مفاوضون: أميركا لا تعارض اعتبار الإسلام المصدر الرئيسي للتشريع والأكراد يتخلون عن مطلبهم بتضمين الدستور حقهم في تقرير المصير

اتفاق على توزيع الثروات بإشراف الحكومة الاتحادية مع حكومات الأقاليم الفيدرالية

TT

قال مفاوضون بخصوص مسودة الدستور العراقي الجديد أمس في اعقاب ما وصفه البعض بأنه تحول كبير في المحادثات بشأن الدستور وتغير في الموقف الاميركي، ان الاسلام سيكون «المصدر الرئيسي» للتشريع في العراق، وان البرلمان سيراقب المبادئ الدينية. وفي حال الاتفاق على ذلك بحلول المهلة الممنوحة للبرلمان لإقرار الدستور بحلول الغد فسيبدو ان ذلك يمثل امتيازا كبيرا للزعماء الاسلاميين من الاغلبية الشيعية ويأتي مناقضا للاصرار الاميركي بخصوص جعل الاولوية للديمقراطية وحقوق الانسان في العراق الجديد.

ورفض دبلوماسيون اميركيون يقومون عن كثب برعاية العملية، الادلاء بتعليق فوري.

وقال سياسي كردي علماني واحد على الاقل ان الاكراد سيحاولون عرقلة مثل هذا الاتفاق. لكن مسؤولا في أحد الاحزاب الشيعية الرئيسية ومفاوضا سنيا عربيا قالا ان الاتفاق تم التوصل اليه بالفعل بعد تنقيح تفاهم تم التوصل اليه في وقت سابق في محادثات أجريت أخيرا بأن يكون الاسلام «مصدرا رئيسيا» للتشريع. وقال عدد من المفاوضين ان البرلمان لن يكون بمقدوره تمرير تشريع يتعارض مع مبادئ الاسلام.

وقال مسؤول شيعي ان محكمة دستورية ستقرر ما اذا كانت القوانين تتسق والشريعة الاسلامية. لكن المفاوض السني صالح المطلك قال انه بناء على إصرار السفير الاميركي زلماي خليلزاد فان الدستور سيتضمن أنه ينبغي احترام «مبادئ الديمقراطية».

وكان خليلزاد قال في وقت سابق من الشهر الحالي انه «لا تفريط» بخصوص المساواة في الحقوق بالنسبة للنساء والأقليات. وساهم خليلزاد في صياغة دستور في بلده الاصلي أفغانستان التي أعلنها «جمهورية اسلامية» لا يمكن لقانون فيها أن يتعارض مع المبادئ الاسلامية. ويحتوى الدستور الافغاني ايضا على تشريع ينص على حقوق متساوية للنساء وحماية الاقليات الدينية.

من جهته، قال مسؤول كردي ان الأكراد تخلوا عن مطلبهم بتضمين الدستور بندا عن حق تقرير المصير كحل وسط للاتفاق على الدستور. وقال الملا بختيار، المسؤول البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يترأسه الرئيس جلال طالباني، ان معظم الأطراف تبدي مرونة في المفاوضات حول الدستور. ونسبت اليه وكالة «اسوشييتد برس» قوله «بالنسبة لحق تقرير المصير للأكراد فان هذه القضية لم تحظ بتأييد السنة والشيعة ونحن تقريبا تخلينا عن هذا المطلب». الى ذلك، أعلن مسؤول من لجنة كتابة مسودة الدستور أمس ان القادة العراقيين توصلوا الى اتفاق بشأن توزيع الثروات في البلاد، التي تشكل واحدة من نقاط الخلاف حول الدستور العراقي، مؤكدا كذلك ان عملية كتابة مسودة الدستور كانت ستحسم أمس. وقال جواد المالكي، العضو البارز في حزب الدعوة العراقي الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري، ان «المسألة التي كانت عالقة بيننا وبين الاخوة الاكراد هي توزيع الثروات في البلاد». وأضاف «تم الاتفاق على ان توزيع الثروات يتم بإشراف الحكومة الاتحادية مع حكومات الاقاليم». وفي وقت سابق قال عضو الجمعية الوطنية (البرلمان) خضير الخزاعي، العضو في حزب الدعوة، ان «معظم المسائل تم حلها، ولم يبق سوى البعض منها مثل مسألة توزيع الثروات على البلاد». وأضاف ان «هناك احتمال اصدار قانون ينظم توزيع الثروة في البلاد بشكل مستقل عن فقرات الدستور».

وأوضح المالكي ان «الموضوع الثاني الذي كان عالقا بيننا وبين الاخوة السنة هو الفيدرالية، وقد طرحوا شروطا لغرض تطبيقها، وهي تحتوي على شيء من التعجيز». وتابع «لكنهم أساسا موافقون على تطبيق الفيدرالية من حيث المبدأ». وبشأن التوصل الى اتفاق نهائي والانتهاء من كتابة مسودة الدستور، قال المالكي «اعتقد ان المسائل ستحسم هذا اليوم (امس) وستسلم مسودة الدستور غدا (اليوم) الى الجمعية الوطنية».

من جانبه، قال محمود عثمان، عضو اللجنة البرلمانية لصياغة الدستور عن اللائحة الكردية «لن نكون عائقا لإنجاز مسودة الدستور وعندما يتم انجاز كل ما هو مطلوب ولم يتبق سوى مطلبنا في حق تقرير المصير، فسوف لن نقف عائقا في طريق الدستور».

من جهة اخرى، قال اياد السامرائي الناطق باسم الحزب الاسلامي العراقي (سني) انه «لا يمكن الاشارة الى تطورات حقيقية، لكن تم انجاز بعض النقاط العالقة». وأشار الى «بعض الخلافات التي أدت الى تأجيل اجتماعات القادة السياسيين التي كان من المقرر عقدها بعد ظهر الجمعة»، معبرا عن أمله في ان «يكون اليومان الباقيان كافيين لحل المسائل العالقة».

وكان اعضاء في اللجنة البرلمانية لكتابة الدستور قد اعربوا امس عن تفاؤلهم بالتوصل الى اتفاق نهائي حول مسودة الدستور قبل نهاية المهلة المحددة. وكان من المفترض تقديم مسودة الدستور الى الجمعية الوطنية المؤقتة في 15 من الشهر الحالي على ان تطرح في استفتاء في 15 اكتوبر (تشرين الاول) قبل اجراء انتخابات تشريعية جديدة بعد شهرين من ذلك. إلا ان هذه المهلة أرجئت الى 22 اغسطس (آب). غير ان المناقشات تعثرت عند نقاط عدة ابرزها مسألة الفيدرالية ومكانة الاسلام في الدستور العراقي.