غياب الاهتمام بالقضايا الخارجية والعربية في برامج المرشحين للرئاسة

TT

في ظل غياب واضح للسياسية الخارجية، وفي القلب منها القضايا العربية والأفريقية، استمرت حملة مرشحي انتخابات الرئاسة المصرية في يومها السادس، على الرغم من زخم الأحداث في فلسطين والعراق وأفريقيا هذه الأيام.

وكانت القاهرة، قد شهدت للمرة الأولى منذ فترة ليست بالقصيرة، مظاهرة لعدد محدود من الناشطين اليساريين والقوميين أمام مقر نقابة الصحافيين، رفعت شعارات حول القضية الفلسطينية ترافقت مع بدء برنامج الانسحاب الإسرائيلي من غزة. والمتابع لبرامج المرشحين للرئاسة يلاحظ انها ركزت على القضايا الداخلية على حساب السياسة الخارجية، فتجد ان برنامج المرشح الرئيس حسني مبارك، الذي نشر في ملحق لجريدة «الأهرام» في اثنتي عشرة صفحة، لم تحظ فيه السياسة الخارجية سوى بنصف صفحة معنونة بـ«مصر قوية وآمنة.. دور محوري إقليميا ومكانة متميزة دوليا»، تضمن ثمانية عناوين رئيسية، هي الحفاظ على قوة مصر وأمنها ينبني على تاريخ طويل من التضحيات قدمها شعب مصر وشهداؤها، ومواصلة دعم مصر للقضية الفلسطينية من خلال البناء على ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة لضمان تنفيذ خريطة الطريق وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ودعم بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية والاقتصاد الفلسطيني، والتضامن مع العراق والحفاظ على عروبته. ورؤية واضحة وتحرك ملموس نحو تعميق العلاقات مع السودان، وقيام مبارك بخطوات تعزز النظام العربي، وتدعم العلاقات المصرية الأفريقية، وتوثيق العلاقات مع القوى الكبرى لخدمة أهداف التنمية في الداخل وتدعيم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي سياسيا وأمنيا واقتصاديا.

واقتصر الرئيس مبارك في المؤتمر الانتخابي الذي عقده في مدينة العاشر من رمضان الصناعية في اليوم الخامس للحملة الانتخابية على إشارة لم تتجاوز بضع كلمات في خطاب استغرق ما يقرب من ساعة، أكد فيها على انه لن يقبل أي تدخل أجنبي في الشأن الداخلي المصري ولن يغامر بأمن مصر. الوفد الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد والمرشح للرئاسة، لم يشر في مؤتمره الانتخابي الأول، الذي عقد في مدينة بورسعيد الساحلية إلى رؤيته للسياسة الخارجية، ولم تتضمن حملته الدعائية في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة أية إشارة لسياسته الخارجية. وبرنامجه الانتخابي الذي نشرته جريدة حزب الوفد، لم تحظ السياسة الخارجية فيه سوى بفقرة أكد فيها أن حزب الوفد يحترم المعاهدات والمواثيق المعقودة مع الدول والمنظمات العالمية، طالما إنها تصب في مصلحة الوطن، ويرى أن علاقة مصر بالدول العربية علاقة استراتيجية غير قابلة للتهاون أو التفريط مهما بلغت درجة التفكك، ويرى أن لمصر دوراً محورياً يحتم عليها مسؤولية رأب الصدع، والعمل على تقوية الجامعة العربية، وتنقية الأجواء وتصفية الخلافات، وخلق مصالح مشتركة ومتشابكة مع الدول العربية من خلال السوق العربية المشتركة.

وبالنسبة للقضية الفلسطينية يرى الوفد ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وأن يكون للشعب الفلسطيني كامل الحقوق في الدفاع عن مقدساته وأراضيه في مقاومة مشروعة، ويرحب الوفد بكل انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة على أن يتم وفق اتفاقات ثنائية وفي ظل ضمانات دولية.

وينظر الوفد إلى السودان على انه العمق الاستراتيجي لمصر، وان كل ما يمس أمن السودان ووحدته يؤثر في الأمن القومي المصري، ولذا يرفض الوفد أي تدخل أجنبي في شؤون السودان، ويحث الدول العربية والأفريقية على الوفاء بالتزاماتها نحو السودان.

اما في ما يتعلق بالعلاقات المصرية ـ الأميركية، فان الوفد يعتبرها ذات أهمية للطرفين، وتزداد أهمية في ظل النظام الدولي أحادى القطبية، ويجب أن تقوم هذه العلاقات على مبدأ توازن المصالح، ويدعو الوفد إلى رفض استخدام المعونة الأميركية كسلاح للضغط علي مصر، ويدعو للعمل على الاستغناء عنها خلال فترة زمنية محددة.

ويدعو الوفد إلى تنشيط الاتصالات مع الإدارة الأميركية حتى لا تستفرد إسرائيل بالساحة الأميركية والتوسع في الاتصال مع منظمات المجتمع الأميركي والتجمعات العربية والإسلامية لخلق وعي عربي في مواجهة اللوبي الصهيوني.

وفي ما يتعلق بالعلاقات مع اسرائيل، يرى الوفد انه برغم معاهدة السلام فإن المؤشرات تكشف عن نيات إسرائيل السيئة تجاه مصر ودول المنطقة، ويتبدى ذلك في حرص إسرائيل على الانفراد بالتفوق العسكري في الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل، ورفضها الانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة النووية وإصرارها على تشغيل مفاعل «ديمونة» قرب الحدود المصرية، ويرى الوفد استحالة قيام علاقات طبيعية قبل انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية في سورية ولبنان وفلسطين، ويحذر الوفد من قيام أية مشروعات مشتركة مع إسرائيل في سيناء او البحر الأحمر.

ويتحدث الوفد ايضا عن العلاقات مع الدول الأفريقية، ملاحظا تراجعها، ويدعو إلى تركيز الجهود الدبلوماسية لتنشيط التعاون الاقتصادي معها، وتشجيع القطاع الخاص على الدخول في مشروعات مشتركة، وإعادة الدور الفاعل لمصر في أفريقيا من خلال منظمة الاتحاد الأفريقي ووقف التغلغل الإسرائيلي في دول حوض النيل وضرورة ربط مصر بالدول الأفريقية عن طريق شبكة طرق برية.

الغد أما الدكتور ايمن نور، مرشح حزب الغد الذي أثيرت حوله أقاويل تتعلق بعلاقاته بالولايات المتحدة الأميركية، فقد اكتفى برد الاتهامات مؤكدا عدم وجود علاقة خاصة مع الإدارة الأميركية.

وبرنامج ايمن نور المكون من 30 صفحة، لم تحظ السياسة الخارجية فيه سوى بصفحة واحدة بدأها بالتساؤل، هل يؤلمك الوضع المهين للأمة العربية، وعجز جامعة الدول العربية، ومعاناة شعب العراق والشعب الفلسطيني، وازدواجية المعايير الدولية؟

وذكر انه يؤمن بأهمية تفعيل علاقات مصر مع العالم الخارجي بصورة تكفل الأمن القومي المصري والحفاظ على المصلحة الوطنية، وأن إصلاح الشأن الداخلي المصري هو خطوة أساسية لحماية المصالح واستعادة الحقوق العربية. وقد اهتم البرنامج بالتعرض للقضايا التالية:

* وضع السودان على قمة أولويات السياسة الخارجية المصرية لأهميته بالنسبة للأمن القومي المصري.

* العمل على حل القضية الفلسطينية بصورة عادلة تكفل استعادة الحقوق الشرعية لشعب فلسطين.

* إنهاء الاحتلال الأميركي للعراق وقيام حكومة وطنية مستقلة كاملة السيادة في العراق.

* تطوير الجامعة العربية وإنشاء محكمة عدل عربية. تفعيل التعاون الاقتصادي مع دول أوروبا.

* المطالبة بإصلاح آليات الأمم المتحدة بما يكفل تحقيق العدالة وتفعيل الشرعية الدولية.

* تفعيل السوق العربية المشتركة ونزع أسلحة الدمار الشامل وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل بما فيها إسرائيل. وفي برنامج وحيد الأقصري، الضابط السابق في القوات المسلحة المصرية ومرشح الرئاسة عن حزب مصر العربي الاشتراكي حظيت فلسطين والوضع في العراق والموقف من الولايات المتحدة بموقع متميز في برنامجه الانتخابي، وباقي المرشحين ما بين منتظر للدعم الحكومي وقارئ لكف الأحداث بعيدا عن ضجيج وصخب القضايا العربية والدولية.