برلمانيون عراقيون يطالبون بمساءلة وزيري الداخلية والدفاع حول كارثة جسر الأئمة

الرئيس طالباني دعا إلى تحقيق نزيه وعادل حول الخلل

TT

طالب عدد من البرلمانيين العراقيين امس، باستجواب وزيري الدفاع سعدون الدليمي والداخلية بيان باقر صولاغ امام الجمعية، وفتح تحقيق معهما حول الكارثة البشرية التي وقعت على جسر الائمة ببغداد اول من امس، وراح ضحيتها قرابة الف قتيل، واكثر من 800 جريح، فيما دعا الرئيس جلال طالباني، الى اجراء تحقيق نزيه وعادل حول الخلل الذي ادى الى مضاعفة الخسائر، محملا «الارهاب» المسؤولية .

وقال النائب بهاء الاعرجي، من التيار الصدري في مؤتمر صحافي، «نطالب باستدعاء وزيري الدفاع والداخلية لاستجوابهما امام الجمعية الوطنية، والاستفسار عما حدث منهما بشكل مباشر».

واضاف، «نحن متأكدون من وجود تقصير في عملهما، لذلك يجب ان يتم اجراء تحقيق عادل معهم وبإشراف الجمعية الوطنية».

واوضح الاعرجي، وهو عضو لائحة الائتلاف العراقي الموحد، التي تحتل اغلب مقاعد الجمعية الوطنية والحكومة، ان «الوزارات الامنية لا تتابع منتسبيها ولا تحاسبهم على ما يقومون به من اجراءات، ادى البعض منها الى زيادة ضحايا حادث الامس».

وقال ايضا، ان احد الاسباب الرئيسية التي ادت الى ازدياد اعداد الضحايا «الاطلاقات النارية في الهواء غير المسؤولة من قبل عناصر الجيش والشرطة، مما يؤشر الى ارتكاب خطأ جسيم ادى الى هذه النتائج المروعة».

واتهم خضير الخزاعي، العضو البارز في حزب الدعوة، الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري، البعثيين والتكفيريين وعناصر الارهاب، وحملهم مسؤولية التخطيط لهذه العمليات الاجرامية. ومع هذا قال ايضا «لا يمكن ان تطوى صفحة الحادث الأليم من دون تشخيص وكشف حقيقته، ايا كان مصدرها. واعرب عن خيبة امل تجاه ما وصفه بـ«السكوت على الحادث من الخارج »، وقال «سوف نبني علاقاتنا بقدر ما يتعاطف الاخرون مع قضيتنا الوطنية، ونحرم من لم يتعاطف من خيراتنا»، واكد ان الجمعية الوطنية ستقوم بالاشراف المباشر على التحقيقات التي ستجريها الهيئة المستقلة التي ستشكل لهذا الغرض.

وقال الدكتور نديم عيسى «لا توجد اتهامات ضد احد ونتائج التحقيق هي التي ستحدد الجهات المسؤولة عن الحادث، لذا نحن نطالب بفتح تحقيق موسع ومعمق للكشف عن ملابسات الحادث المأساوي». وكان اغلب حضور المؤتمر الصحافي من النواب الشيعة في الجمعية الوطنية، وقد استنكروا كذلك التصريحات التي ادلى بها وزيرا الدفاع والداخلية اول من امس، خلال المؤتمر الصحافي ونفيا تحمل اية مسؤولية عما جرى، مؤكدين«استتباب الامن في البلاد».

وفي كلمة، وجهها الى الامة امس عبر محطات الاذاعة والتلفزيون، قال الرئيس طالباني «هذه الجريمة البشعة التي ارتكبت ضد زوار هذا المرقد المقدس، تأتي دليلا على اجرام ووحشية الارهابيين التكفيريين، الذين يشنون حرب ابادة على الشعب العراقي.. فيكفرون الاخوة الشيعة، وهم المسلمون الاصلاء، وكذلك يخونون الكرد وهم المواطنون الوطنيون الحقيقيون في هذا البلد».

واكد طالباني ان «هذه الجريمة البشعة يجب ان تدفعنا جميعا الى مزيد من الاحتياط والحذر واتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع تحقيق الاهداف الخبيثة للارهابيين المجرمين».

وقال ايضا «على الحكومة العراقية بجميع هيئاتها ان تتخذ الاجراءات الكفيلة باجراء تحقيق نزيه وعادل حول الخلل الذي ادى الى مضاعفة الخسائر التي لحقت بشعبنا».

ووجه طالباني ايضا نداء لجميع المستشفيات في اقليم كردستان من اجل تقديم المساعدة العاجلة للمصابين في الكارثة، وطلب من وزارة الصحة في اقليم كردستان ان تتخذ كافة التدابير والاجراءات اللازمة لاستقبال ومعالجة المصابين. كما ناشد الجميع التكاتف والتآزر في هذه الفاجعة التي ألمت بالعراقيين جميعا.

وبحسب آخر حصيلة، افاد بها مصدر أمني الخميس، قتل 965 شخصا على الاقل، واصيب 815 بجروح، خلال الاحتفال بذكرى وفاة الامام موسى الكاظم.

واعلن ليث كبة، الناطق باسم الحكومة العراقية، في مؤتمر صحافي امس، ان هناك توجيها من رئيس الوزراء بتشكيل لجنة قضائية عليا لبحث ملابسات حادث جسر الائمة، مضيفا، سوف يتم النظر بتشكيل هيئة قضائية تهتم بالحوادث التي قد تقع في اي وقت في المستقبل.

كما امر الجعفري بتقديم مبلغ ثلاثة ملايين دينار (2055 دولارا) لكل عائلة من عائلات الضحايا، وسوف يتم النظر بتقديم مساعدات اخرى..».

واشاد ليث كبة بموقف اهالي منطقة الاعظمية السنية في مساعدتهم ودعمهم لاخوانهم الشيعة عند وقوع الحادث، وكذلك بموقف اهالي مدينة الفلوجة الذين بادروا بالقيام بحملات تبرع بالدم فور وقوع الحادث. ورفض اتهامات بعض رجال الدين والمنظمات السنية حول تورط قوى أمنية في مقتل افراد من السنة، وقال هناك عصابات ترتدي ملابس الشرطة وتقوم بهذه الاعمال، والحكومة تدين هذه الاعمال وتدين كذلك التصريحات التي يطلقها بعض الاحزاب والجهات والشخصيات، لان فيها تجاوزا على الحكومة.. وما يقال عار عن الصحة».

وحول احتمال حدوث تغيير وزاري في الحكومة بعد تكرار الحوادث الأمنية، اجاب كبة «محتمل.. وممكن».

وقد اثير العديد من التساؤلات حول قوة تماسك حكومة الجعفري بعد الحادث المأساوي على جسر الائمة. وامام هذه الفاجعة لم يتردد وزير الصحة العراقي عبد المطلب محمد علي في دعوة زميليه وزير الدفاع سعدون الدليمي، ووزير الداخلية بيان باقر صولاغ علنا الى تحمل مسؤولياتهما والاستقالة من منصبيهما.

وقال الوزير العراقي، في مؤتمر صحافي في بغداد، «انا احمل زميلي في الداخلية والدفاع مسؤولية ما حدث».

واضاف «اذا اردنا ان نقيس حادثة اليوم بالحادثة التي حصلت في لندن واهتز لها ضمير الانسانية والكرة الارضية والمجرات الاخرى فإنها لن تبلغ عشر ما حصل اليوم».

وتابع الوزير العراقي «لذلك اطالب زميلي في الداخلية والدفاع، إما تحمل المسؤولية كاملة وإما الاستقالة».

واثارت هذه التصريحات، التي نقلها التلفزيون الحكومي على الهواء مباشرة، رئيس الوزراء العراقي الجعفري، الذي استنكر في مؤتمر صحافي عقده اول من امس مع السفير الاميركي في بغداد زلماي خليلزاد تصريحات وزير الصحة.

وقال الجعفري، اقدر جهود الاخ وزير الصحة، لكن لا يمكن ان ارضى ان تكون هناك حالة تبادل اتهامات عبر شاشات التلفاز من هذا القبيل، بين وزراء الحكومة نفسها.

من جانبه رفض وزير الداخلية العراقي تحمل اية مسؤولية عن الحادث، وقال في تصريحات للتلفزيون العراقي (العراقية) الحكومي «في الواقع ان قوات وزارة الداخلية غير معنية بالمنطقة التي وقع فيها الحادث، والكاظمية أمنيا من حصة وزارة الدفاع، ونحن نتحمل مسؤولية مناطق الدورة ومناطق اخرى».

وانتقد صولاغ حجم الزائرين وقال ان «مدينة مثل الكاظمية لا يمكنها ان تستوعب مليونا ونصف المليون زائر».

واعتبر وزير الدفاع سعدون الدليمي من ناحيته ان «جسر الائمة كان مغلقا لفترة طويلة بسبب قدمه وسوء حالته، الا ان العديد من الاحزاب اصرت على اعادة فتحه امام الزوار في هذه المناسبة». وكان وزيرا النقل سلام المالكي والصحة عبد المطلب محمد علي، وهما من التيار الصدري التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، قد علقا عضويتهما في حكومة الجعفري بعد المواجهات التي حصلت بين انصار الصدر ومنظمة بدر الاسبوع الماضي، التي اسفرت عن مقتل خمسة اشخاص. ودعا الصدر، في ما بعد، الوزيرين الى العودة عن قرارهما تعليق مشاركتهما في الحكومة وقال «على اخواني في الحكومة العراقية الذين علقوا عضويتهم ان يعودوا لممارسة اعمالهم في خدمة الشعب».