مشكلة الأسماء العربية في المطارات الأميركية

كاتبة أميركية من أصل أردني تروي تجربتها في مطار ميامي

TT

شعرت بالصدمة عندما أشار إليّ الموظف الجالس على مكتب الهجرة بالتوجه إلى الغرفة الخلفية. أنا أميركية المولد والنشأة، وهذه ميامي، حيث أعيش، غير أنهم ليسوا على استعداد للسماح لي بالدخول بعد.

وقال ضابط الهجرة «السيدة أبو جابر رجاء الانتظار هنا». واصطحبني زوجي بلقبه الأميركي للغاية. كان قد اعتاد ذلك. فقد حدث نفس الشيء مؤخرا في كندا حيث سافرت إلى مونتريال للتحدث في مناسبة تتعلق بصدور كتاب. وقد حجزوني آنذاك لمدة 45 دقيقة. واليوم كنت في طريق عودتي من مهرجان أدبي في جامايكا، ودهشت عندما أعادوني مرة أخرى «للخلف».

ودعاني الضابط الجالس وراء المكتب، وقال: «اسمك يبدو مثل اسم شخص في قائمة المطلوبين. يجب أن نفحص الاسم مع واشنطن».

ـ «كم سيستغرق الوقت؟» ـ «من الصعب القول.. عدة دقائق.. سنستدعيك عندما نكون على استعداد».

وبعد ساعة، لم تكن واشنطن قررت أي شيء بخصوصي. وسألت: «هل يمكن ان تبحث عن اسمي؟».

وأكدوا لي: عدة دقائق.

وبعد ساعة ونصف ساعة، أخرجت هاتفي الجوال للاتصال بالأصدقاء الذين كان من المفروض الالتقاء بهم تلك الليلة. واندفع نحوي ضابط «ممنوع استخدام الهاتف. يمكن أن تتصلي بخلية إرهابية وتقدمي لهم معلومات».

وقلت له وأنا اصرخ: «أنا أستاذة جامعية».

«بالطبع. ونقبض كل يوم على أشخاص مثلك».

ووضعت هاتفي.

وكنت وزوجي قد بدأنا نشعر بالجوع والغضب. لقد تم إحضار أسر بأكملها إلى غرفة الانتظار، وكان المكان مزدحما بأطفال مزعجين وآباء مرهقين، بل أحد أفراد طاقم الضيافة الجوية. وتبين لي بعد إلقاء نظرة على الغرفة، إن المكان يشبه أليس آيلاند (جزيرة في نيويورك كان يتجمع فيها المهاجرون قبل دخولهم الولايات المتحدة)، ولكن عندما هاجر أبي لهذه البلاد من الأردن قبل 45 سنة، لم يواجه أي متاعب. وذكر لي «سمحوا لي بالدخول على الفور. أراد واحد منهم تغيير اسمي. ولكن صممت على غسان أبو جابر!».

وبعد 45 سنة، حدث لي العكس. وصحت في موظف الهجرة: «لا يوجد أي سبب قانوني لإحضاري إلى هنا ـ يرجع ذلك لاسمي! توقفون أي شخص يحمل اسم أبو جابر أو عبد الرحمن أو الحسين. أليس ذلك صحيحا؟» وابتسم الرجل ابتسامة باردة «لست على استعداد لمناقشة هذه الحالة».

ورغبت في الصراخ، والوقوف على مقعد والصياح «أنا مواطنة أميركية، روائية، ومن المحتمل انني اعلم أولادكم الإنجليزية. ولكن هل يحسب ذلك التصرف ضدي؟».

وبعد مرور ساعتين رهن الاحتجاز، اقترب مني ضابط، وقال: «أنت حرة في الذهاب». بلا أي تفسير ولا اعتذار. وللحظة، لم يتحرك أي منا، أنا وزوجي، كنا لا نزال مصدومين. ثم قفزنا واقفين.

«شيء آخر»، قالها موظف الهجرة، قدم لي نسخة بالية عليها عنوان وقال: «إذا لم تكوني راضية عن معاملتك، يمكن أن تكتبي لهذه الوكالة».

وسألت «هل سيردون؟» «لا أدري. لا أعرف أي شخص كتب لهم من قبل». ثم أضاف: «على فكرة سيحدث لك ذلك في كل مرة تسافرين دوليا».

«ما الذين يمكن أن افعله لعدم تكرار ذلك مرة أخرى؟».

وابتسم نفس الابتسامة الفارغة التي شاهدناها طوال اليوم: «لا شيء على الإطلاق».

وبعد إبلاغ عدد من الأصدقاء بمحنتي، ربما كانت أكثر النصائح التي سمعتها هي تغيير اسمي. وقبل 20 سنة نصحني أستاذ مادة الكتابة الإبداعية بالكتابة باسم مستعار لكيلا يضعني الناشرون في ما وصفه بـ «الغيتو العرقي» ـ أي في رف ثانوي منفصل في المكتبات. ولكن الاسم هو جزء لا يتجزأ من هوية أي إنسان الشخصية والحرفية ـ مثل المدينة التي ولدت فيها والمكان الذي نشأت فيه.

سأحافظ على اسمي، مثل والدي، ولكن خبرتي في المطارات قدمت لي مفهوما جديدا لما يجب يعنيه التنوع والتسامح. لقد قيل لنا إن إجراءات الأمن المتشددة تهدف للحفاظ على سلامتنا. وبدلا من ذلك، يبدو أن ما يحدث هو أننا في حالة قلق بالغ، نحاول جاهدا الفصل بين «نحن» و «هم»، بينما في الواقع لا يوجد فصل. إن العالم مكان للاختلافات المتعددة والتدفق والتعقيدات والصعوبات: نعيش كلنا فيه معا. السلامة الحقيقية ستأتي من معرفة كيفية الحياة معا بطريقة أفضل، وليس عبر محاولة دفع الآخرين بعيدا.

لم أكن أعرف أن كوني أميركية سيكون بمثل هذه الصعوبة.