الفريق المدني الجديد في البنتاغون أقل آيديولوجية وأكثر توازنا من سابقه

TT

يسعى الفريق المدني الجديد في قيادة وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) منذ الأشهر القليلة السابقة، إلى صياغة سياسة أقل آيديولوجية وأكثر توازنا وتماشيا مع الكونغرس من الفريق السابق الذي حل محله، حسبما قال محللون عسكريون وأعضاء كونغرس.

وعلى الرغم من أن رامسفيلد ظل يقاوم دعوات من بعض أعضاء الكونغرس ومن مواقع أخرى باستقالته بسبب الطريقة التي تعامل فيها مع النزاع في العراق فإن نائبه وعددا من مستشاريه الكبار الذين كانوا وراء وضع تلك السياسة قد غادروا مناصبهم. فبول وولفويتز الرجل الثاني في البنتاغون ودوغلاس فيث رئيس فريق واضعي السياسات السابق قد تنحيا عن موقعيهما وهما من المحافظين الجدد الذين شاركوا في تحديد أسلوب الإدارة الأميركية للتعامل مع الملف العراقي واللذين أصبحا هدفا لانتقادات علنية حول غزو العراق وحول القرارات التي أثرت على ما ترتب عنه لاحقا.

فبعد أربعة أعوام ظل البنتاغون يجد نفسه متورطا في قضايا مثيرة للجدل مثل الهجوم الاستباقي ونوعية المعلومات الاستخباراتية قبل الحرب ومعاملة المعتقلين، وعلى عكس ذلك فإن أعضاء الفريق الجديد لم يثيروا أي ردود فعل أثناء فترة انتقالهم إلى مناصبهم الجديدة.

فغوردون إنغلاند الذي حل محل وولفويتز كنائب لوزير الدفاع ما زال يواجه التحديات في العراق وأفغانستان لكنه لم يقل شيئا بشكل علني حول هذين النزاعين أو أي قضايا أخرى تتعلق بالشؤون الدولية منذ تسلم منصبه في مايو(ايار) الماضي. بدلا من ذلك ركز على أسبقيات أكثر محدودية مثل تنسيق ممارسات البنتاغون وإعادة صياغة القوات المسلحة للتعامل مع مهمات عسكرية أقل تقليدية. أما اريك ادلمان الذي حل محل فيث كرئيس واضعي السياسات، فهو قليل الاتصال بالجمهور في واشنطن بما يتعلق المعارك الآيديولوجية لكنه يمتلك شهرة باعتباره دبلوماسيا بارعا مع شخصية سهلة في التعامل.

وهناك روبرت رانغل أحد العاملين في الكونغرس والذي كان رئيس الموظفين ضمن لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب وبدأ يعمل حاليا باعتباره رئيس موظفي رامسفيلد ويستخدم خبرته في الكونغرس للمساعدة على قبول الأخير لمبادرات الكونغرس، وهي إشارة على استعداد البنتاغون للعمل عن قرب مع أعضاء الكونغرس.

وقال مايكل أوهانلون المحلل العسكري في معهد بروكنغز «إنه ليست نوعية الأفراد في الفريق موضوع الاهتمام لأن الفريق السابق كان يمتلك قدرات كبيرة. بل بالأحرى هي قضية توازن. فهنا توازن أفضل من الفريق السابق حيث كان يبدو وكأن المحافظين الجدد هم في موقع السيطرة».

وعادة تبدأ إعادة هيكلة الكوادر المتقدمة مع الفترة الرئاسية الثانية في واشنطن. وحذر العديد من المسؤولين في وزارة الدفاع من اعتبار التغييرات التي جرت مؤشرا على وقوع أي تغير جذري في السياسات العامة. بل أن خيارات رامسفيلد تبدو وكأنها تعكس نفس الدرجة من الإخلاص والثقة.

فإنغلاند على سبيل المثال عمل لفترة قصيرة كوزير للبحرية ثم كنائب أول لوزير الأمن الداخلي كينيث كريغ وهو حاليا وكيل وزير الدفاع للممتلكات والقضايا اللوجستيكية، وبذلك يكون قد تنقل بين ثلاثة مناصب كبيرة خلال أربعة أعوام بعد احتلاله قبل ذلك منصبي كبير المحللين والسكرتير التنفيذي لمجلس ذي مستوى رفيع.

وحتى اديلمان الذي جاء من وزارة الخارجية واحتل قبل ذلك منصب سفير في تركيا له علاقات مع وجوه بارزة في الإدارة الأميركية. وكان يقدم استشارات لنائب الرئيس ديك تشيني حول قضايا تتعلق بالأمن القومي خلال السنتين الأوليين من عمرها ثم عمل تحت وولفويتز في البنتاغون في أوائل التسعينات حينما كان كلاهما في قسم وضع السياسات.

وقال مسؤول حكومي له علاقة بوضع السياسة الدفاعية والذي لم يخوَّل للتحدث في هذا الموضوع إنه «من زاوية وضع السياسات أنت لن ترى تغييرات جوهرية فيها، فلن يكون هناك سوى تعديلات طفيفة فيها». مع ذلك فإن شكل الفريق الجديد يبدو وكأنه مؤشر إلى وقوع تحول ما في نقاط التشديد وأسلوب العمل.

وأكد انغلاند، على نحو خاص، عزمه على العودة الى النموذج القديم للمساعد الذي يشرف على العمليات اليومية لوزارة الدفاع. ولم تكن هذه المهمات الادارية أبدا مسألة ملحة لدى وولفويتز، الأكاديمي السابق والأخصائي بقضايا السياسة الدفاعية الذي ترك وزارة الدفاع في يونيو الماضي ليتولى رئاسة البنك الدولي.

وأعلن انغلاند، المتمرس في صناعة الفضاء ـ وكان قد تولى مناصب تنفيذية في شركة جنرال دينامكس وشركة مارتن لوكهيد ـ ان أنظمة وزارة الدفاع القائمة تحتاج لشراء اسلحة أنظمة معقدة الى حد كبير وأشار الى عزمه اعادة هيكلة العملية. وشكل لجنة لتقديم توصيات باجراء تغييرات في نوفمبر المقبل.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»