي تدين موكله بالانتماء الى منظمة إرهابية. وقال إن المتصدق سيعود إلى السجن في الحال لأن قرار الحكم الذي صدر أمس يفعل أمر الاعتقال الذي صدر بحقه في نهاية عام 2001. وكانت محكمة هامبورغ قد جمدت أمر القاء القبض في التاسع من شهر يونيو (حزيران) الماضي، وأفرجت عن المتصدق حسب طلب تقدم به المحامي، اثر الكشف عن شهادتي بن الشيبة والشيخ محمد في القضية. وتوقع انيستش أن يقضي المتصدق سنة كاملة في السجن قبل تسليمه إلى بلاده حسب القوانين الألمانية، وهي فترة كافية للطعن في قرار المحكمة.

يذكر أن المتصدق، وعلى عكس زميله عبدالغني المزودي، اعترف بتدريباته في معسكرات «القاعدة»، وبصلته الوثيقة بمحمد عطا ومروان الشحي وزياد الجراح وباستخدام حسابه المصرفي من قبل الطيارين الانتحاريين لتحويل المبالغ اللازمة لمواصلة تدريباتهم على الطيران في الولايات المتحدة. إلا أنه نفى انتماءه إلى خلية محمد عطا ونفى علمه المسبق بمخططات 11 سبتمبر. ووصف المتصدق صلاته الوثيقة مع الطيارين الانتحاريين وتقديمه الخدمات المالية لهم بأنها أمور طبيعية بين الأصدقاء المسلمين. وقال آنذاك أمام المحكمة إنه كان على علم بأن محمد عطا وجماعته كانوا يخططون للانتقال إلى الشيشان للقتال ضد الجيش الروسي، إلا أنه لا يعرف لماذا غيروا رأيهم بعد عودتهم من أفغانستان في خريف 1999.