شهجوم العقبة: اعتقالات تشمل سورياً واكتشاف 4 صواريخ «كاتيوشا» مزودة بأجهزة توقيت لم تنطلق في المستودع

مصادر أمنية: القذائف التي أطلقت من صنع محلي وإجراءات تفتيش على الحدود لمنع هروب المنفذين

TT

قالت مصادر أمنية اردنية امس ان عمليات تعقب عددا من الأشخاص بشبهة تنفيذ هجمات العقبة الصاروخية التي تبنتها «القاعدة» صباح أول من امس ضد مرفأ إيلات الاسرائيلي وبارجتين اميركيتين، متواصلة وقد ادت الى اعتقال أجانب، بينهم سوري كان على علاقة بالمنفذين. وافادت ان عمليات البحث تتركز على ثلاثة مواقع، بما في ذلك الطرق المؤدية الى السعودية وسورية. وأوضحت المصادر ذاتها لـ«الشرق الاوسط» ان المنطقة الاولى هي الشلالة والمزفر القريبة من الجبال المحيطة بالعقبة من الشرق، تحسباً لمحاولة المشبوهين الفرار من مدينة العقبة الى الخارج. ولفتت الى أن الهرب الى دولة اخرى ممكن لأن المدينة تقع على الحدود مع السعودية، فضلاً عن ان طول الشاطئ الاردني على خليج العقبة يبلغ 30 كم، وهو يحاذي هذه الجبال، الامر الذي قد يمكِّن الملاحقين من الفرار بحراً الى مصر.

اما المنطقة الثانية، حسبما افادت المصادر ذاتها، فهي المنطقة الحرفية الصناعية في مدينة العقبة القريبة من المطار. ويُعزى الاهتمام بهذه المنطقة الى ان الاجهزة الأمنية اكتشفت ان القذائف التي اطلقت هي من صنع محلي، الأمر الذي يثير الشكوك في أن هذه المتفجرات ربما كانت من انتاج ورشات الحدادة المنتشرة في المنطقة الحرفية. واوضحت المصادر المطلعة ان هذا الاحتمال دفع رجال الأمن الى تفتيش كافة المشاغل وورش الحدادة والمستودعات في المنطقة الحرفية الصناعية. يُشار الى ان الصواريخ الثلاثة اطلقت اول من امس من مستودع في المنطقة الحرفية شبه المهجورة، كان عدد من الاشخاص الذين يحملون الجنسية العراقية والمصرية اضافة الى سوري، قد استأجروه قبل ايام من الهجوم. واوضح وزير الداخلية الأردني، عوني يرفاس، انه «تم العثور على قاذفات الصواريخ في المستودع» الذي استعمله الارهابيون. وكان مسؤول أردني قد اكد العثور على «عوادم الكاتيوشا وآثار بارود في المستودع». وافيد بان اربعة صواريخ كاتيوشا لم تنطلق كانت في المستودع نفسه. وأوضح يرفاس: يُرجح أن هؤلاء الارهابيين كانوا قد ضبطوا اجهزة التوقيت ثم فروا الى جهة مجهولة، لكن سيصعب عليهم التواري عن الانظار في مدينة صغيرة كالعقبة. وعزا خبراء عسكريون اردنيون عدم انطلاق الصواريخ الاربعة لأسباب فنية. وكُشف عن ان منفذي الهجوم قد اطلقوا صواريخهم الثلاثة من نافذة المخزن، مما جعلهم يعجزون عن تصويبها بدقة لضمان اصابة الاهداف. وذكرت المصادر التي تحدثت لـ «الشرق الاوسط» امس ان المنطقة الثالثة التي يوليها رجال الأمن والشرطة عناية بالغة هي الحدود مع سورية التي تشهد اجراءات أمنية مكثفة من الجانب الاردني على الطرق الرئيسية، خصوصاً المؤدية الى المعابر الحدودية. وتقوم دوريات أمنية بتفتيش السيارات والركاب قرب الحدود والطرق التي تفضي اليها.

يذكر ان السيارات التي تستقطب اهتمام رجال الأمن هي تلك المزودة بلوحات عراقية وكويتية، لاسيما ان المعلومات الاولية التي توفرت في اعقاب الهجوم اشارت الى ان الارهابيين كانوا يستعملون سيارة ذات ارقام كويتية. وتخشى السلطات الاردنية ان يكون المشتبه فيهم أو أحدهم في الاقل وهو سوري الجنسية، قد لاذوا بالفرار الى سورية عبر حدودها مع الأردن. في غضون ذلك، أوضحت مصادر رسمية موثوقة لـ«الشرق الأوسط» «ان الاجهزة الأمنية غير متأكدة من تورط العامل السوري الذي اعتقل امس في الاعتداءات، إلا انه ثبت لها انه كان على علاقة بأحد الخمسة المشتبه فيهم. وأشارت الى ان استجواب هذا العامل قد يوفر للسلطات معلومات مفيدة للتحقيق. وقال محافظ العقبة، خالد عوض الله لـ«الشرق الأوسط»، انه تم القبض على عدد من الاشخاص ممن لهم علاقة بمنفذي الهجمات، بينهم صاحب المخزن الذي انطلقت منه الصواريخ.

من ناحية أخرى، أفيد ان السلطات المختصة باشرت امس تحقيقاً واسع النطاق يشمل كافة العمالة الوافدة في المنطقة الحرفية الصناعية في العقبة، وذلك بهدف معرفة علاقات المشبوهين الخمسة بالعمال الأجانب. وتضم المنطقة الحرفية الصناعية في العقبة زهاء سبعة آلاف من العمالة العربية والآسيوية الوافدة، غالبيتهم مصريون وسوريون وعراقيون وهنود وبنغال. واقيمت الحواجز العسكرية على مداخل مدينة العقبة ومخارجها لتفتيش الآليات «بحثا عن المشتبه فيهم». وافيد بأن هناك 12 حاجزا عسكريا على الطريق الممتد بين العقبة وعمان التي تبعد 350 كيلومترا. كما نصبت عدة نقاط تفتيش في عمان، الليلة قبل الماضية، قام عندها رجال الأمن بالتدقيق في الهويات الشخصية.

ورفض الوزير يرفاس الرد على سؤال حول هويات المشتبه فيهم إلا ان شهودا افادوا ان رجال الأمن يحملون عند الحواجز صورا لهؤلاء. وقال يرفاس ان «السلطات لن تنشر المعلومات التي قد تؤثر في سير التحقيق الذي سيستمر بسرية تامة». الى ذلك، لا يبدو ان الاعتداءات التي اسفرت عن مقتل جندي اردني وجرح آخر تركت اثراً كبيراً على الحركة السياحية، خصوصاً ان الفنادق لا تزال مكتظة على عادتها في هذا الوقت من السنة. وأكدت مصادر فندقية انه لم يسجل اي الغاء لحجوزات او مغادرات قبل موعدها للنزلاء. وبدت الحياة طبيعية في العقبة حيث لم تتأثر حركة الملاحة في المرفأ واستمرت بشكل طبيعي، كما ان مطار العقبة بقي مفتوحا.

وقد أعاد أمس الاردن فتح ميناء العقبة واستئناف الملاحة بينه وبين ميناء نويبع المصري، كما استأنف مطار العقبة نشاطه المعتاد. وقال محافظ العقبة ابو زيد لـ«الشرق الاوسط» ان حركة الميناء والمطار عادت الى سابق عهدها، كما واصلت الشاحنات حركتها بين عمان والعقبة، موضحاً ان العقبة تعيش حالة طبيعية في كافة المجالات. وذكر ان الحركة السياحية متواصلة كالمعتاد، وان أياً من زوار العقبة الاردنيين والعرب والاجانب لم يغادرها بعد الهجمات في الوقت الذي استقطبت فيه أعداداً كبيرة من الصحافيين ومراسلي الفضائيات ووكالات الانباء بعد الهجمات. واوضح المحافظ انه تم تنظيم زيارة للصحافيين والمصورين والمراسلين الى المستودع الذي انطلقت منه الصواريخ والمواقع التي اصابتها، بما في ذلك الساحة الرئيسية لمستشفى الأميرة هيا العسكري الذي اصيب سوره الخارجي ببعض الضرر جراء الهجوم.